Advertisement

لبنان

"نورما" تتآمر على لبنان... أين طارت الـ 60 مليار دولار؟!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
10-01-2019 | 02:00
A-
A+
Doc-P-544862-636827053952107697.png
Doc-P-544862-636827053952107697.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ما كان ينقص لبنان، الذي تتقاذفه الأمواج السياسية العاتية من كل حدب وصوب، سوى العاصفة التي أطلق عليها تسمية "نورما"، فظلمت كل من يحمل هذا الإسم، لكي تفضح ما في دولته "الهشة" من عورات بانت دفعة واحدة، وهذا ما كان متوقعًا، نظرًا إلى أن بنيته التحتية قد أصبحت في حال من الهريان والتآكل المزمنين، ونتيجة التلزيمات الترقيعية والتنفيعية، التي تكبّد الخزينة اللبنانية أضعافًا مضاعفة من الأموال الطائلة، التي تذهب هدرًا، وذلك بفعل غياب الرقابة والمحاسبة، إذ تبيّن أن كل تلزيمات الأشغال الصورية، وخاصة تلك التي تتم بالتراضي والتي لا تراعي الشروط المطلوبة، تتم على طريقة "خود إيدك ولحقني"، ومن "تحت إيد وباط"، و"ظبطني تظبطك"، وكأن الدولة المفلسة أو المشرفة على الإفلاس تحتمل بعد هكذا نوع من الصفقات المشبوهة بعدما شح ضرع "البقرة الحلوب، ولم يعد في خزينتها ما يكفي لتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين، وبعدما بلغ العجز السنوي ما يقارب الستة مليارات دولار عدًّا ونقدًا.
Advertisement

ولأن لا أحد يحاسب في دولة "كل مين إيدو الو"، جاءت "نورما" من حيث لا يدري المسؤولون وكشفت المستور، ولم تنتظر حتى "يذوب الثلج لكي يبان المرج"، فيما الهرج السياسي قائم حول وزير من هنا وآخر من هناك، وكأن اللبنانيين الغارقين على الطرقات متروكون لأقدارهم ولرحمة السماء، التي أغدقت خيراتها دفعة واحدة، من دون أن تحسب حسابًا للإهمال المزمن الذي تتعرض له بنية لبنان التحتية.

ففي دولة ينخرها الفساد وطمع الطامعين لم نكن نتوقع من "نورما" اقل مما أحدثته من كوارث لم يجد المسؤولون فيها عذرًا واحدًا يبررون فيها للبنانيين ما حصل، مكتفين بزيارات تفقدية للمناطق المنكوبة وبرمي كرة المسؤولية على الآخرين، من دون أن ندري حقيقة من هم هؤلاء الآخرون، وكأنهم أشباح أو شبه مسؤولين.

والأنكى من كل ذلك، وتبريرًا للتقصير الفادح، نسمع بعضًا من هؤلاء المسؤولين يقولون إن ما حصل هو نتيجة تراكمات من الإهمال وقصر النظر لدى الذين توالوا على الحكم منذ أن نال لبنان إستقلاله، وفي ذلك إعترافٌ ضمني بالمسؤولية الجماعية عما آلت إليه أوضاع البلاد المهترئة، والتي تحتاج إلى نفضة شاملة لذهنية سائدة تقوم أساسًا على مبدأ تقاسم الجبنة، التي لم يُترك منها شيء صالح، فأصبح القرش الأبيض نادر الوجود من اجل الأيام السود، بعدما أكل الطمع الأخضر واليابس.

ولكي لا نبقى ندور في حلقة "النقّ" والتأفف نكتفي بالإشارة إلى أن بلدًا يعيش وضعًا إقتصاديًا مزريًا وكارثيًا نرى سياسييه عاجزين عن تأليف حكومة يُفترض بها أن تكون حكومة إنقاذ بإمتياز، بكل ما لكلمة "إنقاذ" من معانٍ، في وقت لا يتردّد فيه المسؤولون، من دون أن نعرف عما هم مسؤولون، بوصف حال البلد بأنها كارثية، وبأن الوضع لم يعد يحتمل كل هذا الدلع السياسي، الذي لم ينتج سوى خيبات أمل متكررة.

فليس غريبا ما صدر في المجلة الاسبوعية للبنك الدولي، حيث قال الخبير محمد العمري ان البنية التحتية في لبنان هي مهترئة وضعيفة وشبه غير موجودة، وانه خلال 30 سنة من استدانة كان يشرف عليها ويراها البنك الدولي ويحذر لبنان من هذه الاستدانة للعمران، وكانت الاستدانة لاعمار لبنان والبنية التحتية فيه، وكانت بعثات البنك الدولي ترى ان 60 مليار دولار تم استدانتها لبناء البنية التحتية في لبنان تم سرقتها وهدرها من قبل حكام لبنان والمسؤولين حتى يومنا هذا.

وقال العمري إن العاصفة التي اجتاحت لبنان هي عاصفة متوسطة، ذلك أن سرعة الرياح بقيت تحت سرعة 70 كلم في الساعة، وان الثلوج لم تهبط الى مستوى ادنى من 600 متر، كما أن كمية الامطار، وفق منظمة الارصاد الجوية الدولية اظهرت أنها لم تزد عن 400 مليون متر مكعب، ومع ذلك غرقت الشوارع وقرى ومدن وفاضت الانهر لأنه لم يجر بناء البنية التحتية ولا تنظيف مجاري الانهر ولا انشاء سدود ولا انشاء مصارف لمجاري المياه على الاوتوسترادات والطرق الدولية وطرق القرى والمدن من قبل الدولة على رغم استدانة 60 مليار دولار لبناء البنية التحتية في لبنان ولم يظهر شيء من البنية التحتية بل ظهر تخلف لبنان ووضعه في المرتبة 132 من الدول المتخلفة في البنية التحتية ومواجهة عاصفة قوية بنسبة 6 على 10 في حين أن دول افريقية تحصل فيها امطار وسيول لديها بنية تحتية لا تؤثر عليها كما اثرت على لبنان.

فبعد "نورما" ينتظر اللبنانيون عواصف قد تحمل إسماء أخرى، ومن بينها "تريسي"، وهم في بداية موسم العواصف، قبل أن تولد حكومة "المن والسلوى".

وأخيرًا وليس آخرًا نسأل عن سبب تحويل الأزمات إلى نكات في لبنان، ولا نرى جوابًا إلاّ عند ابن خلدون في مقدّمته، وفيها: "إذا رأيت الناس تكثر الكلام المضحك وقت الكوارث فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة كمن يساق للموت وهو مخمور".
المصدر: خاص لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك