Advertisement

لبنان

القمة التنموية ودرس محمد بن راشد.. دبي تتشبّه ببيروت!

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
23-01-2019 | 05:04
A-
A+
Doc-P-549234-636838426833566305.jpg
Doc-P-549234-636838426833566305.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

انتهت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت، ربما قبل أن تبدأ وليس بعد إعلان بيانها. ثمة تفاصيل كثيرة متعقلة بالقمة لا تزال تطرح في الصالونات السياسية وعند الخبراء والمعنيين ومنها مستوى المشاركة، والأخطاء البروتوكولية وتضخيم دلالات بند النازحين وغيرها، وخصوصاً في ظل ما آلت إليه أمور البلد من تعثر سياسي، وانكماش اقتصادي، وقلق مالي، وظروف معيشية مزرية، واستهانة بالدستور والقوانين والوطن.

Advertisement

تأسيساً على كل ذلك يطرح السؤال عن "نموذج" التنمية الذي يريد لبنان تصديره للعالم العربي كمبادرة للاحتذاء به، ثم بعد ذلك كيف يطلب من العرب، والخليجيين تحديداً، التضامن مع لبنان، وتحمل أعباء النزوح، في ظل ما يحصل في الداخل من انقسامات وخلافات وانحياز فريق وازن ضد الدول الخليجية الرئيسية؟

فما بين عاصفة طبيعية وأخرى سياسية يغرق لبنان وكأنه خارج من كارثة طبيعية، وتغرق معه هيبة الدولة وكل كلام عن بنية تحتية وتنمية وإعمار. التنمية شأنها شأن كثير من مصطلحات إدارة الشأن العام، خرجت وفق الطريقة اللبنانية من معناها التقني والتخصصي والرؤيوي والاستشرافي لتصير كلاماً معسولاً عن استجرار مصالح خاصة في بلد بعيد كل البعد عن معدلات النمو ومؤشرات التقدم والرفاهية.. وفي ذلك ما يكفي من المبررات للعرب لينأوا بأنفسهم عن مستنقعات لبنان وأوحاله.. الابتعاد، والحال هذه، حكمة لا يتقنها إلا الحكماء.

لبنان لم يعد ذلك البلد الذي عرفوه، وأحبوه، وسعوا للتشبه به والاستفادة منه. لأسباب كثيرة، لكنها غير مقنعة، تحول لبنان من بلد يصدّر الإشعاع والمبادرات والعلم والطب والهندسة وصناعة الأمل والتحدي والنهوض من تحت الركام.. إلى بيئة خصبة للانقسام، وانتظار إشارات الخارج، وموضع شكوك المجتمع الدولي، واستنكاف الأشقاء الذين ما ترددوا يوماً في الوقوف إلى جانبه!!

قبل أيام، أصدر حاكم دبي، ونائب رئيس دولة الإمارات ورئيس حكومتها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كتاباً حمل عنوان "قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً"، أورد فيه مواقف ومحطات وخلاصات وتأملات هي زبدة تجربة شخصية في الحكم والإدارة والإنماء والتحدي وصناعة المستقبل. في كتابه يشير حاكم دبي إلى "حلم تردد في ذهني، وهو أن تكون دبي كبيروت يوماً ما"، ثم يمضي ليصف بيروت بأنها "جوهرة الشرق في الماضي.. أذهلتني صغيراً، وعشقتها يافعاً، وحزنت عليها كبيراً".. ما حقتته دبي من نجاح ونمو ليس وليد صدفة، ولا فائض موارد طبيعية، بل نتاج ثقافة وتخطيط وعمل دؤوب، ومراكمة نجاحات، للوصول إلى هدف محدد.. هكذا هي التنمية، متى تحولت إلى سياسات عامة وضعت البلد على سكة النهوض والتميز وانتزاع تقدير وإعجاب واحترام العالم.

في بحثه حول تاريخ الأمم، يرى ادوارد غيبون أن إمبراطورية روما لم تسقط في حرب مع امبراطورية أخرى، أو في نهاية صراع أممي، بل هوت مريضةً، معتلةً، بالضعف الذي أصاب المجتمع والاقتصاد والمؤسسات التي لم تعد قادرة على حماية نفسها من جحافل البرابرة المهاجمين. "لقد اهترأت روما من الداخل عندما فقد الناس ثقتهم في ثقافتهم ومؤسساتهم، وتصارعت النخب من أجل السيطرة، وتزايد الفساد، ولم يعد في قدرة الاقتصاد أن ينمو"، ينقل الكبير سمير عطا الله عن غيبون، ويضيف "كأنه يصف لبنان عشية – أو غداة – القمة العربية التنموية في بيروت. بلد اقتصاده سابح في الفضاء بعيد عن باقي معدلات النمو ومؤشراته ومكوناته، وفي ذريعة البحث عن حكومة وحدة وطنية، يعيش بلا حكومة، في ظل حكم متحارب، متهادن، لا متوافق، داخل في نزاع يومي حول معاني الدستور وأصول الحكم ومفاهيم الوطن".

لقائل أن يقول، إن التخلف والتناحر والانقسام والفساد وغياب الشفافية هو بسبب مؤامرة خارجية، وبأن ثمة من لا يسمح لبلد ما بالتقدم والازدهار.. كل ذلك كليشيهات وفذلكات لا طائل منها. التخلف في جزء كبير من العالم العربي، ومن ضمنه لبنان، هو بسبب الانتهازية، وعشق التسلط والسلطة، والكذب والنفاق، وغياب الدولة، وهشاشة المجتمع، وانتفاء الحريات، وتهميش القانون.. وفوق كل ذلك، احتقار الإنسان والتنكر لحقوقه.. ومتى كانت غاية الدولة التسلط تحولت إلى مزيج هجين من العصبية والمصالح.. وهذه لا تستحق أن تكون نموذجاً، ولا تستطيع أن تبتكر مبادرات.  

 

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك