Advertisement

لبنان

"ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصَّفير"

نايلة عازار - Nayla Azar

|
Lebanon 24
27-11-2018 | 01:00
A-
A+
Doc-P-531831-636789005006592316.jpg
Doc-P-531831-636789005006592316.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

"قطع الطريق على اوتوستراد الجية باتجاه بيروت وعلى اوتوستراد الناعمة باتجاه صيدا بالاطارات المشتعلة من قبل بعض المحتجين".

خبر ورد على جميع وسائل الاعلام، وعمّت الصور مواقع التواصل الاجتماعي، منذرة بالويل والثبور وعظائم الأمور. للوهلة الأولى تعتقد ان اقفال الطريق واشعال الاطارات سببه مطلب معيشي أو اعتراض على الغلاء أو على السياسة الاقتصادية في البلاد وارتفاع نسبة البطالة، الاّ ان السبب الحقيقي لهذا التحرّك قد يكون عكس كل ما تتوقعه. كلام سياسي لأحد الوزراء السابقين في برنامج "صباحي" أدى الى تحرّك اعتراضي في الشارع بعد 12 ساعة.

قد يعتبره البعض أمراً مضحكاً، الاّ أنه في الواقع أمر مبكٍ. كيف لا ونحن لا نزال نرزح تحت تبعية "بالروح بالدم نفديك يا زعيم" ونثور لكرامة زعيمنا قبل أن نثور لكرامتنا وكرامة أطفالنا. كيف لا ونحن نصرخ يومياً من الجوع والمرض والألم ولا من يسأل ولا من يحاسب، ولا من يشعل قشة كبريت حداداً على كرامة تستباح يوماً بعد يوم.

منذ أيام ليست ببعيدة استمعنا الى وزير المالية يعلن أن احتياطي الموازنة فارغ "منفض ما فيو ولا قرش"، ومنذ أيام بعيدة وحتى اليوم ونحن نسمع بالدين العام وخدمة الدين العام، والعجز في الميزان التجاري، وحافة الانهيار التي وصلنا اليها، و"الدفشة" التي تنقصنا للسقوط في المجهول. واليوم أكثر من أي وقت مضى، نسمع عن شركات كبرى في البلاد تشهر افلاسها، وعن موظفين باتوا من دون عمل، وشباب "بقوا الدم" للحصول على شهاداتهم ليزينوا بها حائط المنزل من دون ان تكون لها أي جدوى.

كل هذه "المصائب" لم تكن كافية لاشعال ثورة في لبنان، أو لاحراق دولاب "بيسيكلات" من أجله، ولا حتى زيادة الضرائب، ولا حتى الغلاء المستشري ولا حتى أي شيء قادر على تحريك اللبناني، الذي بات مخدراً غير آبه بكل ما يجري من حوله.

عند احتفالنا بالاستقلال، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي الدعوات والتمنيات لم يكن هذا اليوم "المجيد" في رزنامتنا، ولو بقينا تحت الانتداب الفرنسي يومها، لكان وضعنا أفضل. طبعاً هذا الأمر بديهي، فلو بقينا تحت الانتداب الفرنسي، لكانت "أمنا الحنون" علمتنا كيف نصطاد سمكة و نزرع قمحًا وننتج خبزًا، ولكان شارع شفيق الوزان، وساحة الشهداء اليوم كالشانزيليه ومحيط برج ايفل تغلي بالثوار الرافضين للتهديد بلقمة العيش، والمطالبين بأبسط الحقوق التي يجب أن تكون ممنوحة لهم.

ولعل ما كتبه أحد الكوميديين من أننا شعب لن يثور على واقعه الاّ اذا فرضت الدولة ضرائب على "الأركيلة" خير دليل على السبات العميق الذي نعيش فيه، والبروجوازية المزيفة التي نقنع أنفسنا بها، وحياة الثراء التي ندعي العيش بها، ونحن نعيش وسط النفايات والأوبئة والأوساخ.

وفي الختام نقول مع فيلسوفنا الكبير جبران خليل جبران، "ويلٌ لأمة سائسها ثعلب، وفيلسوفها مشعوذ، وفنها فن الترقيع والتقليد. ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصَّفير، لتستقبل آخر بالتطبيل والتزمير. ويلُ لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين، ورجالها الأشداء لا يزالون في أقمطة السرير. ويلٌ لأمة مقسمة إلى أجزاء، و كل جزء يحسب نفسه فيها أمة".

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك