Advertisement

لبنان

لبنان يتخطّى مرحلة "الجشع التضخّمي".. دخلنا المرحلة الأخطر!

زينة كرم - Zeina Karam

|
Lebanon 24
28-11-2022 | 05:30
A-
A+
Doc-P-1014993-638052286380071667.jpg
Doc-P-1014993-638052286380071667.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
"المال السّايب بيعلّم الناس الحرام". هكذا بات الوضع في لبنان، حيث أنّ التفلّت والفساد بلا رادع خلقا طمعاً غير منطقي لدى العديد من التجار والصناعيين، ما أدّى إلى خلق مفهوم قائم على الجشع والتضخّم. وحين يتمّ جمع هذين التعبيرين اللذين أصبحا من صُلب الهوية اللبنانية، نصل إلى مفهوم بات مستقطباً عالمياً وهو "الجشع التضخمي"، أي Greedflation.
Advertisement
لتبسيط الأمور، الموضوع يكمن باستغلال التجار والصناعيين وأصحاب الشركات الكبرى للتضخّم كحجة لرفع الأسعار وجني أرباح طائلة.

ولد مفهوم "التضخم الجشعي" في لبنان من رحم وقائع حادّة شهدتها البلاد أدّت إلى تقدّم مستويات التضخم حتى باتت من بين الأعلى عالمياً بفعل المؤسسات الرقابية الهشّة، الأزمة النقدية والاقتصادية الكبرى وتفلت سعر الصرف وغيرها. ويتزامن ذلك مع إحدى أبهى حلل الجشع التي اكتسحت المشهد، الكامنة بالإحتكار والتحكم بأسعار السلع مهما كان نوعها في السوق شرط خفض كميتها المعروضة في ظلّ الطلب المرتفع عليها، وبالتالي إجبار المواطن على شراء ما يحتاج إليه بأسعار مرتفعة وغير منطقية في الكثير من الأحيان، ما خلق أزمة اجتماعية حادة وسّعت الهوّة بين الطبقتين الميسورة والفقيرة.

حقيقة مفهوم الـGreedflation
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير الإقتصادي، البروفسور بيار الخوري أن الجشع التضخمي هو مفهوم غير موثق في الادبيات والنظريات الاقتصادية الكبرى، ومعناه الأساس استغلال الحاجة الاقتصادية لممارسة نوع من السلوك الاحتكاري السعري في ظروف قلة العرض والحاجة الماسة إليه، مشيراً إلى أنه يرتبط بالاجمال بزيادة الطلب القائمة على توقع المزيد من الارتفاع السعري بسبب القلة او الحاجة الى التخزين وغيرها من الأسباب.
وفي حديث لـ"لبنان 24"، لفت الخوري إلى أنه يتمّ النظر بين العديد من الاقتصاديين الاميركيين الى مفهوم الجشع التضخمي بصفته اداة استقطاب سياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، أكثر مما هو حقيقة اقتصادية ثابتة.
وأضاف: "تستند هذه النظرة في الغرب الى كفاءة الاسواق القائمة على الحوكمة الرشيدة للاقتصاد التي تمنع تقييد العرض وتتيح بروز بدائل وعارضين جدد، بما يعيد السعر دوماً الى المستويات التي يحددها كل من العرض والطلب غير الاحتكاريين، مع الاخذ بعين الاعتبار شروط النقلات النوعية التي تؤدي لارتفاع الاسعار، مثل زيادة الدخل والثروة، تغير التفضيلات والاذواق، تغير اسعار البدائل او التوقعات السعرية المستقبلية".

كيف هو الوضع اللبناني؟
وكشف الخوري أنه في لبنان لا يمكن تشبيه الوضع بتاتاً بالاسواق العالمية شديدة التنافسية وشديدة الحوكمة السعرية، قائلاً إن "لبنان لم يشهد يوماً وخاصة بعد انفجار الازمة عام 2019 وتحلل مسؤولية القانون، اقتصاداً تنافسياً كاملاً، بل على العكس أدت الازمة لسيطرة نوع من اقتصاد احتكار القلة غير المعلن الى تطور مجموعات مصالح خاصة تفرض السعر المناسب لتعظيم الارباح خارج اي حوكمة سعرية".
وفي هذا السياق قدّم الخوري العديد من الامثلة "أولها السوق الموازية للصرف الاجنبي والتي توسعت بسبب ضياع الادوار التقليدية للسلطة النقدية وادواتها من سعر الفائدة الى التدخل في سوق السندات الحكومية لضبط سعر الصرف، بل يمكن القول ان السلطة النقدية قد باتت خاضعة للقوانين التي تفرضها هذه المجموعات التي تتحكم بسعر الصرف غير الرسمي".
والمثل الآخر يتمثّل بحسب الخوري بالدولار الجمركي حيث سمحت المدة الزمنية الطويلة جداً بين إقرار التوجه نحو زيادة الدولار الجمركي وإقراره فعلياً، بتخزين واسع للبضائع لإعادة بيعها بهامش تجاري أوسع بعد اعتماد الدولار الجمركي الجديد.
ومثل ثالث شكل ظاهرة خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة وفق البروفسور الخوري، تمثل بإخفاء البضائع وعرضها في السوق الموازية بأسعار خيالية خاصة في الدواء، المحروقات وبعض المواد الاساسية الاخرى، وأضاف: "قس على ذلك حيث تنضح الذاكرة بالكثير من السلوك الجشع المقرف الذي أدى إلى إرغام المواطن- المستهلك على دفع فاتورة التضخم مضاعفة".

"تخطينا مرحلة الجشع التضخمي !"
وختم الخوري حديثه محذّراً من أن "ما هو اكثر إيلاماً من الجشع التضخمي في لبنان، هو ظاهرة "أكلة عظام الجيف" المعروفين بالـScavengers وهو تعبير مأخوذ عن القوارض الحيوانية التي تلتهم بقايا الجثث بعد ان تكون حيوانات الغابة قد نهشت والتهمت كل لحمها".
ويعتمد الخوري هذا التعبير المجازي بهدف التفسير "أننا في لبنان تخطينا مرحلة الجشع التضخمي بفعل الأزمة المستفحلة، فلم بعد يكفي نهش المواطنين وتعزيز إفلاسهم، بل حتّى أنه يتمّ إرغام الفئة الفقيرة جداً على الدخول في عالم الجريمة المنظمة من الاتجار بالمواد الفاسدة الى الاتجار بالرقيق الابيض والاعضاء البشرية الى ما هناك من البنى المرتبطة بالجريمة المنظمة التي تتغذى من غياب الدولة وتراخي اجهزتها وفي بعض الحالات تواطئ هذه الاجهزة مع هذا العالم الوسخ من الجريمة"، معتبراً أن ظاهرة الجشع التضخمي أسهل بكثير من ظاهرة "أكلة عظام الجيف".
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك