فور اعلان الرئيس المكلف سعد الحريري الخميس الماضي بان تشكيل الحكومة سيكون خلال عشرة أيام، استبشر اللبنانيون خيراً وظنوا أن المعنيين بملف التأليف قد شعروا حقاً بضيقة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة التي يمرون بها، وقرروا تقديم التنازلات من أجل المصلحة الوطنية، والتوقف عن الشروط والشروط المضادة لفكفكة العقد التي تقف عائقاً امام حكومة العهد الأولى لكي تبصر النور.
لم يدم التفاؤل الذي بثه الحريري في اعلانه 24 ساعة، حيث عقد وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل في اليوم التالي مؤتمراً صحافياً طرحاً معياراً يقضي بإعطاء وزير واحد لكل 5 نواب، وهذا الأمر لم يرق للرئيس المكلف، المتمسك بالصيغة التي وضعها لتأليف الحكومة، حكومة توافق وطني.
ويبدو ان عقدة تشكيل الحكومة باتت بين الحريري وباسيل خصوصاً بان معظم الأطراف المعنيين بالملف أبدو استعدادهم للتنازل كما هو حال رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرد اول أمس على موقع "توتر" قائلا: "كفى بناء قصور من ورق. إن الظروف لا تسمح بهذا الترف وعداد الدين يزداد في كلّ لحظة نتيجة الهدر والفساد وتراكم الدين والصرف العشوائي". وأضاف: "ما من أحد أو مؤتمر لينقذنا. التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن".
وما يوحي بان العقدة باتت لدى الحريري وباسيل، هو ان اعلان الاول عن المدة الزمنية امام التأليف نابع على الارجح من لقاء بعبدا الذي جمعه برئيس الجمهورية، ليدلي باسيل في اليوم التالي بكلام آخر، وايضاً اعلان الحريري أمس تأكيده أنه إذا قدّم اعتذاره عن عدم التأليف، فلن يقبل تكليفه مرة ثانية، حيث يبدو بانه أراد من هذا التصريح الرد على باسيل الذي لمّح مؤخراً إلى أنه في حال اعتذار الحريري، فإن التكليف سيجري بشروط جديدة.
وبناء على ما سبق، فان ملف تشكيل الحكومة عاد الى المربع الأول ولكن من زاوية خلاف سياسي-دستوري بين الحريري وباسيل، الامر الذي قد يؤدي إذا طال امد الخلاف الى إضافة شهورا إضافية على التأليف وإعادة الملف الى ثلاثة الانتظار، الامر الذي لا يصب في مصلحة أحد.