Advertisement

لبنان

"تحفة" طرابلس.. حلمُ المدينة الضائع! (صور)

جيسي الحداد

|
Lebanon 24
07-01-2019 | 08:55
A-
A+
Doc-P-544032-636824732037903450.jpg
Doc-P-544032-636824732037903450.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
يُدرك أهل الشمال أنّ في ربوعهم فرصةٌ ضائعة، وذلك عند الحديث عن معرض رشيد كرامي الدولي.
ويدركون أيضاً، أن "التحفة المعمارية التي أدهشت العالم"، والتي بناها المعماري العالمي أوسكار نيماير انطلاقاً من العام 1964، يلفّها التقصير على كلّ المستويات.
Advertisement

تقصيرٌ.. تتحمّل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة، حيث انحرفت الأنظار عما يمكن أن يقدّمه هذا المعرض للبنان، نحو الغرق في وحول الحرب وما تلاها.
حتى أنّ الإعلام الغربي مهتم بالقيمة الفنية التراثية لهذا المعرض المنسيّ أكثر من اللبنانيين أنفسهم، وهو ما طالعتنا به صحيفة "the gardian" البريطانية في مقال كتبته الصحافية ليما شحادة، وهي من أصول لبنانية.
  
أهمية المعرض
وُضعت خطط بناء معرض رشيد كرامي في العام 1962 على يد المهندس البرازيلي نيماير الحائز على جائزة پريتسكر عام 1988، والذي وصل الى لبنان في العام نفسه وأمضى شهراً في طرابلس. 
وكان المشروع من ضمن "سياسة اللامركزية" التي تبناها الرئيس فؤاد شهاب في عهده.
يعتبر معرض رشيد كرامي الدولي، المعرض الرسمي الوحيد في لبنان الذي يعمل تحت وصاية وزارة الاقتصاد والتجارة، ويعد  من أهم المعارض الـ14 في العالم وذلك بسبب قاعاته ومساحاته الخضراء وبركه المائية.
تبلغ مساحة المعرض مليون متر مربع (100 هكتار) ويضم 120 ألف متر من الحدائق، 20 ألف متر من البرك المائية، 20 ألف متر مخصصة لقاعات المعارض والمؤتمرات، ونحو 20 ألف متر كسقف يمكن استغلاله وضمه لقاعة المعارض .
وكان من المتوقع أن يستقبل المعرض بحسب تقديرات نيماير، 2 مليون زائر سنوياً، في مبانيه الـ15 المميزّة، من بينها "المسرح المقبب" الذي يعتبر من التحف الفنية النادرة في العالم.

أبدع نيماير، أو كما يُطلق عليه أهل المهنة لقب "سيد المنحنيات"، خلال عمله في لبنان، جالباً الى عاصمته الثانية، حداثةً معمارية تعبيرية جمالية "سبقت عصرها".
فحين كان نيماير  في سيتينات القرن الماضي يبني معلماً حديثاً من الخرسانة في طرابلس، كانت معظم بيوت اللبنانيين، بعيداً من المدن، من الطين! 
وفي هذا الإطار، تنقل "ذي غارديان" عن نزيه طالب صاحب الشركة الاستشارية التي طوّرت  الرسومات الفنية وخطط البناء الخاصة بالمعرض قوله "كانت الهياكل المنحنية مُعقدة من الناحية الفنية للبناء، وأصرّ نيماير على المحافظة على الانحناء الدقيق لرسوماته الأصلية".

تقصير فإهمال.. فضاع حلم المستقبل!
بناء المعرض لم يكتمل، حيث أوقفت الحرب الأهلية في العام 1975 كل الأشغال، رغم العديد من الرسائل التي بعثها نيماير الى الحكومة اللبنانية حينها. 
حينها، لم يشفع الإبداع للمعرض بأن يتحوّل بعد مدّة زمنية قاعدة عسكرية للجيش السوري في لبنان، نتاجاً للحرب.
في 2005 ترك السوريون المكان، الذي لم يخضع لصيانة بالمطلق، أما في عام 2007 وبسبب المخاوف الأمنية، حيث شهد ذاك العام حرب نهر البارد بين الجيش اللبناني ومجموعة من المتشددين داخل المخيم، اسقِط اقتراح شركة صينية لتأجير الموقع وتحويله إلى معرض تجاري للمنتجات الصينية في الشرق الأوسط، وفق الصحيفة.
وتشير الصحيفة الى أن "تفاقم العنف بين باب التبانة وجبل محسن وتداعيات الحرب في سوريا، ولجوء أكثر من 70 ألف سوري الى المدينة زاد الطين بلة، وأبعد أي اقتراحات ممكنة عن إعادة إحياء المعرض.

في أيلول 2018، تم وضع معرض رشيد كرامي على قائمة مواقع اليونسكو التي يتم النظر فيها لترشيحها لقائمة التراث العالمي، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، تمت استعادة دار الضيافة في المعرض وإعادة افتتاحه قبل شهرين كمنطقة عمل للنجارين المحليين.

اليوم، كما في غالبية أيام السنة، تقبع "تحفة نيماير" خلفَ أسوار مهترئة بنتها الحكومة لمنع الناس من استباحة المعرض، وخلف أشجار ليمون ذبلت ثمارها على أغصانها.
أرض المعرض اليوم مهجورة وخالية الا من بعض أصحاب الكلاب الذين يجدون في المكان مساحة مناسبة لحيواناتهم الأليفة، تقول "ذي غارديان".

معركة طاحنة
يخوض أهل الهندسة المعمارية معركة طاحنة للحفاظ على واحدة من أهم التحف المعمارية في العالم.
رئيس اتحاد حوض المتوسط للمعماريين الدكتور وسيم ناغي يقود جبهة شرسة لإعادة ترميم المعرض، وهو يخشى أن ينهار في أيّ لحظة، ويقول لصحيفة "ذي غارديان "إن واجهة المعرض تتحلل بشكل واضح، كما أن تعزيزاته الفولاذية تصدأ، ولكن ذلك قد لا يكون الأسوأ، اذ إنّ الخرسانة القديمة تتآكل وهي غير مرئية بالنسبة لنا، وهو الأمر الأخطر ".
وقد عرّضت عقود من الإهمال هياكل المعرض للخطر، ففي عام 2016 ، انهار سقف الطابق السفلي من الفناء ، ويعود ذلك جزئياً إلى الأخطاء التي ارتكبت في البناء الأولي للمبنى.
وفي هذا السياق، يقول ناغي لصحيفة "ذي غارديان" إن كلفة إعادة ترميم المعرض تصل الى 40 مليون دولار لجعله مكاناً آمناً أمام الزوار  والمرتادين.
ويختم ناغي بالقول "لو كان المعرض في أي مدينة أخرى في لبنان، لكان حصل على المزيد من الدعم الحكومي!".

هل من مستقبل؟
مع استقرار الوضع الأمني في طرابلس، يسعى السكان ومجموعات المجتمع المدني والوكالات الدولية، لاستعادة ديناميكية المدينة وتغيير صورتها العامة. 
وقد حصلت المنطقة الاقتصادية الخاصة بطرابلس المنشأة حديثًا على عقد تأجير جزء من أرض المعرض غير المطورة لبناء مركز للتكنولوجيا ، وستطلق مناقصة دولية لتقديم مقترحات لتطوير المشروع. سيتم تجديد مبنيين "مبنى جمارك ومكتب إداري"، وفق الصحيفة، التي تعتبر أن إحياء المدينة قد يساعد في جمع الأموال اللازمة لاستعادة المعرض، رغم أن المسؤولية تقع حصراً على وزارة الاقتصاد. 
ومع ذلك ، فإن تحديات استعادة فعالية المعرض هائلة، ومنها إعادة ربط أهالي طرابلس بالموقع الذي تم التخلي عنه، تقول "ذي غارديان"، حيث يتذكر الطرابلسيون فقط أن المعرض كان قاعدة  للسوريين، ولا يعرفون أهميته المعمارية"، وفق تعبيرها.

وظيفة.. للمعرض وللمدينة أيضاً!
يخالف أهل طرابلس الصحيفة البريطانية في اعتقادها، فهم يدركون تمامًا قيمة المعرض الجمالية المعمارية وقيمته الوظيفية بالنسبة لتطوّر وتقدّم المدينة.
هم يعلمون أن "تصميم نيماير" كان ليشكّل علامة فارقة في الشرق الأوسط والعالم لولا أن الحرب لم تغدرهم ولم تغدر اللبنانيين جميعاً..
يعلمون جيداً أن المعرض كان ليشكّل "قفزة نحو المستقبل" لو راكمنا عليها، ولكانت طرابلس قد سبقت دبي -مثلاً- أو غيرها من المدن!.
يعلمون ويطالبون، بضرورة أن يكون للمعرض "وظيفة اقتصادية" اذ أراد أهل القرار في لبنان أن يكون لمدينة طرابلس المنسية وظيفة.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك