Advertisement

لبنان

العفو العام.. زياد عيتاني ووجوه العدالة الكثيرة

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
01-03-2019 | 05:15
A-
A+
Doc-P-561525-636870376961919663.jpg
Doc-P-561525-636870376961919663.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
شهدت الفترة الأخيرة بُعيد تشكيل الحكومة، عودة التحركات الشعبية الضاغطة باتجاه تسريع إقرار العفو العام، بعدما لم تفلح كل محاولات إقراره قبل الانتخابات النيابية التي حصلت ربيع العام 2018، خصوصاً وأن الحكومة الحالية تعهدت في بيانها الوزاري أنها "ستعمل على إقرار مشروع قانون للعفو العام"، من دون أن تتوضح حيثيات القانون العتيد؛ من سيشمل، ومن سيستثني، ومتى سيصدر، وهل سيخضع لتبادلات الوضع اللبناني وفق ثلاثية: الارهاب، المخدرات، والتعامل مع إسرائيل؟
Advertisement

مناسبة استعادة الحديث عن قانون العفو إلى جانب شموله في البيان الوزاري، التحركات الشعبية في منطقة بعلبك، والتحرك الأخير لموقوفين في سجن القبة في طرابلس وأهاليهم خارجه، ومن قبل هؤلاء جميعاً الاضراب الذي نفذه سجناء في سجن رومية للمطالبة بتسريع الملف.

ومناسبته أيضاً توالي فصول المحاكمة في قضية الفنان زياد عيتاني. فقضية عيتاني بتفاصيلها وطريقة تركيبها، كشفت فيما كشفته، أن التوقيفات والأمور والقضايا والانجازات والتهويلات والمعارك والانتصارات في لبنان، مهما جرى تضخيمها أو تسخيفها، تبقى مجرد وجهة نظر. نعم وجهة نظر تخفي ألف وجه ووجه. وما ينطبق على العمالة ينسحب حكماً على الإرهاب. الأمران غاية في الفظاعة والجرمية، لكنهما متى استحالا مساحة لتصفية الحسابات أو للاستقواء أو لتضخيم إنجازات مزيفة أو بث مخاوف ونشر هواجس أضحيا شعاراً فارغاً ممجوجاً، وهذا الكلام لا يعني، قطعاً، تبرير العمالة أو تسويغ الإرهاب متى كان الجرم متحققاً لناحية استهداف الأرواح أو الاستقرار. 

في قضية عيتاني تبين بعد 111 يوماً قضاها في السجن، أن تهمته فيلم سيّء السيناريو والإخراج وينضح عُقداً وأمراضاً نفسية ونقائص أخلاقية للمتورطين فيه، وفي قضايا من يصطلح على تسميتهم "الموقوفين الاسلاميين"، ثمة من قضى سنوات وأشهراً موقوفاً بتهمة الإرهاب، من دون الوصول بملفه إلى أية خواتيم، سعيدة أم حزينة!، أكثر من ذلك كثيرون منهم أوقفوا بشبهات غريبة أو مستهجنة!

للتذكير فإن من اصطلح على تسميتهم "الموقوفين الإسلاميين" عددهم نحو 1300 شخص، ومن يسمون "المبعدين قسراً"، وهم عائلات عملاء اسرائيل الذين كانوا في جيش لبنان الجنوبي وانتقلوا إلى داخل الاراضي المحتلة في العام 2000 يبلغ عددهم 4859 شخصاً، وهناك آلاف من المطلوبين بجرائم إطلاق نار، وملاحقين بموجب وثائق اتصال وخلاصات أحكام، وتجارة مخدرات قد يشملهم العفو العتيد على أن يستثني بطبيعة الحال الجرائم المحالة على المجلس العدلي، أي جرائم الاعتداء على أمن الدولة، والتفجيرات والاغتيالات السياسية، وكذلك العناصر المتورطة بخطف وذبح جنود الجيش اللبناني في جرود عرسال.

غير التأخير غير المبرر في حسم هذا الملف، ومع أن الثابت أن هناك مصالح اجتماعية وإنسانية، ومصالح سياسية أيضاً، في إصدار هذا القانون، ثمة محاذير ومخاوف من بروز عقبات أو "قطب" تطيح به وبالرهان عليه، كأن يقتصر على أشخاص ويستثني آخرين، بدوافع سياسية أو طائفية أو مذهبية، والمقصود هنا الموقوفين الإسلاميين طبعاً، فهذا الملف أساساً يشوبه كثير من الغموض بهدف إبقائه أسير تهمة "الإرهاب"، فيما المطلوب سابقاً واليوم وغداً حسمه وفق الأصول والاجراءات القضائية المعتبرة لإعلان براءة من يستحق البراءة وإدانة أي متورط، فبعض هؤلاء أوقف لأمور بسيطة، وبعضهم يعاني ظروفاً صحية صعبة، وتوقيف هؤلاء سنين متطاولة ترك آثاراً اجتماعية وحياتية وتربوية سلبية جداً ومدمرة، وحشر الموقوفين وعائلاتهم في بازار الابتزاز الداخلي، والتسويق الخارجي تحت عنوان مكافحة الارهاب.

ثم إن الارهاب وفق التوصيف النظري أو الممارسات العملية، لا ينطبق على كثير من هؤلاء الذين تثير تهمهم في بعض الأحيان الدهشة والغرابة في آن، لكن الشعور بالانكسار السياسي للطائفة السنية الذي ضرب المعادلة الوطنية منذ 2005 وصعود نجم مقولات مكافحة الارهاب والتطرف ورواجها في التسويق لدى الدوائر الغربية، ساهم في تعاظم هذه المأساة. المفارقة المحزنة هنا، ليس التباطؤ في حسم ملفات الموقوفين الاسلاميين فحسب، بل رمي عشرات الأشخاص بشبهة الظن والشك، في السجون من دون إصدار أحكام أو قرارات تخلية سبيل، بما يوصلهم إلى حالات من اليأس والضياع، وينمي عندهم الشعور بالظلم والغبن، ويزين لهم مقولات الخروج على الانتظام السياسي والاجتماعي والديني والقيمي، ويجعل منهم فريسة سهلة للانزلاق إلى دروب الارهاب الحقيقي.

ودفعاً لأي تفسير مغلوط، لا أحد يناقش باستحقاق أي متورط بجرائم ارهاب أو ضرب الاستقرار للعقاب المنطقي والمستحَق بقدر الارتكاب، لكن في لبنان للأمور مائة وجه ووجه، وما نحن بصدده ليس إجراءات قانونية أو لعبة تذاكي أو صراعات سياسية، إنما قضية حساسة تتصل بسلامة مجتمع واستقرار وطن وهي أمور لا يكفي فيها نص القانون بل تحتاج روح العدالة.
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك