لم يكن ينقص الموظف في لبنان إلا أن يكون مهدداً بوظيفته لاسباب كيدية وتعصبية بحت، وأن يتحول الى "كبش محرقة" بين تيارين، وأن يكون عنصراً للتلاعب به وبكرامته وبمستقبله ومستقبل عائلته التي قوتها من وظيفته، وأن يكون مصيدة للكيديات وتصفية حسابات بين تيارين، حتى نفقد أملا جديداً في تحسين الوضع العام الوظيفي الغير منظم أساساً لاعتبارات الواسطات والمحاصصة بعيدا عن التوازن والكفاءة. Advertisement ولم يكن ينقص الموظف في لبنان الا أن يقع ضحية "فوران دم" وزير قررّ أن يحوّل ساحة الصراعات من تصريحات مضادة هنا وهناك الى داخل وزارة التربية. وفي تفاصيل بداية الخلاف الدائر والمستمر الى يومنا هذا، قام وزير التربية مروان حمادة بإعفاء موظفة في وزارة التربية تدعى هيلدا خوري (مقربة من التيار) من إحدى مهماتها في الوزارة، ليرد وزير البيئة طارق الخطيب بالمثل، حيث أعفى نزار هاني (المحسوب على الاشتراكي) من مهامه في ادارة لجنة محمية أرز الشوف، كما نقل الموظّف في مؤسسة كهرباء لبنان رجا العلي إلى مهمات أخرى أيضاً في المؤسسة.
هذا الاجراء من الخطيب استدعى رداً مباشرا من رئيس "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط الذي غرّد قائلاً: "بئس الساعة التي اتت بهم للحكم، علوج".
واللافت في الموضوع، أن هذه النكايات كانت تحصل سابقاً في السر، أما الآن فعلى عينك يا تاجر ولا من يبالي، وهنا تكمن الخطورة، حيث قالها الخطيب من دون أن يرف له جف: " تعديل مهام الموظف هو قرار سياسي بحت و"يلي وصفنا بالعلوج ما شاف وزيرو اول شي؟"ليس هذا فقط بل استكمل تهديده: " البادي أظلم وإن حصلت تصرفات مشابهة سأرد مجدداً بالمثل|؟
لم يمضِ وقت كبير حتى أتت الاجابة من عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي ابو الحسن، الذي رد قائلاً: " أما وقد عادت فرقة الشتامين لأدبياتها، فسنبقى في عليائنا حيث نحن وسنترفع أكثر وأكثر ولن ننزلق الى هذا الدرك السحيق من الإسفاف والتخاطب الهابط، وإعلموا بأنه لن ينفعَ كيدكم ولن تنفع شتائمكم وليس هكذا تحفظُ الوحدة الداخلية". السياسة تستكمل طريقها في تهديد كل أمل في لبنان، فحين يمتد الصراع السياسي من مجرد تصريحات مضادة الى تنفيذ النكايات والتضحية بموظفين كفوئين في أحد أهم الوزارات في لبنان "التربية" و "الزراعة" فهذا يعني أن رقعة الصراعات الحزبية تتوسع وتأكل الأخضر واليابس، من دون إدراك ان مثل هكذا تصرف غير عقلاني قد يدمر القطاعات جميعها. والسؤال الذي يطرح نفسه: ألم تكفيكم الفساد والاهتراء المتواجد في مؤسسات الدولة؟