Advertisement

لبنان

بلدٌ وكأنه يُحتضر..

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
03-09-2018 | 05:25
A-
A+
Doc-P-507513-636715749459070743.jpg
Doc-P-507513-636715749459070743.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على هامش المشهد السياسي المتبلّد، لا شيء يدعو للتفاؤل. على العكس، تقريباً كل ما في البلد مدعاة لليأس والقرف والخوف من المجهول المقبل.. المشاهد المهينة في مطار بيروت، زحمة السير غير المبررة، النفايات المنتشرة في كل مكان والمحارق المنتظرة، تلوث البحر وغياب الفرص وتراجع السياحة، تعاظم الفساد وتزايد معدلات الجريمة، بدء عام دراسي وسط تخبط كبير في المؤسسات التعليمية على خلفية سلسلة الرتب والرواتب وصرف مئات المدرسين من دون مبرر، وفوق ذلك الحديث عن مخاوف من انهيار اقتصادي ومالي... أما عدم وجود حكومة تتابع شؤون الناس فتفصيل بسيط عابر وفق ما تَشي به ممارسات أهل السلطة.
Advertisement

إلى ذلك، هناك ما هو أبعد من الفساد وفضائح أهل السلطة. ثمة موت متنقل يحصد أرواح الناس من دون كلل أو تعب، فمن لم تقتله رصاصة طائشة قتله سرطان التلوث أو حادث سير. 

في جديد فضائح التلوث ما كشفته تقارير نشرت اليوم تفيد بأن نهر الليطاني الذي تحوّل بفعل رمي النفايات ومجاري الصرف الصحي ونفايات المعامل والمصانع والمستشفيات إلى مستنقع كبير ملوّث، يهدد خُمس سكان لبنان بالسرطان!! أما الدولة فتقف عاجزة عن حماية النهر وعن حماية الناس من شرور مافيات التلويث.

أما التزايد الكبير في حوادث السير التي تحصد حيوات أناس أبرياء شاءت الأقدار أن يكونوا في ذلك المكان، فجرح آخر يستصرخ غياب الدولة وأجهزتها. شهر آب مثلاً شهد، بحسب إحصاءات اليازا، وفاة 52 شخصاً واصابة 600 آخرين بسبب حوادث السير. وهذه المعضلة تحتاج حلولاً تتجاوز الكلام المكرّر الممجوج عن ضرورة الالتزام بقوانين السير، وكأن طرقاتنا بأحسن أحوالها.

لا يخفى أن هناك مسؤوليات على السائق في كثير من الحوادث بسبب السرعة الجنونية وعدم الالتزام بقوانين السير، لكن الصحيح أيضاً أن معظم طرقات لبنان لا تصلح لشيء فلا إضاءة ولا تزفيت والحفر والمطبات تشبه تلالاً وأودية، وهذا من مسؤولية من؟

قبل يومين حصل حادث مروع على طريق المطار ذهب ضحيته عدد من الأشخاص، وقيل إن المتسبب بالحادث كان تحت تأثير المخدر، لكن الحق يقال أن هذه الطريق، وهي واجهة لبنان بالنسبة للواصلين إلى البلد، تفتقر إلى الكثير من الكثير من مقومات الطرق الرئيسية، وعابروها يعرفوت تماماً هذا الأمر. وإذا كان هذا الحال في العاصمة، فيمكن تخيل أوضاع الطرقات في عكار أو البقاع الشمالي أو غيرها، إن مروراً سريعاً على هذه الطرق تكشف الذهنية التي تعامل بها الدولة مواطنيها، فالطرقات المسماة زوراً رئيسية لا تصلح لأن تكون طرقاً زراعية تمشي عليها الجرارات والآليات فضلاً عن السيارات والبشر وباصات المدارس وغيرها.

في الطريق إلى التغيير الذي يطمح إليه كثيرون ولا يعرفون إليه سبيلاً، يبدو الحديث عن الفساد والإهمال والتقصير غير ذي معنى. ببساطة لا أحد من المقصرين يخشى المحاسبة، ولا أحد من المسؤولين يريد الإصلاح.. ولا أحد من المتأذين يريد التمرد والثورة.. وبسبب ذلك بلدنا يبدو، باختصار، وكأنه يُحتضر.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك