Advertisement

لبنان

أديب يتلقف الرسالة ويؤجل التشكيلة... فرنسا تترقب والعين على مشاورات بعبدا

Lebanon 24
14-09-2020 | 22:43
A-
A+
Doc-P-746000-637357457798380533.jpg
Doc-P-746000-637357457798380533.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
صدم الشارع السياسي اللبناني بما وُصِف أمس بالانقلاب على المبادرة الفرنسية التي تشكل الفرصة الأخيرة المتاحة امام لبنان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وفرملة اندفاعات الازمات المتراكمة فيه نحو الانهيار الأكبر. فبدت خطورة مجريات لعبة الالتفاف المتدحرج على مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليس فقط من خلال رفع شعار الميثاقية والتحجج بما سمي حقاً ومكتسباً في الاحتفاظ بحقيبة المال للثنائي الشيعي، وانما أيضا من خلال برنامج جاهز لجولة مشاورات جديدة أعدها قصر بعبدا على عجل كأنما الاستحقاق الحكومي عاد الى نقطة الصفر ومربع البدايات، وهي مؤشرات التقطت باريس خطورتها وأصدرت تحذيرا واضحا للقوى السياسية من التنصل من تعهداتها بتسهيل ولادة سريعة للحكومة. ومع ذلك فان الأخطر الذي لاح في مجريات هذا التطور يتمثل في السعي الى اجهاض تشكيلة حكومة الاختصاصيين المستقلين التي يتمسك بها الرئيس المكلف مصطفى أديب بحيث تطرح تساؤلات خطيرة عما يمكن ان يحدث ان مضت خطة اجهاض هذه التشكيلة وماذا يمكن ان ينشأ من تداعيات خطيرة عنها في قابل الساعات والأيام القليلة المقبلة، خصوصاً وان خطوة المشاورات بدأها الرئيس ميشال عون مع رؤساء الكتل النيابية، تشكّل تجاوزاً جدياً لنص المادة 64 من الدستور الفقرة الثانية، التي تنص على معرض تحديد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء على: "يجري (رئيس المجلس) الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.. إلخ".
Advertisement

لقاء عون- أديب
وأمس التقى عون الرئيس المكلف في بعبدا، وذكرت مصادر مواكبة للقاء لـ"اللواء" ان الأخير لم يعرض تشكيلة نهائية للحكومة انما عرض افكارا وتصوراً عاماً مع بعض الاسماء للتوزير. وان المشاورات ستتواصل، وعند نضوج الصورة سوف يلتقي الرئيس المكلف مجدداً الرئيس عون، وسط توقع بحصول لقاء بين أديب والثنائي الشيعي في خلال الساعات القليلة المقبلة.

لكن التطور الاخر المهم الذي حصل، ان الرئيس عون التقى بعد اجتماعه بالرئيس أديب، عدداً من النواب ممثلي الكتل، بناء لطلب منه وكبداية لمشاوراته التي قرر إجراءها مع الكتل النيابية للوقوف على رأيها في موضوع تشكيل الحكومة، بعدما تمنّع الرئيس أديب عن القيام بهذه المشاورات، وهو ما كان موضع امتعاض عون ومعظم الكتل.

وفي هذا السياق، تجزم مصادر مواكبة لـ"نداء الوطن" ان "اللعبة أصبحت في خواتيمها" وكل ما تشهده تطبيقات المبادرة الفرنسية راهناً لا يعدو كونه مجرد "تنتيعات" ومحاولة جس نبض لإمكانية تحسين الشروط التفاوضية في الربع الساعة الأخير "على الطريقة اللبنانية"، لعل وعسى يفعل التهويل فعله في نفس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيبدي مرونة أكبر في تطبيقات مبادرته تحت وطأة الخشية من إفشالها. وتوضح المصادر أنّ دفتر "استدراج العروض" الذي تحاول قوى الثامن من آذار طرحه على الطاولة، يتراوح في أهدافه بين "حد أدنى" يتمحور حول تحقيق مكاسب شكلية ككسر الحاجز النفسي عبر تمديد المهل الزمنية، أو جوهرية كإجهاض المداورة وإبقاء "التوقيع الثالث" بيد الثنائي الشيعي، وبين "حد أقصى" يتعدى الملف الحكومي ليبلغ مستوى استشراف إمكانيات البحث في إجراء مقايضات مع باريس تتصل بموضوع العقوبات.

في الموازاة، قالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ"الشرق الأوسط" إن المهلة لا تنتهي اليوم الثلاثاء إنما في 16 أو 17 الشهر الجاري مع تأكيدها على أنها ليست ملزمة ويبقى الأهم نجاح الجهود لتذليل العقد، من تمثيل الثنائي الشيعي إلى المداورة في الحقائب إضافة إلى تولي الوزير أكثر من حقيبة، مضيفة "لذا وبانتظار ما ستنتهي إليه الجهود لم يقدم أديب تشكيلته في لقائه مع عون ولم يطرح أسماء أو صيغة حكومية، بل كان هناك تشاور حول دور الحكومة وبرنامجها في هذه المرحلة"، مشيرة في الوقت عينه إلى أن رئيس الجمهورية يقوم بمشاورات مع رؤساء الكتل أو ممثليهم حول هذه النقاط العالقة.
وفي المقابل، قالت مصادر مطلعة على مساعي تأليف لحكومة لـ"الشرق الأوسط" إن "أديب لا يزال مصرا على المداورة في الحقائب وعدم تخصيص وزارة معينة لطائفة أو قوة سياسية معينة".

"مشاورات بعبدا "!
ويستكمل رئيس الجمهورية اليوم مشاوراته اليوم مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية في ما بررته أوساط القصر بانه "بهدف المساعدة على حلحلة بعض النقاط العالقة في عملية التأليف". وهو يلتقي اليوم كلا من الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد رعد والنائب طلال ارسلان والنائب هاغوب بقرادونيان. 

وأفادت معلومات بعبدا لـ"النهار" ان رئيس الجمهورية تمنى على الرئيس المكلّف اجراء مشاورات بدوره مع الكتل النيابية والقوى السياسية "اذ انه لا يمكن فرض تشكيلة حكومية لا تحظى بالتوافق الداخلي لتكون قادرة على نيل الثقة وعلى اجراء الاصلاحات المطلوبة والتي تتطلب التفافاً حولها من كل الكتل".
وأفيد ان عون سأل من التقاهم عن وجهة نظرهم من الملف الحكومي بما يساعد على ايجاد مخرج. ومن الاسئلة التي طرحها الموقف من المداورة لاسيما في الوزارات السيادية وابرزها المال والداخلية، ومن شكل الحكومة وفِي من يسمي الوزراء.
وعُلِم أن عون طرح على ممثلي الكتل أسئلة تتعلق بشكل الحكومة والمداورة في الحقائب الوزارية وكيفية وصلاحية تسمية الوزراء وهل يمكن للرئيس المكلف تسمية وزراء نيابة عن الاطراف السياسية ورئيس الجمهورية، وقال ان البلاد تمر بظروف واوضاع خطرة تستوجب التعاون، وان المداورة لم تعتمد في الحقائب الوازرية منذ 15 سنة، علما ان الدستور لا ينص على احتفاظ طائفة معينة بحقيبة معينة.

وحسب المعلومات، كان رد النواب حول موضوع المداورة بالحقائب: ماذا يقول الطائف؟ فرد عون: ان لا حقيبة مخصصة لطائفة معينة. فقال النواب: اذا نحن مع الطائف، فيما اكد كرامي انه برغم ذلك فالأولوية تبقى للاستقرار الداخلي وعدم خلق توترات كبيرة.

واوضح النواب ان حصر حقيبة وزارية ليس ميثاقياً، وما اتفق عليه حول الميثاقية تم دمجه في دستور الطائف، وقد طرح موضوع تخصيص المالية للشيعة في الطائف لكن تم استبعاده عن النقاش. والا لكان أدخل في الاصلاحات التي جرت لاحقاً.واذا كان لا بد من اعتماد هذا الامر فيجب تعديل الدستور لتخصيص الحقيبة لطائفة معينة.

وحول من يسمي الوزراء لا سيما المحسوبين على رئيس الجمهوية؟ سأل احد النواب عون: وهل وافقت على ان يسميهم الرئيس المكلف، فرد عون بالنفي قائلاً لهذا اسألكم. لكن النائب قال: ان تشكيل الحكومة يتم في الخارج، فنفى عون ذلك وقال لا، نحن نشكلها ونحن نشرف على اتصالات تشكيلها.

وقال نائب آخر: حسب الدستور الرئيس المكلف يشكل الحكومة بعد التشاور مع الكتل، والان الفرصة مؤاتية ولا تأتي مرتين فالمجتمع الدولي يقف معنا لكن لديه شروطه هذه المرة. ويجب علينا العمل على استعادة ثقة المجتمع الدولي وثقة الداخل اللبناني. واستعادة الثقة لا تتم بتركيبات قديمة غير دستورية وغير منتجة.
واجرى رئيس الجمهورية اتصالاً هاتفياً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يوفد ممثلاً عن كتلته، للمشاركة في هذه المشاورات. ورجحت مصادر مواكبة للمشاورات ان يزور بري اليوم رئيس الجمهورية للتشاور في كل الملف الحكومي.

وينتظر من هذا اللقاء مع الرئيس بري ومع رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة"  ان يتبلور الموقف النهائي للثنائي الشيعي اليوم من كل التفاصيل المتعلقة بالتشكيلة الوزارية، وشروطهما للمشاركة لتبنيها او مقاطعتها. 

وقد اعتذر عن المشاركة كتلة   "القوات اللبنانية" وكتلة "اللقاء الديموقراطي" باعتبار ان كلاً منهما حدد موقفه في الاستشارات السابقة.

في المقابل، وصفت أوساط نيابية المشاورات التي دعا إليها عون ممثلي الكتل للتشاور في التشكيلة الحكومية المرتقبة بأنها مشاورات "بدل عن ضائع" تعويضاً عن دور مفقود أراد أن يلعبه في تشكيل الحكومة خلال فترة التكليف، مشددةً على أنّ "أي تغيير لن يطرأ على خارطة المواقف النيابية بدليل مقاطعة تكتل الجمهورية القوية واللقاء الديمقراطي مشاورات بعبدا وثبات مختلف الكتل الأخرى على مواقفها".

وعلمت "الشرق الأوسط" ان عون لم يتطرق الى اسماء الوزراء، وحرص على ان لا يظهر بمظهر المتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف، لكنه ركز على أمرين، الاول هو مدى القبول بتخصيص وزارة المال للطائفة الشيعية، والثاني هو مدى القبول باختيار الرئيس المكلف الوزراء من دون استشارة القوى السياسية. وقد اجابه الجسر بأن لا نص دستورياً يتيح تخصيص وزارة لطائفة، وان الأمر يحتاج تعديلًا دستورياً. وأكد الجسر حق الرئيس المكلف باختيار فريق عمل متجانس، ويعود لمجلس النواب منح الثقة أو حجبها.

باريس على موقفها 
وإذ نقلت وسائل إعلام محلية ان الرئيس الفرنسي سيتصل بالرئيس المكلف ليطلع منه على آخر التطورات الحكومية، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا ذكرت فيه بان جميع القوى السياسية اللبنانية تحتاج الى الوفاء بتعهداتها بتشكيل حكومة على وجه السرعة. وأشارت الى انه تم تذكير هذه القوى مرارا بضرورة تشكيل حكومة بسرعة لتكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات الأساسية والامر متروك لهذه القوى لترجمة تعهدها الى أفعال دون تأخير وهذه مسؤوليتها.

وكشفت مصادر معنية لـ"النهار" ان المتصلين بالجانب الفرنسي بعد ظهر امس لمسوا تصلبا اكثر من أي وقت سابق لدى باريس في شأن تنفيذ ما اتفق عليه بين الرئيس الفرنسي والمسؤولين والقوى السياسية في لبنان ككل متكامل لا يخضع لاشتراطات وتعديلات. وإذ تفهم الجانب الفرنسي ضروة تمديد المهلة لولادة الحكومة لفترة لا تتجاوز 48 ساعة فانه في المقابل لن يتسامح ابدا ان ثبت لديه ان ثمة اتجاهات الى الإخلال بالتعهدات التي قطعها الافرقاء اللبنانيون. وتخوف المتصلون بالجانب الفرنسي الا يكون الذين يحاولون الالتفاف على تشكيلة أديب والمبادرة الفرنسية مدركين الخطورة التي ستترتب على اجهاض هذه الفرصة واحتمالات تسليط عصا العقوبات على لبنان وعزله في حال المضي في حسابات خاطئة وقاتلة كهذه . 

مساع لتجنب العقوبات
وفي مجال آخر، كشفت المصادر لـ"نداء الوطن" عن "مساع ووساطات يقوم بها عدد من الأطراف اللبنانية ترمي إلى البحث في إمكانية تأجيل دفعة العقوبات الأميركية التي كانت مقررة الأسبوع الجاري إلى وقت لاحق مقابل تأكيد تجاوب الأفرقاء المعنيين بهذه العقوبات مع موجبات المبادرة الفرنسية الحكومية"، لافتةً إلى أنّ "المعطيات الخارجية تفيد بأنّ حزمة العقوبات الجديدة ستطال شخصيات بارزة من عدة طوائف، لكن أكثر ما يقلق "حزب الله" هو تأثيرات العقوبات على "التيار الوطني الحر" خصوصاً في ضوء التعديلات التي طرأت أخيراً على مواقف رئيس التيار جبران باسيل في عدة ملفات، ومن هنا قد يسعى الحزب عبر الضغط في الملف الحكومي إلى محاولة تخفيف الضغط عن حليفه المسيحي وإحداث أي تعديل ممكن في جدولة العقوبات الأميركية عبر البوابة الفرنسية بما يتيح تجنيب باسيل تجرع كأس العقوبات في هذه المرحلة الحرجة التي يجد نفسه فيها محاصراً على أكثر من جبهة داخلية وخارجية ولن يكون بمقدوره الصمود والثبات طويلاً على ضفة التحالف مع "حزب الله" في حال استهدفته كماشة العقوبات".
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك