ربما من المرات النادرة جداً أن يتكون إجماع في لبنان حيال تردي الأوضاع على كافة الاصعدة، فكل آراء ذوي الاختصاص تشير إلى أن الوضع الحالي بات في عين العاصفة، ويتطلب خطة طوارئ إنقاذية، لا تتناسب مع حالة "الدلع السياسي"، كما لا تنفع المكابرة وإلقاء المسؤولية على الآخرين.
لم يستطع الوزير جبران باسيل الانتظار حتى عودته الى لبنان فاعتلى منصة الهجوم من أميركا، وشنّ هجوماً من الخارج مهدداً من أسماهم مطلقي الشائعات بوجه رئيس الجمهورية وبتحويلهم الى القضاء ومحاسبتهم.
أما ما أثار الاوساط السياسية في بيروت فكلام باسيل عن نجاح العهد بعد انقضاء سنتين فقط، واعتباره "عهدا ناجحاً"، خصوصاً بعد تحقيق سلسلة انجازات مثل تحرير لبنان من المتطرفين واجراء الانتخابات النيابية، موردا عبارة ملفتة عند التطرق لأزمة تشكيل الحكومة حيث أعلن نفسه "شهيد العرقلة".
الأرجح أن يتحول موقف باسيل الى سجال بين مختلف الاطراف السياسية عقب استئناف النقاش بخصوص تشكيل الحكومة، خصوصاً بعدما استوقف احد المراجع السياسية التناقض ما بين موقف باسيل المستجد حول نفض يد التيار الوطني الحر من كل الازمات الخانقة في البلد، وما كان صرح به رئيس الجمهورية ميشال عون عن بداية حكمه بعد تشكيل حكومة العهد الاولى، والتي هي أم الازمات في لبنان.
وفيما استوقف مصادر سياسية نهج المكابرة الذي يعتمده باسيل راهنا والذي لا يتناسب مع خطورة الوضع في لبنان، لم يتردد رئيس تكتل نيابي من اتهام باسيل بأنه بات مسكوناً بالحسابات الرئاسية بما في ذلك الاستعجال المريب لطرح الموضوع في الثلث الاول من الولاية الرئاسية.
ويتابع رئيس التكتل بطرح سلسلة أسئلة عن الوضع المعيشي وأحوال الخدمات والاختناق الاقتصادي، قبل ان يتوجها بتساؤل ما إذا كان تردي الاوضاع في لبنان حقيقة دامغة أم مجرد شائعات؟، ويختم بالقول إن "الوضع في لبنان بات خطيراً وينذر بشر مستطير، ما يتطلب مقاربة خارج مبدأ التحدي والمكابرة والصراخ، وما يفرض على الجميع نهج التواضع قبل ان ينهار الهيكل فوق رؤوس الجميع".