طالما ولدت الحكومة الجديدة بمنأى عن الضغوطات الخارجية بعد مدّ وجزر دام نحو تسعة أشهر، حيث شهد لبنان تفرّداً في نسج قراراته الداخلية على مستوى الملف الحكومي والذي تمت حلحلته نتيجة للتوافق بين سائر الافرقاء، الأمر الذي لم ينسجم مع تطلعات الساحة الاقليمية والدولية التي بدأ مندوبوها بالتوافد الى بيروت للقاء المسؤولين في محاولات لاستعادة سيطرة نفوذهم على الساحة اللبنانية.
وإذ وصل مساعد وزير الخارجية الاميريكي دايفيد ساترفيلد الى بيروت في زيارة وصفت بالمفاجئة، أعرب مصدرٌ سياسي بارزٌ لـ "لبنان 24” عن قلقه من المواضيع التي تمت مناقشتها خلال لقاءات مع مسؤولين لبنانيين، معتبراً ان الشأن اللبناني الداخلي لم تعد طريقه معبّدة لاستقبال الاملاءات الخارجية في ظلّ حكومة "العهد" والتقارب الحاصل بين جميع المكونات السياسية، حيث لفت المصدر الى أن ساترفيلد كان قد نقل قلق الادارة الامريكية من تضاعف نفوذ "حزب الله" في لبنان بعد تسلّمه حقيبة الصحة التي ستسهل تمدده في كافة المناطق اللبنانية التي لم يتمكن الحزب من خرقها في السابق على صعيد العمل الاستخباراتي والامني.
وأضاف المصدر بأن مساعد وزير الخارجية الامريكي قد حصل على تطمينات من الجانب اللبناني أكدت على ان دور "حزب الله" في المرحلة المقبلة سيكون محصوراً في تعزيز امكانات وزارة الصحة ومكافحة الفساد الأمر الذي لن يساهم في توسيع نشاطه العسكري والأمني في الداخل اللبناني.
وفي معلومات لموقعنا، أفاد مصدر مطّلع بأن زيارة دايفيد ساترفيلد الى لبنان حملت معها رغبة الادارة الامريكية بالتصدي للمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وأشار الى أن هذه الزيارة التي وصفها بـ "الطارئة" تأتي في إطار قطع الطريق على زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى موسكو وأمام تفعيل اي تسوية مقترحة من الجهات الروسية الرسمية.
وأضاف الى ان ساترفيلد نقل بحزم هواجس الادارة الاميركية من العرض المقدم من الجمهورية الايرانية الذي يقضي بتسليح الجيش اللبناني ملمحاً الى ان جميع الهبات الاميريكية ستتوقف اوتوماتيكيا في حال اراد الجانب اللبناني البحث في مسألة هذا العرض، وبحسب المصدر فإن المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم ساترفيلد علّقوا على هذه البنود باقتضاب، لافتين الى ان هذا الأمر يعود الى عون الذي يقرر بالتنسيق مع رئيس الحكومة سعد الحريري سياسة الحكومة اللبنانية في هذا الشأن ويحدد مدى تجاوبه مع المبادرة الروسية والعرض الايراني من عدمه.
وفي سياق منفصل، علم "لبنان 24" ان شبكة الاذاعة والتلفزيون البريطاني "بي بي سي" سعت في اليومين الماضيين الى إجراء مقابلة مع "حزب الله" في بيروت الا ان الاخير رفض ذلك وأبى ظهور أي من مسؤوليه على القناة الرسمية البريطانية بعد خطوة بريطانيا الاخيرة بتصنيف "حزب الله" بالتنظيم الارهابي.
كيف ستكون تداعيات زيارة دايفيد ساترفيلد على لبنان؟ وكيف ستترجم هواجس الادارة الاميركية من سيطرة "حزب الله" في البلاد؟ وهل يكون "النأي بالنفس" شرطا اساسيا قد يعكس تراجعاً بالعلاقات اللبنانية- الاميركية؟