Advertisement

لبنان

هذا ما نحتاج إليه لترميم الجسور مع السعودية

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
07-11-2021 | 02:00
A-
A+
Doc-P-883477-637718704254399682.jpg
Doc-P-883477-637718704254399682.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

قبل حرب اليمن، وقبل التوترات بين الرياض وطهران على خلفية أكثر من ملف، كانت العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية على خير ما يرام، وكانت توصف بأنها "ممتازة وأخوية"، وهي بدأت منذ قيام المملكة في عهد الملك عبد العزيز بن سعود، وبعده بالأخصّ في عهود الملوك فيصل وفهد وعبدالله وسلمان

فالرياض وقفت إلى جانب لبنان في كل محنه وظروفه الصعبة. وما تدّخلها الإيجابي في الطائف لدفع اللبنانيين إلى وقف التخاطب بلغة المدفع سوى عيّنة من عيّنات كثيرة أثبتت فيها المملكة إستعدادها الدائم لمساعدة لبنان وتقديم الدعم له، معنويًا ومادّيًا، مع إعترافها بفضل اللبنانيين الذين عملوا فيها، والذين كانوا من المساهمين في تطوير بعض القدرات لدى إخوانهم السعوديين، وفي النهضة العمرانية وفي الحداثة.

فاللبنانيون الذين يعيشون في المملكة، ومنذ سنوات طويلة، يشعرون بأنهم يُعاملون كأهل البيت، وهم يبادلونهم الإحترام بمثله، والمودّة بأحسن منها، إلى حدّ أنهم باتوا يعتبرون المملكة بلدهم الثاني، بغض النظر عن الفوائد الجمّة التي كان لبنان يجنيها من خلال التحويلات المالية، والتي تُقدّر بنحو ملياري دولار أميركي سنويًا. وهذا ما ساعد لبنان كثيرًا على الحفاظ على توازن ميزانه التجاري، وذلك بفعل التفاوت في نسب الواردات والصادرات، وإعتماد لبنان على الإقتصادي الريعي.

وإن ننسى فلن ننسى أن معظم السعوديين، مع غيرهم من الأشقاء في دول الخليج العربي، كانوا يفضّلون قضاء فصل الصيف في الربوع اللبنانية على أي بلد آخر قبل الحرب الأهلية، وأستمرّوا بالتوافد إليه بعد إنتهاء الحرب، وبعد توافق اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية، إلاّ أنه توقّفت مع بداية "الربيع العربي".

فهذه العلاقة، وعلى مدى سنوات لم تشوبها أي شائبة، بل كانت مضرب مثل لدى الأقربين والأبعدين.

ولكن، ومنذ أن توترّت العلاقة بين الرياض وطهران، وما كان لها من إمتدادات وتفاعلات في كل من العراق واليمن والبحرين ولبنان، من خلال التدّخل الإيراني في الشؤون العراقية الداخلية من خلال الحشد الشعبي، ومن خلال تورّط الإيرانيين في حرب اليمن من خلال مدّ الحوثيين بالسلاح والدعم السياسي واللوجستي، وفي البحرين من خلال التأليب على النظام، وفي لبنان من خلال تنامي نفوذ "حزب الله" وإنغماسه في حرب اليمن، ولو بصورة غير مباشرة، مع أن لقوى الممانعة نظرة مختلفة عمّا تقدّم، وهي تناقض في حيثياتها ما يجمع عليه أغلبية اللبنانيين، الأمر الذي أوجد إختلافًا في وجهات النظر، ولكل من الفريقين منطقه وأسلوبه في التعبير وفي الدفاع عن وجهة نظره.   

فما يجري اليوم بين لبنان والسعودية قد لا يعود فقط إلى تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، التي وصفت بأنها بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ولا إلى وقف الرياض منذ مدة استيراد الخضار والفاكهة من لبنان بسبب تهريب المخدرات إلى أراضيها عبر لبنان، بل هي نتيجة طبيعية للتنافس القديم - الجديد بين السعودية وإيران على النفوذ في المنطقة وفي لبنان بالتحديد، بعدما جعل البعض منه منصّة لإطلاق المواقف المعادية تجاه المملكة، والتي إعتبرها السعوديون مشابهة للمسيّرات التي يوجهها الحوثيون إلى الأراض السعودية.

فهل تنطبق هذه النظرية على واقع الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبيروت بعد تصريحات قرداحي الرافض أن يستقيل بحجّة أنها لن تقدّم ولن تؤخرّ؟ مع العلم أن الأجواء السائدة في الإقليم لا تعكس هذه الأجواء التي يحاول البعض تسويقها لغايات معروفة.   

 لا يخفى على أحد مدى إنعكاس هذا التصعيد سلباً على لبنان في هذه المرحلة الحرجة، في وقت تحتاج الحكومة أكثر من أي وقت مضى إلى اعادة ترتيب علاقاتها مع دول الخليج وخصوصاً السعودية، وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة، فيما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، إضافة إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الوزراء أنفسهم بعد "زوبعة" تطيير جلسات مجلس الوزراء وإشتراط العودة إلى طاولته بـ "تطيير" المحقق العدلي في إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار المكفوفة يده حاليًا.

وعلى رغم كل هذا نجد من يطالب الحكومة بالإستقالة في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان إلى العمل الحكومي أكثر من أي يوم آخر، لأن إطلاق بعض الوزراء النار على أقدامهم لن يؤدي إلاّ إلى مزيد من التفاقمات، مع العلم أن اصطفاف بعض القوى السياسية الى جانب قرداحي، في عدم تقديم إستقالته، من شأنه تهديد مصير الحكومة، خصوصًا أنه لا يزال يرفض التجاوب مع دعوتي الرئيس نجيب ميقاتي إلى "تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية".

فما نحتاج إليه اليوم لإعادة ترميم الجسور بيننا وبين السعودية هو إعادة عقارب الساعة قليلًا إلى الوراء، إلى اليوم الذي كان فيه لبنان مزدهرًا بفعل علاقاته الخارجية القائمة على الإحترام المتبادل وعلى نأي نفسه عن كل ما لا يصبّ في خانة مصلحته وبحبوحته.

 

 

 

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك