كتب طوني عيسى في" الجمهورية": مشكلة الأقطاب الموارنة مع الرئاسة تبدو أكثر عمقاً. وتوحي المعطيات بأنّهم جميعاً خسروا حظوظهم فيها: ففي صفّ 8 آذار، باسيل محروق أميركياً بالعقوبات، وفرنجية أحرقته أزمة قرداحي، بعدما أطاحت برصيده مع السعوديين. وأما جعجع وسائر أقطاب 14 آذار فمحروقةٌ حظوظهم دائماً منذ أن قامت دولة ما بعد الطائف.
وفوق ذلك، تدور معارك مسيحية قاسية على محور باسيل- جعجع ومحور باسيل- فرنجية. كما يخوض الجميع معارك شرسة على محاور طائفية أخرى، في توقيت حسّاس، وأبرزها حرب باسيل مع الرئيس نبيه بري. ونتائج هذه المواجهات ستنعكس على مستقبل الزعامات المسيحية وحظوظها في الوصول إلى موقع الرئاسة.
فهذا التشرذم المسيحي يبرِّر للقوى النافذة، داخلياً وخارجياً، أن تقفز فوق الأقطاب المسيحيين وتختار رئيساً «وسطياً» للجمهورية أو شخصية من خارج السباق.
ويتردَّد أنّ شخصيات مارونية عدة، من خارج صف الأقطاب، بدأت تقوم بعملية جسّ نبض استعداداً للمعركة الرئاسية. وفي اعتقاد البعض أنّ البلد قد يكون ذاهباً إلى مؤتمر وتسوية على غرار الطائف، وهي ستنتج سلطة مشابهة لتلك التي أرساها هذا الاتفاق مطلع التسعينات من القرن الفائت، وقضت باختيار «وسطيّ» في موقع الرئاسة.
وثمة قوى محلية وخارجية تحبذ العودة إلى هذا الخيار مع نهاية عهد الرئيس عون. والفشل الذي سقط فيه هذا العهد، على مدى 5 سنوات حتى الآن، يشكّل ذريعة للقائلين بضرورة العودة إلى «الرئيس التوافقي»، واستنتاج أنّ تجربة «الرئيس التصادمي» (أي «القوي»، وفق تعبير فريق عون) كانت كارثية على البلد.
ولكن، هل يكون الأقطاب المسيحيون في وضعية الضعف، بحيث يتاح فعلاً إقصاؤهم عن كرسي الرئاسة الأولى؟ وهل تجمعهم المصيبة مرّة أخرى، كما في العام 2016، فيتفقون على احتكار الموقع أم إنّ الأحقاد التي نمت خلال عهد عون ستدفعهم إلى خيار «عَليَّ وعلى أعدائي يا رب»؟
على الأرجح، يستخدم باسيل استراتيجية عون نفسها للوصول إلى الرئاسة، أي الرهان على «حزب الله» والتعطيل واللعب «صولد». فهو يريد أن يكون هو صاحب الحظ الأوفر إذا جرت الانتخابات. وأما إذا تعطّلت، وخسر باسيل فرصته، فسيكون عون بالمرصاد: سيتمسّك بموقع الرئاسة، ولن يغادره حتى إشعار آخر. وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث