Advertisement

لبنان

الانقاذ بالعودة لتطبيق أحكام الطائف والسير بروحيته

خاص "لبنان 24"

|
Lebanon 24
23-01-2019 | 04:00
A-
A+
Doc-P-549211-636838381610173510.jpg
Doc-P-549211-636838381610173510.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

يوم طغت الأجواء التي فرضها اتفاق الطائف، حل السلام والهدوء على لبنان، وتوقفت موجة الحروب الأهلية التي اندلعت في العام  1975، لكن إرهاصاتها، والتحضير لها، لم تهدأ لعشر سنوات سابقة لذلك التاريخ.

Advertisement

والمعروف أن الحرب الأهلية اللبنانية اندلعت في الثالث عشر من نيسان 1975، فيما عرف بحادثة "بوسطة عين الرمانة"، لكن لبنان شهد تطورات دراماتيكية، كانت الأوضاع الأمنية خلالها تتوتر، وتهدأ، ويمكن تسجيل بداية التوترات بُعَيد انطلاق الثورة الفلسطينية 1964، وتفاقمها في حرب 1967 التي أدت إلى تهجير الفلسطينيين إلى لبنان بأعداد كبيرة أثرت في بنيته الديم,غرافية، وحياته السياسية، وفاقمت الأحداث والتطورات، فشهدنا صدامات بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية في الجنوب، وشن العدو الاسرائيلي لعمليات في الداخل اللبناني فاقمت من خلالها التوترات على الساحة اللبنانية بين السلطة والمقاومة الفلسطينية، إلى ان حل اتفاق القاهرة، ثم صدامات متجددة بين المخيمات والجيش اللبناني خصوصا الصدام الأكبر سنة 1973، فترة قصيرة قبل اندلاع حرب 1975.

بمعنى آخر، عاش لبنان منذ أوائل الستينات، عدا عما سبقه من أحداث، صراعات سياسية حادة، لم يغب عنها الطابع الدموي بين حين وحين، إلى ان تحول الصراع إلى دموي بالكامل في اندلاع أحداث 1975، وما بعدها.

ربما شهدت التطورات منذ نشوء الكيان اللبناني وإعلانه رسميا سنة 1943، فترات هدوء طويلة، واتسم بعضها بالتطور والنمو، ورغم أن الأحداث لم تغب عن الشاشة اللبنانية بين حين وحين، إلا أنها بعد أحداث 1975، باتت متواصلة دون هوادة، وشهد لبنان أحداثا دراماتيكية كثيرة، ومتواصلة، أكبرها وأخطرها الاجتياح الاسرائيلي 1982، وغاب السلام عن البلد، فانهارت بنيته التحتية، ومؤسساته، وتراجع وضعه االاقتصادي، وانخفضت عملته، ولحق الدمار بمختلف مناطقه ومرافقه، وأدى ذلك فيما أدى إليه، إلى هجرة غالبية شبابه، وعائلاته، ويمكن القول أن البلد في تلك الفترة، تفرغ من كل شيء ما عدا عناصر الحرب، والتوتر، والأحداث، والصدامات الدموية التي بلغت ذروتها في حربي التحرير والالغاء 1988 و1989.

لم يعد لبنان يحتمل المزيد من الانهيارات، والموت، وقد بلغت الأمور فيه حد الانهيار الكامل. بدت الصورة عقب حرب الإلغاء قاتمة، وكأنه لم يعد هناك حاجة لدى العالم لحالة اسمها لبنان. إلى أن تداعى العالم العربي، والمجتمع الدولي لرفع الصوت، والدعوة لوقف الأحداث، فكان اتفاق الطائف الذي عقد في المملكة العربية السعودية، حيث جرى التوافق بين اللبنانيين، برعاية عربية ودولية، على تعديل الميثاق الوطني، ووضع اتفاق عيش جديد هو اتفاق الطائف الذي توج بانتخاب رينيه معوض رئيسا جديدا للجمهورية اللبنانية الجديدة، في صيغة أسماها البعض "جمهورية لبنان الثانية".

وما إن وقع الاتفاق، حتى بدأت مؤسسات الدولة بالعودة للعمل، وهدأت الأحداث الأمنية، وعاد الأمل للبنانيين بخلاص بلدهم من أتون الحروب المتواصلة التي عاشها ما يقارب الخمسة عشرة سنة.

أول إنجازات اتفاق الطائف إنه أوقف الموت، وسفك الدماء، والحروب المتواصلة، والتوترات غير المنقطعة، فانتعش اللبنانيون، وبدأوا يشعرون بنوع من عودة الروح إلى بلدهم. وانطلقت ورشة إعمار، وبناء المؤسسات، وتفعيل دور الدولة، كما انطلقت ورشة كبيرة لإعادة تأهيل مختلف مرافق الدولة، وبناها التحتية.

استمر الهدوء، رغم التجاذبات على طرق الحكم، وأساليبه، وإن هي إلا جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية، وصولا إلى عودة التوترات الداخلية مع اندلاع الأحداث السورية سنة 2011، ورغم الدعوات التي أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي بـ"النأي بالنفس" عن ذلك الصراع لإدراكه المسبق، وحكمته في رؤية التطورات وأبعادها، فإن هشاشة التركيبة اللبنانية، وتنوعها، لم تسمح بتطبيق شعار "النأي بالنفس"، مما أدخل البلد في دوامة كبيرة انعكست شللا على مرافقه، وتعثرات في حياته السياسية، وما أزمة الحكم الحالي، وتعذر تشكيل الحكومة إلا من تداعيات هذه المرحلة.

خلال هذه الفترة من التطورات، بدأت تظهر دعوات مبطنة بتعديل الميثاق الوطني، أي "الطائف"، مما يفتح البلاد على احتمالات مختلفة، أغلب الظن أنه لن تحمد عقباها لما تحمله من مجهول التدخلات الدولية والاقليمية، ومن هنا يفترض التروي في هكذا طروحات رحمة بالبلد ومواطنيه، فليس بالضرورة البحث عن صيغ جديدة، او تسويات عند كل أزمة، والعكس هو الأصح، فالحاجة، والضرورة، والحكمة تدفع إلى العودة إلى الدستور كجامع للمجتمع اللبناني السياسي والاجتماعي، واعادة الاعتبار الى تطبيق الدستور، والالتزام بالاتفاق التاريخي الذي كبح جماح انزلاق البلد في اتون الحرب الاهلية طيلة 17 عاما من الاقتتال والانقسام.

ولا بد من العودة إلى اتفاق الطائف، ليس كمحطة عابرة، ولا تسوية مؤقتة، فهو وليد توافق لبناني- عربي-دولي يجب الابقاء عليه حماية للبلد من العواصف التي قد تهب عليه من كل اتجاه في حال فتح باب تعديله، خصوصا أن اتفاق الطائف شكل حماية دستورية، وأعطى مكونات السلطة، والمجتمع اللبناني حقها بالتوازي، دون شعور بالغبن لطائفة على اخرى او استئثار طرف دون اخر.

ويبقى الأهم أن اتفاق الطائف حسم خيارات لبنان على مستوى انتمائه العربي، وهويته العربية كنص في الدستور، مما ألغى عنصرا من عناصر الانقسام السابق الذي كان البلد يشهده من فترة إلى أخرى في خلافات على هويته وانتمائه.

اتفاق الطائف كرس الكثير للبنان في المرحلة السابقة، ولا يمكن حصر مفاعيله، ونتائجها الايجابية بكلمات، ولم يعد لبنان بحاجة للدخول بصراعات جديدة على الدستور، والميثاق الوطني المكرس في "الطائف"، والأهم الآن للخروج من المأزق الحالي، العودة إلى الدستور والسير، وفق مضامينه التوافقية، ومفاعيله الوطنية فهو خير طريق للانقاذ
.

(محمود إدلبي - باحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية)

 

تابع
Advertisement
22:10 | 2024-04-17 Lebanon 24 Lebanon 24

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك