Advertisement

لبنان

في بلد تصريف الأعمال.. الضرورةُ حاكمة والدستور وجهة نظر

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
07-01-2019 | 06:00
A-
A+
Doc-P-543996-636824605687105848.jpg
Doc-P-543996-636824605687105848.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على وقع الاعتصامات والهتافات والمطالب المتزايدة يوماً بعد آخر، يتوسع النقاش حول ضرورة إقرار الموازنة العامة من قبل حكومة تصريف الأعمال، في بلد اعتاد الاستعانة برخص الضرورة، تشريعاً وصرفاً من خارج الموازنة وعقداً للصفقات من دون إشراف أجهزة الرقابة. وإذا كانت الدعوة لتفعيل مجلس الوزراء لإقرار مشروع الموازنة تبدو نوعاً من الضغط لتسريع التشكيل وتجاوز العراقيل، لكن ذلك لا يلغي أن للأمر بُعداً دستورياً تجبُ مراعاته. 
Advertisement

صحيح أن مجلس شورى الدولة أفتى في العام 1969 لحكومة الرئيس رشيد كرامي وكانت آنذاك حكومة تصريف أعمال، بإقرار الموازنة العامة، لكن ذلك كان قبل إقرار اتفاق الطائف، وقبل تعديل الدستور في العام 1991، وإدخال مادة تنص على أن الحكومة لا تمارس صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ولكن عدم تحديد إطار "النطاق الضيق" أبقى الاجتهاد قائماً حيال إمكان إقرار الموازنة، وهو ما تنقسم حوله آراء الخبراء الدستوريين.

فرئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني يرى، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام، أن "من واجب الحكومة أن تجتمع وتقرر بكل الملفات التي لا يمكن تأجيلها، أو هي مرتبطة بمهل دستورية، ومن أبرزها الموازنة العامة". 

في المقابل، يرى دستوريون آخرون، من بينهم رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر أن الأولوية هي للنص، ثم للعرف فالاجتهاد، ولا اعتبار للعرف والاجتهاد في معرض وجود نص صريح.

والواقع أن هذا الكلام يعكس صورة الاهتراء الحاصل في بنية مؤسسات الدولة، ذلك أن الجميع يعلم أن هناك أناس مسؤولون عن تشكيل الحكومة فلماذا لا يشكلوها وفق منطوق الدستور واستجابة لمصالح البلد ودفعاً للتحديات القائمة، بدلاً من اللجوء للأعراف والاجتهادات وتشريع الضرورة؟ ثم ما هو مفهوم "النطاق الضيق" لتشريع الضرورة؟ وأين هي الضرورة اليوم، وسابقاً بقيت البلاد 16 سنة بلا موازنة، ألم تكن هناك ضرورة وقتها وباتت كذلك اليوم؟ 

الواقع أن لا ظرف قاهراً نعيشه اليوم. البلاد لا تواجه حرباً أهلية، ولا ترزح تحت تأثير كارثة طبيعية، جلّ ما في الأمر أن هناك مجموعة حاكمة اختلفت على اقتسام الحصص والمغانم وتسعى لإسقاط ذلك على الدستور، ولا علاقة للدستور بكل ما يجري. 

 في الخلاصة، القلق كبير، القلق على المستقبل في الاقتصاد والمالية العامة وفرص العمل والاستقرار السياسي والأمني، في الخدمات والإسكان والطبابة والتعليم، والقلق على علاقات لبنان بمحيطه العربي ومع العالم الأوسع في ظل التفتت الحاصل والتراجع المضطرد، وبالرغم من كل التطمينات التي تجري تعميمها، التحديات كبيرة، لا بل أكبر مما يتصور البعض، سواء أكانت متصلة باستمرار صمود الدولة ومؤسساتها أو قدرة الناس على التضحية والتحمل، والمطلوب شيء واحد، هو العودة للأصول والدستور والانتظام ووقف الفساد والهدر.. وما سوى ذلك، انهيار كبير أو ثورة شاملة.
طالما بقي البلد يعيش حالة تصريف أعمال دائمة، من تشريع الضرورة، إلى إسكان الضرورة، وبواخر الضرورة وعقود الضرورة، عندها يصبح الدستور والقوانين والاجتهادات والأعراف كلها وجهة نظر لا أكثر. 
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك