Advertisement

لبنان

إسمعوا كلام الراعي.. فتُشكّل الحكومة اليوم قبل الغد

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
18-09-2018 | 02:00
A-
A+
Doc-P-511515-636728561087978018.jpg
Doc-P-511515-636728561087978018.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يقنعني كثيرًا تشبيه أزمة تشكيل الحكومة عندنا بأزمة تأليف الحكومة في بلجيكا ما قبل سنوات، وإن كانت بعض الظروف السياسية متشابهة إلى حدّ ما  لجهة الصراع السياسي بين مكونين متناقضين.

Advertisement
 ما حصل في بلجيكا أنه منذ أكثر من سنة ونصف السنة، (أي منذ نيسان من العام 2010)، تمكن الأطراف البلجيكيون المتصارعون من إيجاد وصفة بلجيكية خالصة من إخراج البلاد من الأزمة التي كادت أن تؤدي إلى نهاية بلجيكا.

فبعد مرور 540 يومًا من الأخذ والرد، جرب فيها البلجيكيون كل السيناريوهات الممكنة حيث عين من اجلها أكثر من مكون للحكومة، إلا أن كل الحلول باءت بالفشل، إلى أن جاءت المبادرة الأخيرة عندما حاول خلالها الاشتراكي الديمقراطي المحنك ايليو دي روبو (الايطالي الأصل)، الذي استعمل كل ثقله السياسي ودهائه وذكائه ليضع الجميع أمام مسؤولياتهم ويجعلهم يقدمون تنازلات وصفت بالمؤلمة، وانتزاع اتفاق تاريخي بعدما تم الاستبعاد الكلي للأحزاب اليمينية القومية المتطرفة شمالًا وجنوبًا، على رغم قوتيهما الجماهيرية والانتخابية.

ففي الجهة الفلامانية تم إقصاء الحزب القوي "التحالف الفلاماني الجديد"، وهو الحزب الذي عمل كل شيء لإدامة الأزمة. نفس التعامل قوبل به حزب "الجبهة الديمقراطية الفرانكفونية" مما تسبب بحدوث انشقاقات في أوساط الليبراليين الفرانكفونيين.
وقد جاء إبعاد الأحزاب القومية المتطرفة بعدما  توصلت ثلاثة أحزاب فرانكفونية، وثلاثة أحزاب فلامانية إلى توافق على تلك الوصفة السحرية والتوصل إلى اتفاق حول الميزانية وبرنامج اجتماعي واقتصادي طموح، يتألف من 150 صفحة، شكلت على إثره مباشرة حكومة فيدرالية مصغرة مكونة من 13 وزيرا، و 6 كتاب دولة، يترأسها لأول مرة منذ ثلاثة عقود من الزمن، وزير أول فرانكفوني، بعدما كان التقليد يمنح رئاسة الحكومة أوتوماتيكيا للفلامانيين. 

وللتذكير فإن ابرز العوائق التي اعترضت تشكيل الحكومة الفدرالية هو نجاح حزبين متناقضين من حيث البرامج والتوجهات والأولويات  في شمال وجنوب بلجيكا مما جعل المفاوضات شاقة وعسيرة، بل عقيمة حتى وصفها الزعيم الاشتراكي ايليو ديروبو عندما عينه الملك البير الثاني كمكون للحكومة للمرة الأولى بمحاولة "جمع المستحيلات".

فـ"جمع المستحيلات" لم ينجح في بلجيكا بعد سنة ونصف السنة من التجاذبات، لو لم يلجأ ديروبو إلى إقصاء الأحزاب التي كانت وراء الأزمة الحكومية آنذاك.

هذا في بلجيكا. أما في لبنان فإن "جمع المستحيلات" يبدو وكأنه "شرّ لا بدّ منه"، لأن التركيبة اللبنانية لا تسمح للرئيس المكلف سعد الحريري بإقصاء أي مكّون من مكوناتها، على رغم معرفة الجميع بمكامن الداء، الذي لا ينفع معه "الكيّ، الذي هو آخر الدواء.

من هنا تبدو مهمة الرئيس المكلف أصعب نظريًا من مهمة ديروبو، إلاّ أن ذلك لا يعني أن لبنان سيبقى من دون حكومة لسنة ونصف السنة كما حصل في بلجيكا، مع العلم أن لبنان بقي من دون رئيس للجمهورية سنتين ونصف السنة.
فإذا أردنا أن نطبق "الحل السحري" الذي أخرج بلجيكا من أزمتها الحكومية عندنا في لبنان فهذا يعني الإتيان بحكومة محايدة أو ما يُعرف بحكومة "التكنوقراط" لا تضمّ أيّا من ممثلي الأحزاب أو التيارات التي فازت في الإنتخابات النيابية، لكن دون هذه الخطوة محاذير كثيرة، ومن بينها صعوبة حصول مثل هكذا حكومة على ثقة المجلس النيابي المستبعدة مكوناته من حكومة لا "لون" سياسيًا لها.

من هنا تبدو عقدة العقد من دون حل سحري إلاّ إذا كان لكلام سيد بكركي صدىً في مكان ما فيقدم الجميع، من دون إستثناء، على تقديم بعض التنازلات، وبالأخص ممن لهم مصلحة بأن تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد.

فكلام البطريرك الراعي أقنعني أكثر من أي كلام آخر.

المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك