Advertisement

لبنان

من هنا يبدأ بناء لبنان القوي!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
08-09-2018 | 01:32
A-
A+
لا تذهبوا بعيدًا ولا تكّبروا حجركم، فبناء "لبنان القوي" يبدأ بالأمور التي تعتبرونها صغيرة
Doc-P-508967-636719928237880127.png
Doc-P-508967-636719928237880127.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
قد يسها عن بال المهتمين بالشؤون الكبيرة وبرسم الإستراتيجيات بعض التفاصيل التي يراها المواطن العادي، الذي لا شأن له بما يُخطّط له الكبار، من الأمور التي يعتبرها أكثر أهمية بالنسبة إليه من أي أمور أخرى، على رغم أهميتها.
Advertisement

ومن بين هذه التفاصيل، التي ربما يمرّ عليها الكبار مرور الكرام من دون أن يلاحظوا أهميتها بالنسبة إلى الذين لولاهم لما أصبحوا في يوم من الأيام كبارًا، ما حصل بالأمس في ساحة جونيه، حيث حاولت إحدى سيدات المجتمع أن تتمرجل على شرطي بلدي ذنبه الوحيد أنه يعتقد أن ما قام به هو من ضمن واجباته ومسؤولياته، على رغم ضآلة حجم هذه المسؤولية، وأن تحريره محضر ضبط بهذه السيدة "المحترمة" هو أقل ما يفرضه عليه ضميره المهني، فكانت الطامة الكبرى، التي إنتهت لحسن الحظ، وبفضل فيديو تمّ تسريبه عبر وسائل التواصل الإجتماعي، إلى مكافأة هذا الشرطي من قبل المجلس البلدي، وهو عمل يُشكر عليه.

ولولا هذا الفيديو لكان هذا الشرطي المسكين، الذي لا حول له ولا قوة سوى القانون، وهو قانون نسبي في المطلق، قد تبهدّل أيّما بهدلة وتشرحط وتشنطط لتقديم إعتذاره إلى هذه السيدة، التي تحمي ظهرها بأحد هؤلاء الكبار المشغولين بأمور أخرى لا تمتّ بصلة إلى هموم الناس "المعترة" و"المشحرة".

فبفضل هذا الفيديو والإعلام الذي لا يزال حرًّا نجا "أخونا " ونفد بريشه وأصبح مثلًا للموظف المثالي، الذي لا يساوم على ما يعتبره حقًّا عامًا، ولا يفقد أعصابه أمام هذا السيل من الإهانات التي تعرّض لها من قبل تلك السيدة "المحترمة"، التي تعتبر نفسها فوق القانون وأنه يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها فتسمح لنفسها بإهانة كرامات الناس، التي لا تشرى ولا تباع بثلاثين من الفضّة.

فمع كل الإحترام والتقدير لكل ما يقوم به "الكبار" من أعمال "عظيمة" سيذكرها التاريخ نرى أن بناء "لبنان القوي" يبدأ من ساحة جونيه، أو من أي ساحة أخرى، على مساحة الوطن الصغير، حيث تكثر التجاوزات والمخالفات، وهي لا تعدّ ولا تحصى، وتتطالب معالجتها القليل من الحزم وعدم الكيل بمكيالين أو التصرف من قبل المسؤولين الذين يعتمدون سياسية صيف وشتاء فوق سطح واحد، بشيء من المسؤولية الحقة، وهذا التراخي يقود إلى المزيد من الفوضى وإستقواء الكبير على الصغير كأننا نعيش في بلاد الموز أو في غابة لا قانون فيها ولا سلطة.

فهذه السيدة "المحترمة" لم تكن لتستقوي على شرطي بلدي لو لم تكن مستقوية بأحد الزعماء، الذي لا يرفض لها طلبًا، وهي تتصرف كأن البلاد سائبة أو كأن لا من يراقب أو يحاسب، وذلك من دون أن يرّف لها جفن وكأن الذين أستحوا ماتوا في زمن لم يعد هناك مكان لمن يستحوا عملًا بمقولة "إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب".

لا تذهبوا بعيدًا ولا تكّبروا حجركم، فبناء "لبنان القوي" يبدأ بالأمور التي تعتبرونها صغيرة، ولكنها بالمفهوم الشعبي أكبر من كبيرة.


المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك