Advertisement

لبنان

هل يتم الغاء سلسلة الرتب والرواتب لانقاذ الاقتصاد اللبناني؟

Lebanon 24
29-11-2018 | 23:50
A-
A+
Doc-P-532808-636791545467609790.jpg
Doc-P-532808-636791545467609790.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان " تقليص الدين العام مدخل لعلاج الأزمة" كتب محمد وهبة في صحيفة "الأخبار" وقال: فتحت مجموعة من رجال المال والمصارف والسياسة، النار على سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت في النصف الثاني من عام 2017 على اعتبار أنها المزراب الأكبر الذي تتسرّب منه أموال الخزينة وتزيد من تورّم عجزها. بشكل خبيث، يربط هؤلاء بين احتمال الانهيار النقدي وتورّم العجز وتنامي كلفة السلسلة. هم في الحقيقة يحاولون التعمية على أمرين: الأول أنها أزمة نظام، والثاني أن الحلول التي يجب مناقشتها لا يمكن إلا أن تكون شاملة. بهذا المعنى هم يريدون تكريس مبدأ مدّ اليد على رواتب الموظفين في القطاع العام، وعلى أجورهم وتقاعدهم وتعويضاتهم، ومنع أي تصحيح يتوجب لاحقاً لأجراء القطاع الخاص. هاتان المسألتان ليستا بسيطتين، بل تصبّان في جوهر الصراع القائم في لبنان منذ عقدين ونصف عقد. الفئات التي تنصّب نفسها خبيرة في "الحلول السحرية" للأزمة تملك النفوذ السياسي والمالي والإعلامي، وهي نفسها الفئات التي استفادت من "مزاريب" الخزينة وراكمت منها ثروات طائلة. هذه الفئات التي تكلّم يوماً باسمها رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس قبل أن يصبح مرشحاً للنيابة على لوائح التيار الوطني الحرّ، قائلاً: "نحن نُطاع ولا نطيع"، هي نفسها التي تصوّب على السلسلة استباقاً لأي نقاش في توزيع الخسائر العادل بين الأثرياء والفقراء.
Advertisement

وتابع: في الأسابيع الأخيرة، حصلت تطورات كثيرة؛ من أبرزها اندلاع أزمة بين مصرف لبنان ووزارة المال على خلفية امتناع مصرف لبنان والمصارف عن الاكتتاب بسندات الخزينة الجديدة، أي امتناعهما عن المشاركة في تمويل الدين الجديد الذي تحتاج إليه وزارة المال للإنفاق.
هذا التطوّر كان له حصّة وازنة في حرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية. الأمر بدأ في المجلس النيابي حين أعلن وزير المال علي حسن خليل أن مال الاحتياط أنفق كلّه، وبالتالي لم يعد لديه القدرة على الإنفاق إلا مما لديه من أموال في حساب الوزارة لدى مصرف لبنان (الحساب 36). في هذا الحساب، تتجمّع الأموال التي استدانتها الوزارة بواسطة سندات الخزينة من دون أن تستعملها. المبلغ المتوافر في الحساب لم يكن يزيد على 3000 مليار ليرة، فيما حاجات الخزينة لتسديد الرواتب والأجور وسواها من المترتبات المالية حتى نهاية 2018 تزيد على هذا المبلغ.

في تلك اللحظات، ضاعت القصة بين من فتح النار ومن تلقاها. الاشتباك بين مصرف لبنان ووزارة المال سلّط الضوء على مشكلة هامشية حجبت الحقيقة بأن مصرف لبنان لديه خطّة محكمة تنسجم مع توجهات هيئات المال والسياسة والمصارف. فقد تبيّن يومها، أنه قد مضت أسابيع على امتناع المصارف ومصرف لبنان عن الاكتتاب بسندات الخزينة، وأن مصرف لبنان لديه 13 ألف مليار ليرة يدفع كلفة الاحتفاظ بها من ميزانيته، أي من المال العام، لكنه لا يريد الاكتتاب بها في سندات الخزينة، بل يحتفظ بها "من أجل تأمين تسديد الرواتب والأجور في القطاع العام" كما قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للرئيس سعد الحريري في اللقاء الأخير بينهما، بحضور وزير المال علي حسن خليل.
مزايدة سلامة على وزير المال حملت دلالات مهمة. فهو كان يريد إبعاد النقاش في أصل المشكلة لأنه يطاوله هو وسياساته مباشرة، والتركيز على مسألة عجز الخزينة التي يتحمّل كلفتها خليل بوصفه الوزير المسؤول عن الإنفاق والجباية، وموظفو القطاع العام.

وأضاف: في هذا المجال، يصبح تمويل الخزينة جزءاً بسيطاً من أزمة النظام، وتصبح سلسلة الرتب والرواتب جزءاً أقل أهمية من أزمة عجز الخزينة. فالمشكلة الأساس تكمن في أن هذا النظام، ولكي يستمر، كان عليه أن يستدين، ثم يستدين، ثم يستدين...

وهناك تبرير واضح لحصّة الرواتب والأجور والتقاعد والتعويضات، فهي تعبّر عن الكلفة التشغيلية للدولة والتي لا مفرّ منها، وهي إن كان هناك مبالغة في بعض جوانبها، فلأن الأمر مرتبط بالتوظيفات السياسية التي تمارسها قوى السلطة. لكن المفارقة أن هذه القوى لا تقوم بهذه المهمة وحدها، بل بالشراكة والتعاون مع رجال المال والأعمال. القسم الأكبر من السياسيين تحوّل إلى رجال أعمال، والقسم الأكبر من رجال الأعمال كانوا في سعي دائم للفوز بلقب "سياسي"، سواء كان نائب أو وزير أو حتى رئيس اتحاد بلديات أو بلدية...

أما العنصر الأكثر أهمية في هذه المسألة، فهو الدين العام وخدمته: 77 مليار دولار دفعها لبنان لتسديد فوائد الدين. والخزينة استدانت كل هذه المبالغ من أجل خدمة هذا النظام فقط. المستفيدون من هذا النظام ومن آلياته هم السياسيون ورجال المال الذين يملكون المصارف والمؤسسات المالية وشركات العقارات. كل هذه الأموال لا تمرّ في أي من آليات الاقتصاد الحقيقي. عامة الشعب، بمن فيهم موظفو القطاع العام يسمعون فقط بهذه الأموال في وسائل الإعلام. يسمعونها على شكل مديح من زعيم أو مصرفي أو منتفع يثني على قدرة النظام على استقطاب الأموال وإدخال الودائع ويسمونها استثمارات أيضاً... المستثمرون هم عبارة عن مضاربين على السندات والودائع والعقارات وحققوا ثروات أيضاً من هذا العمل.

ومن اللازم أيضاً الإشارة إلى أن ما أنفقه لبنان على الكهرباء، وهو عبارة عن دعم لأسعار الكهرباء التي استفاد منها الأثرياء أكثر بكثير من الفقراء، انتهت بأن هناك أكثر من ألفَي مولّد خاص تعمل اليوم بشكل غير شرعي وتتحكّم بتوزيع أكثر من 10 ساعات يومياً من الكهرباء على منازل السكان ومؤسساتهم. أما معامل إنتاج الكهرباء فهي معروضة للبيع بأدنى سعر وبأعلى مردود ممكن تخيّله. انتهى الأمر بأن الخزينة أنفقت 20 مليار دولار من دون أن تبني معامل بقيمة 5 مليارات دولار، وأنها تواصل استيراد الفيول أويل والمازوت لتشغيل معامل الإنتاج والمولدات، ما يزيد الطلب على الدولار بقيمة 4.5 مليارات دولار سنوياً.

إزاء هذا الواقع، يبدو الدين العام المدخل الأفضل لمعالجة الأزمة. بعض المصرفيين يقترحون أن تشطب المصارف ديوناً للدولة مقابل منحها من مصرف لبنان مهلة كافية لإعادة تكوين رساميلها. هذه تكون مساهمتها في معالجة الأزمة. هاجس هؤلاء أن طرحاً كهذا يطيح ما لا يقل عن 14 مليار دولار من الأموال الخاصة، لا يمكن أن يتم إلا ضمن خطة وطنية للتصحيح الطوعي يتضمن وقف الهدر والفساد وتنظيم القطاع العام. مصرفيون آخرون يرفضون الحديث عن هذه المقاربة "المجنونة"، ويفضّلون أن يدفع موظفو القطاع العام وباقي الأجراء في القطاع الخاص كلفة التصحيح، سواء الطوعي منه أو القسري.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا
 
المصدر: الأخبار
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك