Advertisement

لبنان

العنف ضد المرأة يقلق المجتمع.. مسؤولية جماعية والدولة تتصدى

نايلة عازار - Nayla Azar

|
Lebanon 24
26-11-2022 | 02:30
A-
A+
Doc-P-1014396-638050523139322563.jpg
Doc-P-1014396-638050523139322563.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
حلّ يوم أمس، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، لكنه مرّ أكثر من عادي في لبنان، الذي يعاني من ارتفاع في عدد المعنّفات، لا سيما في فترة الحجر المنزلي نتيجة جائحة "كورونا". ولا تزال أرقام حالات التعنيف هذه غير دقيقة، نتيجة الخوف من "الفضيحة" والسلطة الذكورية التي تمنع هكذا إعلان، وبالتالي المحاسبة. 
Advertisement

فلاّح: العنف ضد المرأة أساسه ثقافة مجتمعية 
الباحث في قضايا حقوق المرأة والطفل المحامي ميشال فلاّح، أوضح، أن "العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع دون آخر. وتشير الإحصاءات إلى أن إمرأة من اثنتين تتعرّض للعنف في العالم. وبحسب تعريف الأمم المتحدة، فإن العنف الممارَس ضد المرأة هو "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتّب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية". وقد سعت الأمم المتحدة إلى مكافحة هذه الظاهرة، واعتمدت في قرارها 48/104 الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، وحدّدت يوم 25 تشرين الثاني "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة" لتعريف الشعوب والمجتمعات إلى خطورة هذه الظاهرة التي تسبّبت بمقتل نساء كثيرات حول العالم".
 
وأضاف فلاّح في حديث لـ"لبنان 24": "شكّلت الأوضاع المعيشية والصحية والإقتصادية الصعبة في لبنان، خلال السنوات الماضية، سبباً رئيسياً في ارتفاع معدّلات الجرائم، ومن أبرزها جرائم العنف ضدّ النساء والفتيات. وفي حين أنّ هذه الجرائم ليست قضية خاصة، بل قضية مجتمعية ووطنية، يصبح التصدّي لها مسؤولية جماعية أيضاً، وبالتالي، لا بدّ من رفع الصوت ونشر الوعي والإضاءة على سبل التبليغ ومساندة الناجيات".
 
وعن المنظومة القانونية الحمائية، أكد المحامي ميشال فلاّح، أن "القوانين تُمثّل عنصراً رادعاً في مكافحة العنف ضد المرأة، إلا أن الزيادة الصادمة في العنف ضد المرأة إبان جائحة كورونا، والتي تعدّت في بعض الدول المتقدّمة مثل فرنسا الـ 30%، أظهرت أن بعض المجتمعات لا تزال تعاني من غياب الثقافة المجتمعية، وأن النظرة إلى المرأة لا تزال تخضع لمنظمومة من التقاليد والأعراف تحكمها العقلية الذكورية.
 
فالتنشئة الأسرية لها دور كبير في تكريس المساواة بين الرجل والمرأة، أو تكريس النظرة الدونية إلى المرأة كجزء من الفئات المهمّشة التي من المقبول إجتماعياً تعنيفها، أو مصادرة رأيها. وليس تزويج القاصرات إلا دليلاً على هذه التجاوزات التي تحصل بحق بعض النساء. 
 
أما بالنسبة إلى القانون الذي يحمي المرأة (وسائر أفراد الأسرة، نظرياً) من العنف في لبنان، اي القانون رقم ٢٩٣/٢٠١٤ فهو ينقسم إلى قسمين، عقابي وحمائي. في الأول، تشدّد العقوبات على بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني في حال ارتُكبت بين أفراد الأسرة، كما يجرّم الضرب والإيذاء. وفي الثاني، يشمل أمر الحماية الذي يمكن للضحيّة طلبه بهدف إبعاد المعنِّف عنها وعن أطفالها عبر إبعاده عن المنزل، أو نقلها مع أطفالها إلى مكان آمن.
 
وهذا القانون، لا يجرّم فعل إكراه الزوجة على الجماع أو الإغتصاب الزوجي بحدّ ذاته، إنّما الضرب والإيذاء والتهديد التي يلجأ إليها الزوج للحصول على "الحقوق الزوجية". ولكي يُعاقب المعنِّف، يجب أن تتقدّم السيدة بشكوى قضائية، في حين أن إسقاطها للشكوى يوقف ملاحقة المعنِّف. أما العلاقات التي لا يشملها قانون 293 فهي الزواج السابق، إذ لا يشمل القانون الزوج السابق، علماً أن المرأة غالباً ما تبقى مُهدَّدة من قبله، وبالإجمال أي علاقة خارج إطار الزواج الصحيح المعترف فيه قانوناً.
 
كما تحدث قانون العقوبات اللبناني عن جرائم العنف الجنسي، وهي المُدرَجة ضمن الفصل السابع منه، والتي تنص على سلسلة عقوبات تجاه حالات مختلفة من الإعتداءات الجنسية، وتميّز بين الإعتداء على البالغ أو القاصر، وتشدَّد العقوبة كلما كانت الضحية أصغر عمراً. فتنص المادة 503 من قانون العقوبات، مثلاً، على معاقبة "من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره."

بالمقابل، يعتبر فلاّح أن "العديد من النساء كسرنَ حاجز الصمت، خصوصاً بعد إقرار قانون "حماية النساء وباقي أفراد الأسرة" رقم 293 الذي أقرّ في 2014، وبعد حملات التوعية التي تقوم بها منظمات تعنى بشؤون المرأة. لكن، في المقابل، لا تزال هناك قصص كثيرة خلف الأبواب لم تُروَ. وقد كشفت الحوادث الأخيرة التي قُتل فيها عدد من النساء على أيدي أزواجهن بطريقة وحشية، أن العوائق أمام حماية المرأة لا تزال كبيرة أمامهن. فالمشكلة إذن ليست في وجود قوانين، بل في تطبيقها والتساهل مع مرتكبي العنف، وفي اعتراف المجتمع بأن الخلافات الأسرية قابلة للحل عن طريق المحاكم، وليست حالات خاصة يحكمها مبدأ "العَيب" و"التستّر". وفي هذا السياق، يُعتبر "العرض والشرف"، هاجساً يمنع 6 من أصل 10 نساء تعرّضن للإعتداء الجنسي في لبنان من التبليغ عن الجريمة، فيما 71% منهن يعتبرن أن المجتمع يرى بالدرجة الأولى في الجريمة، اعتداء على "عرض العائلة"، قبل أن يكون اعتداء جسدي ونفسي على المرأة".

ولفت المحامي ميشال فلاّح، إلى أننا لا يجب أن ننسى "الأطفال الذين يعيشون في أسرة معنّفة على أنهم "ضحايا الظل" لما للعنف الذي تتعرّض له الأم من انعكاسات خطرة على نفسية الطفل، تبدأ من مرحلة الطفل الرضيع حتى مرحلة ما بعد البلوغ. ومن أخطر هذه الأثار، عندما يقوم الطفل بتبرير العنف ويطمح لتبنّي أفكار والده. أما الفتاة فقد تتكوّن لديها قناعة بكونها "ضحية"، وأن العنف هو ظاهرة معتادة ومقبولة.
 
كما أن الأطفال الذين ينشأون في أسرة معنّفة يصبح لديهم مَيل أكبر لإستخدام العنف، إن كان في المدرسة أو في الشارع، ويتعرّضون أكثر من غيرهم لحالات الإكتئاب والتأخّر المدرسي والإنطواء".

بلوط: إضراب القضاء أخّر المحاسبة

وفي الحديث عن العنف ضد الأطفال، أشارت مستشارة قسم المناصرة والحماية القضائية في جمعية "حماية"، باسمة رماني بلوط، إلى أن العمل مع القاصرين لا يقتصر فقط على الفتيات، بل أيضاً على الذكور الذين يتعرّضون بدورهم للعنف، لا سيما من هم دون الـ18 سنة، وهم يتابعون لبرامج متابعة إجتماعية ونفسية بشكل متوازن، إضافة إلى برنامج الوقاية، مشدّدة على أن هذه البرامج تقوم على نشاطات توعوية للأطفال تتناول سبل الإهتمام بالذات وكيفية حماية النفس، وسبل الإستعمال الآمن للإنترنت، إضافة إلى موضوع الصحة الجنسية، وإلى العديد من المواضيع الأخرى، التي تجري بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية.
 
ولفتت بلوط في حديث عبر "لبنان 24"، إلى أن العمل مع الفتيات يكون أكبر، خصوصاً لناحية إدارة وضعهن المادي وسبل توجيههنّ إلى المهن، مشدّدة على أن إحصاءات جمعية "حماية"، تشير إلى أن الأعداد متقاربة في مجال العنف للقاصرين والقاصرات، خصوصاً في موضوع العنف الجسدي، في حين أن العنف الجنسي هو أكبر لدى الفتيات، وهذا مردّه إلى موضوع الزواج المبكر.
 
وحول عمل الجمعية مع القوى الأمنية، أكدت بلوط، أن العمل دائم مع القوى الأمنية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر باعتداء جنسي على فتيات من خارج العائلة، حيث يتم العمل سريعاً لحمايتها في مرحلة ما بعد الإعتداء، لأن الإنتقام قد يكون سريعاً منهنّ من الجاني، وبالتالي، يتم العمل على حمايتها أولاً، ومن ثم العمل مع الأهل للتعامل بطريقة صحيحة مع هذه الحادثة، مشدّدة على أن التدريبات تقوم على أعلى المستويات مع القوى الأمنية، وتحديداً في كيفية التعامل مع الطفل، وطريقة الأخذ بإفادته على محمل الجدّ.
 
أما في ما يتعلق بالتعاون مع القضاء، أثنت بلوط على الجهود التي تقوم بها وزارة العدل في هذا الإطار، معربة عن أسفها لاستمرار إضراب القضاة، نظراً لما له من تأثير سلبي على سير التحقيقات والمحاكمات، ما يحتّم العمل بشكل مضاعف، على الرغم من تجاوب قضاة الأحداث في كثير من الأحيان، إلا أن الموضوع يتعلق بأطفال، ما يحتّم تحرّكاً أسرع.  
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك