Advertisement

لبنان

التأليف بين الاستعجال والتأخير أين مصلحة "حزب الله" ؟

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
03-11-2018 | 01:00
A-
A+
Doc-P-524807-636768267204929885.jpg
Doc-P-524807-636768267204929885.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
فجأة نفض الغبار عن العقدة السنية، العقدة الوحيدة المتبقية التي تقف حجر عثرة أمام تأليف الحكومة. الاتصالات والمشاورات التي كانت تصب في خانة إيجاد حل للعقدتين المسيحية والدرزية لم تأت مرة ولو من باب رفع العتب على العقدة السنية، حتى سلم المعنيون والمراقبون بأن هناك اتفاقاً ضمنياً على خط عين التينة – حارة حريك- بيت الوسط - بعبدا وهو أن اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين لن يدخل الوزارة العتيدة. بيد أن هذه العقدة سرعان ما طفت على سطح المفاوضات مع تأكيد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ضرورة تمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة بشخصية منه، الأمر الذي أعاد الأمور إلى نقطة الصفر وأرجأ التأليف الى أجل غير مسمى، ودفع الاوساط السياسية إلى الاعتقاد أن هذه العقدة مفتعلة لتأخير التشكيل بدوافع اقليمية.
Advertisement

في مراجعة للمواقف التي صدرت في الساعات التي تلت سطوع نجم العقدة السنية، يمكن الإشارة إلى الانقسام السياسي حيال هذا المعطى المستجد.

يجزم المقربون جداً من حزب الله لـ"لبنان24" أن عدم تمثيل السنة المستقلين يعني أمراً واحداً أن ولادة الحكومة لن تكون في المدى المنظور. فـ"حزب الله" ينظر إلى اللقاء التشاوري على أنه شريحة تمثيلية جاءت نتاجاً للقانون النسبي الذي قاتلت في سبيله حارة حريك، سواء كان أعضاؤه في مصاف حلفائها أو العكس. يستعين هؤلاء بإحصاءات "الدولية للمعلومات" التي أشارت إلى أن سنة المعارضة يشكلون  22 في المئة من الناخب السني الذي اقترع. وتذكر المصادر المقربة من "حزب الله" بلجوء المعنيين بالتأليف الى اعتماد معايير مختلفة واستنسابية لتمثيل الكتل والاحزاب الاخرى.

وعلى ذمة المصادر، فإن المعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين خليل أبلغ الرئيس المكلف سعد الحريري كلاما مفاده إذا كنتم تريدون تشكيل حكومة من دوننا افعلوا ذلك، نحن لن ندخل إلى الوزارة من دون "السنة المستقلين"، معلنا كما بات معروفا رفض الحزب تسليمه اسماء الوزراء الثلاثة.  

وبمعزل عما تقدم، فإن السؤال المطروح لماذا لا يقدم الحريري على التشكيل من دون "حزب الله". الثابت، بحسب المصادر عينها، أن لا حكومة من دون "حزب الله"، وأن لجوء البعض إلى الضرب بسيف الرئيس دونالد ترامب والتهويل بالعقوبات الأميركية لن يجدي نفعاً، علماً أن المصادر عينها تبدي استغراباً شديداً لمضمون كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجهة تبنيه أمام الإعلام حرفياً تفسير الرئيس المكلف أن اللقاء التشاوري هو عبارة عن تجميع نواب لتشكيل كتلة، ولا سيما أن "التيار الوطني" تعاطى بالإسلوب نفسه عندما شكل كتلة "ضمانة الجبل" التي تتألف من درزي وثلاثة نواب مسيحيين أعضاء في "تكتل لبنان القوي" وينتمون إلى "التيار الوطني الحر".

مختصر الاتصالات الحكومية أن التمثيل الوزاري الذي ثمنه اليوم ربع ليرة، سيصبح عشرة قروش بعد شهرين، تقول المصادر، مع تلميحها إلى أن مسألة التشكيل رصفت رصفا بعيداً إلى زمن ليس بقريب. فالخيوط معقدة ومتشابكة. صحيح أن المشكلة السنية هي العقدة الوحيدة في الشكل، بيد أن المضمون لا يُعزل في الوقت عينه، عن التطورات الإقليمية والصراع في الاقليم. 

بالنسبة الى المصادر ذاتها فإن الأحداث في المنطقة تتسارع متحدثة عن سلسلة تطورات ستصب في نهاية المطاف لصالح "حزب الله":
- الغزل الغربي بالرئيس السوري بشار الاسد والرغبة بالانفتاح عليه.
- إعلان الجيش السوري أنه سيبادر الى تحرير ادلب في زمن ليس ببعيد.
- دعوة قمّة اسطنبول الرباعية حول سوريا إلى تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري الجديد قبل نهاية هذا العام. 
- الحرب في اليمن على وشك الاقتراب من نهايتها.

أما في ما خص لعبة الحصار على الجمهورية الاسلامية فإن طهران ستبقى، بحسب المصادر، عصية عن النيل من إرادة الإيرانيين، مترقبة اللقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي فلاديمير بوتين في باريس بعد نحو أسبوعين والذي سيبلور السياقات في المنطقة. كل ذلك، يدعو، وفق المصادر، إلى ترقب ما ستؤول اليه الوقائع في المنطقة وانعكاساتها الإيجابية على لبنان ولا سيما أن أي تسوية في المنطقة لن تمر من دون "النعم" الإيرانية، علما أن مصادر غربية تلمح إلى أن إيران ستكون الخاسر الاكبر في المنطقة، وبمعزل عن التركيبة السياسية العراقية التي تدور في فلكها، فإن حصتها من التسويات الجارية لا تزال ضبابية.

على الخط الآخر، فإن الأمور لن تسير على ما يرام، على رغم تشديد مصادر سياسية على أن الحكومة ستتشكل في نهاية المطاف، ملمحة إلى أن التأليف ليس بعيدا ومسألة تمثيل اللقاء التشاوري قد تحل على غرار ما حصل خلال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما تخلى الرئيس نبيه بري عن مقعد وزاري لصالح النائب فيصل كرامي، وهذا يعني تخلي "حزب الله" عن مقعد شيعي من حصّته لأحد سنة 8 آذار، ولا سيما ان الرئيس عون لن يسمي أي شخصية من شخصيات اللقاء التشاوري من ضمن حصّته الوزارية، فأي شخصية قد يسميها في حال رسى الأمر عليه فسوف تكون مستقلة عن تيار "المستقبل" وسنة 8 آذار.

بيد أن المصادرالمطلعة على السياسة الأميركية تجزم بأن لبنان لن يكون بمنأى عن العقوبات والتدابير الأميركية تجاه إيران. فالقانون الأميركي المعدل لمكافحة تمويل "حزب الله" في الكونغرس، بالتوازي مع التشدد الأميركي تجاه الحكومة اللبنانية، سيتضاعف بعد تشرين الثاني، وهذا يستدعي تشكيل الحكومة بأسرع وقت. وتبدي المصادر قلقها من سحب الشركات الأميركية معاملاتها من البنوك والقطاعات اللبنانية، ملمحة إلى ما نقل عن الرئيس نبيه بري منذ نحو أسبوع أن الوضع الاقتصادي سيء جدا، في تقييم أقرب إلى الواقع من أي كلام صادر عن مواقع رسمية اخرى يطمئن اللبنانيين، الأمر الذي يفرض على "حزب الله" عدم التفاؤل بالتطورات المرتقبة في المنطقة والتي لن تكون لصالح إيران.

المصادر نفسها تشير لـ"لبنان24" إلى أن سياسة الانتظار الإيراني إلى تاريخ السادس من الشهر الجاري (موعد الانتخابات النصفية حيث سيتم انتخاب كامل مقاعد مجلس النواب، و35 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة) لن تنفع. فالمرشحون الجمهوريون سيفوزون في الانتخابات، وسيجهد هؤلاء  للحصول على الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ لما لذلك من انعكاسات ايجابية على الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2020 .

وبحسب المعنيين، فإن تاريخ الرابع من تشرين الأول موعد بدء التنفيذ للحظر الأميركي على قطاع النفط الإيراني سيلقي بظلاله السلبية على مجمل الواقع الاقتصادي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا سيما أن الشركات العملاقة بدأت الانسحاب من طهران ("لوك أويل" الروسية و"TOTAL"الفرنسية و"ميرسك" الدنماركية، وبريتش بتروليوم "BP" وأينيENI الإيطالية)، وصولاً إلى العراق الذي سيوقف تصدير النفط الخام من حقل كركوك النفطي إلى إيران الشهر الجاري، مروراً باستجابة نيودلهي للضغط الأميركي، حيث أبلغت وزارة النفط الهندية المصافي بالاستعداد "لخفض كبير" أو توقف كامل لواردات النفط الإيراني، بالتوازي مع كبح الصين مشترياتها من طهران، حيث انخفضت وارداتها من النفط الخام في أيلول انخفاضا كبيرا عن الشهر ذاته من العام الماضي.

كل ذلك يأتي  من ضمن خطة أميركية لمواجهة إيران، بهدف جلبها إلى طاولة مفاوضات جديدة على غرار ما حصل مع كوريا الشمالية. فالاتفاق النووي الذي تجاهل دور إيران في المنطقة وأفرج عن مليارات الدولارات أعطى ،بحسب المصادر، نتيجة معاكسة، في المنطقة؛ ولذلك لم يلق الانسحاب منه أي رد فعل عند الديمقراطيين داعمي الاتفاق. وعلى هذا الاساس، تشدد المصادر على أن الضغط الأميركي على طهران سيزداد بعد العقوبات وربما يدفعها إلى حوار جديد  مع واشنطن قد يرى النور في ظل انسداد افقها الاقتصادي. 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك