Advertisement

لبنان

"قاتل متسلسل" قد يقضي على أكثر من 50 ألف شخص في لبنان بحلول العام 2020!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
21-02-2019 | 07:30
A-
A+
Doc-P-558747-636863504698127296.jpg
Doc-P-558747-636863504698127296.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
مجنوناً، بات طقس لبنان: متساقطات كثيرة دفعة واحدة، أو سيولٌ وفيضانات في المدن، أو موجات حرّ شديدة، أو جفاف حادّ...والأكثر فظاعة هو إطاحة هذا الجنون بالفصول الأربعة الذي لطالما تغنّى بها لبنان، إذ تداخلت في ما بينها فبات اللبنانيون يعيشون الصيف في الشتاء والعكس صحيح.
Advertisement

لكنّ القصة أخطر من ذلك. فالطقس المحليّ استمدّ تطرّفه من التغيّر المناخي الذي بات يُشكلّ اليوم التحدي الأكبر بالنسبة إلى العالم أجمع، وما تقوله الدراسات والتوقعات يستدعي دقّ ناقوس الخطر، أو بالأحرى، إعلان ما يُشبه حال الاستنفار لمواجهة هذا "القاتل المتسلسل".

التغير المناخي
في حديث لـ "لبنان 24" تشرح مديرة مشروع تغير المناخ التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في وزارة البيئة ليا القاعي أنّه بات شائعاً المزج بين مصطلحي "الاحتباس الحراري" و"التغيّر المناخي"، لكنّ الصحيح هو أنّ "الاحتباس الحراري ليس إلا جزءاً من تغيّر المناخ".

وتتابع موضحة ومُعرّفة التغيّر المناخي بأنه يتمثل بازدياد وتيرة الأحداث الطبيعية وتطرّفها، فنرى على سبيل المثال كثافة في المتساقطات أو اضطراداً في الجفاف أو ارتفاعاً أو انخفاضاً في درجات الحرارة، فيما يُنسب الاحتباس الحراري إلى حال زيادة معدل درجات الحرارة على سطح الأرض (نتيجة التغيّر المناخي).

والتغيّر المناخي، بحسب القاعي، "بيضرب على الوتر الحساس"، ما يعني أنه يفاقم حالة الطقس الأصلية والاعتيادية ويجعلها أكثر عنفاً وتطرفاً.

و"أزمة القرن" هذه لا تستثني بقعة على وجه الأرض، رغم تفاوت التأثيرات بين بلد وآخر. اليوم، وبحسب القاعي، "جميعنا يتابع ما تشهده أميركا من حالات طبيعية جديدة وغير مألوفة مثل موجات الصقيع والثلوج. كذلك الأمر في عدد من الجزر والمناطق التي باتت أعاصيرها تحلّ بشراسة أكثر مما كانت عليه من قبل. حتى التسونامي "المعتاد" في بعض الدول بات يحلّ بشكل مختلف وقاس".

تغيّر المناخ عالمياً سببه الإنسان
وتشرح القاعي أن "الأنشطة التي يقوم بها البشر على هذه الأرض أدّت ولا تزال إلى ضرب المناخ".

نتحدث هنا عن قطاعين أساسيين: قطاع إنتاج الطاقة (واستهلاكها بطبيعة الحال)، وقطاع النقل، والاثنان يستهلكان الوقود الأحفوري (فحم، بترول، غاز طبيعي).

ومن المعروف أن انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون الناتجة بشكل رئيس من احتراق الوقود الأحفوري هي التي تساهم في تفاقم ظاهرة تغيّر المناخ.

في لبنان، تشير الدراسات إلى ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة بنحو 5 في المئة سنوياً بين عامي 1994 و 2012.

لكن بحسب القاعي، مسؤولية لبنان في إحداث التغيّر المناخي، تكاد لا تُذكر، فيما تُدرج أميركا والصين مثلاً على أعلى قائمة الدول المساهمة في تغيّر المناخ، وليس بسبب أدائهما البيئي السيىء بل لأنهما حكماً الأقوى صناعياً.

لكن هذا لا يعني طبعاً إعفاء لبنان أو أي من دول الأرض من مسؤولياتهم تجاهها وتجاه البيئة المحليّة.

هناك حلول تساعد على التخفيف من تفاقم التغيّر المناخي، وبما أن حرق  الوقود الأحفوري هو المصدر الأساسي لغازات الدفيئة فإن الحدّ من هذه العملية سيؤدي حكماً إلى "فرملة" الاضطراب المناخي.

وتشرح القاعي أنّ الحلول البديلة تكمن في الطاقة المتجددة، وترشيد استخدام الطاقة، وتغيير الفيول.

ويبرز دور الفرد في الحدّ من ظاهرة تغيّر المناخ من خلال اتباعه نظاماً حياتياً يهدف إلى الحدّ من استهلاك الطاقة، سواء في المنزل أو في المؤسسات التجارية أو المصانع المحلية، ويؤدي ترشيد الطاقة بطبيعة الحال إلى التخفيف من إنتاج الطاقة.

أما تغيير نوع الوقود من ملوّث إلى أقلّ تلويثاً فإنه يساهم ايضاً في الحدّ من الظاهرة. وتقول القاعي في هذا السياق:" يملك لبنان اليوم خطة للانتقال من استخدام الفيول الأحفوري إلى استخدام الغاز الطبيعي الذي يحدّ من انبعاثات الكربون، علماً أنه ليس الحلّ المثالي أيضاً".

ويُعدّ التوّجه إلى الطاقة المتجددة من أنجع الحلول البديلة. وتلفت القاعي إلى أنّ "ثمة ثلاث محطات لتوليد طاقة بديلة في لبنان ومن المتوقع أن يتمّ انتاج الطاقة في عكار من الهواء خلال 3 سنوات، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الشمسية في عدد من المحافظات لاستخدامها في الشبكة".

لكنّ لبنان، وبخلاف دول أخرى وصلت إلى الطاقة المتجددة بنسبة مئة في المئة أوأقلّ بقليل بفضل احتوائها الأنهر والسدود...، لا يسعه الاتكال على الطاقة المتجددة فقط.

ثمة التزام رسميّ بالوصول في العام 2050 إلى إنتاج 30% من الطاقة المتجددة في لبنان، وبحسب القاعي تعمل الوزارات المعنيّة (الطاقة، البيئة..) لتحقيق هذا الهدف. ويمكن إنتاج الطاقة المتجددة محلياً من الشمس والهواء والمياه، وإنما أيضاً من النفايات. غير أنّ القاعي توضح في هذا الإطار أنه عندما يتمّ توليد الطاقة من النفايات، فإن الهدف الأساس والرئيس يكون معالجة النفايات وليس إنتاج الطاقة.

الحلول البديلة
أما الحلول البديلة في قطاع النقل، فهي بدورها متعددة. تأمل القاعي أن يُسّن قانون في لبنان ينصّ على إدخال الفيول المطابق لـ EURO 6 فقط إلى لبنان.

ومن الأهمية التشجيع على شراء السيارات الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة، وتلفت القاعي في هذا الإطار إلى أنّ "وزارة البيئة نجحت في حثّ مجلس الوزراء على تخفيض الضرائب والرسوم على السيارات الهجينة"، مشيرة في الوقت نفسه إلى ضرورة إنشاء نقل عام مشترك جديد ونظيف وذي فعالية.

إذاً، تساعد هذه الحلول وسواها على الحدّ من تفاقم أزمة تغيّر المناخ، ولبنان مدعوّ إلى البدء بتطبيقها انطلاقاً من مسؤوليته تجاه العالم، ولكن أيضاً حفاظاً على قطاع البيئة فيه سيّما في ظلّ ارتفاع التلوّث والأضرار العديدة التي سُجلّت.

اللافت أن الوقت داهم، والبشرية قد تكون ماضية في طريق الهلاك السريع من دون أن تفهم وتدرك أنّه عليها التحرّك اليوم….الآن!

وفق بعض الإحصاءات والدراسات، لوحظ ارتفاع الحرارة الشاملة بـ 0،74 درجة مئوية خلال القرن العشرين، وهي النسبة الأكبر للارتفاع خلال الألف سنة الماضية. وقد سجّلت 11 سنة من أصل الـ 12 سنة الممتدة  في الفترة  بين  1995 و2006 كأعلى 12 سنة في ارتفاع معدلات  الحرارة فيها منذ 1850 . ويُتوقع أّن يرتفع متوسط درجة الحرارة في منطقة الشرق الأوسط بمعدّل حوالى 1 - 2 درجة مئويّة بين 2030-2050، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات التبخر وتدهور التربة في مساحات واسعة من الأراضي في المنطقة.

ولبنان أيضاً سيظلّ في قبضة "القاتل المتسلسل"، إذ ارتفع المعدل السنوي للحرارة حوالى 3 درجات، وجعل الاحتباس الحراري (لبنان، وبخلاف دول أخرى قد تصبح أكثر صقيعاً، يميل إلى أن يصبح أكثر حرّاً وجفافاً)، شتاءه أقصر وصيفه أطول.

لكنّ التأثيرات الكارثية والصادمة تكمن في ما يقوله بعض الدراسات: من المتوقع أن يُسجّل لبنان 50 ألف حالة وفاة بحلول العام 2020 بسبب التغيّر المناخي!

هذه المعلومة الصادمة تكشفها القاعي فيما تردد أنّ الوقت ينفذ وقد دقّ جرس الإنذار.

وتشرح أنّ حالات الوفاة قد تكون بطريقة مباشرة (سيول وفيضانات وأعاصير وموجات حرّ أو صقيع…) أو غير مباشرة مثل الأمراض الناجمة من التغيّر المناخي أو  الاضطرابات التي ستصيب الطبيعة في قطاعاتها كافة، وبخاصة الزراعية.

ومن المعروف أنّ مظاهر التغيّرات المناخية وتأثيراتها نستطيع تحسسها اليوم، فبالإضافة إلى تبدل معدلات الحرارة والمتساقطات والفصول، ثمة ارتفاع في معدلات المحيطات. وتقول الدراسات إنّ المستويات العامة للبحار قد ارتفعت  بين 0,1 و 0,2 متراً بسبب التمدد الحراري للمحيطات، كما حصل تراجع واسع للمناطق الجبلية الجليدية في المناطق غير القطبية خلال القرن العشرين وانخفضت الطبقة الثلجية عموماً بنسبة 10% منذ سنة 1960.

وبحسب القاعي، تتهدد هذه التغيّرات جزراً كثيرة موجودة في العالم، فعلى سبيل المثال يجهد المعنيون في جزر المالديف المهددة بالزوال لوضع خطط مستقبلية تقضي بنقل السكان إلى مكان آخر.

ويؤثر ذوبان الثلوج في القطبين في الطقس وحرارة المياه، وبالتالي من المتوقع أن تصبح الظواهر الطبيعية مثل التسونامي والأعاصير أكثر عنفاً وفتكاً.

لكنّ الأضرار الناجمة من التغيّر المناخي لا تقتصر فقط على الطبيعة بل إن الإنسان بطبيعة الحال مهدد في صحته.

وتشرح القاعي أن بعض الفئات مثل الأطفال وكبار السنّ هي الأكثر تضرراً، ويتخوّف في لبنان من تفشي الملاريا بسبب هجرة الحشرات الناقلة لهذا المرض من أفريقيا التي ستصبح أكثر حرّاً إليه، وهذا موضوع في غاية الخطورة إذ بإمكان أوبئة كهذه تغيير استراتيجيات دول بأكملها.

وتلفت القاعي إلى أنّ الثروة البحرية أيضاً في خطر، فاليوم نرى في البحر الأبيض المتوسط أسماكاً وكائنات بحرية "غريبة" عنه، وهي آتية من البحر الأحمر ومن أماكن أخرى.

وتتطرق القاعي إلى أهمية التوعية واتخاذ الإجراءات الوقائية والتنفيذية على المستوى الرسمي، فترى أنه من الجيّد والمهم إغلاق المدارس عند حدوث عواصف في لبنان على سبيل المثال، معتبرة أنّ من ينتقد هذه الإجراءات باعتبار أنّه "لطالما أمطرت وثلجت في الشتاء"، إنما يقلل من خطورة التغيّر المناخي.

في الخلاصة، صحيحٌ أنّ عمر البشرية آيل إلى التقلّص بسبب التغيّر المناخي، إلا أن القاعي تتمسك بالأمل: "ما زال بإمكاننا التحرّك وتغييّر معالم المستقبل القاتم".



المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك