Advertisement

لبنان

بومبيو يزور دولة "حزب الله"؟

علي منتش Ali Mantash

|
Lebanon 24
23-03-2019 | 05:58
A-
A+
Doc-P-569265-636889429982670436.jpg
Doc-P-569265-636889429982670436.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

في الشكل،  دخل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيوإلى بيروت خاليةً من أي وجود ظاهر لـ"حزب الله"، إذ لم يجد مسلحين تابعين له. فلا مظاهر حزبية جدية في المطار أو في العاصمة، ولم يلتق بأي من قيادات الحزب الذي تصفه واشنطن بالإرهابي. فبإستثناء مروره على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، لا شيء يُذكر عما تسميه واشنطن "دولة حزب الله"، لكن في المضمون قد تكون نتائج الزيارة الأميركية قد جعلت بومبيو يخرج من بيروت بخلاصة مفادها أنه زار دولة تابعة كلياً للحزب.

 

قبل البحث بما حققته زيارة بومبيو إلى لبنان، يجب معرفة ما هي أهداف واشنطن في هذا البلد الصغير على ضفاف المتوسط؟

 

لا شكّ في أن الهدف الرئيسي لواشنطن في لبنان هو إضعاف "حزب الله" ومحاصرته، ولتحقيق هذا الهدف الكبير عليها تحقيق مجموعة من الأهداف الصغيرة، أولها ضرب بنيته العسكرية، وهذا ما يبدو متعذراً لأسباب عديدة، أولها عدم رغبة الإدارة الأميركية بتدحرج الشرق الأوسط إلى حرب، حيث أنها ستمنح في السياسة حليفتها تل أبيب كل شيء يصب في خانة ما دون الحرب، والسبب الثاني هو أن إسرائيل تعيش في حالة لا يقين الإنتصار في أي معركة عسكرية محتملة، لذلك فإن ضرب "حزب الله" عسكرياً يبدو أنه وضع على الرفّ.

 

تحاول واشنطن إستعمال أهم أسلحتها – ما دون العسكرية – في حربها على "حزب الله" في لبنان، ألا وهي العقوبات المالية والإقتصادية، وفي حين تستطيع أميركا الضغط على إيران حتى أقصى حدّ من أجل إخضاعها، تتقيد في حصارها المالي للحزب بشبكة مصالح حلفائها في لبنان، التي لا يبدو أنها في وارد التضحية بهم في حربها على الحزب، لذلك فإن حرب العقوبات والحصار المالي لها سقف لن ترغب واشنطن في تجاوزه، وهذا السقف، ولأسباب عديدة، غير كاف لضرب البنية التنظيمية الصلبة للحزب، وفق ما يقوله مقربون من الحزب.

 

لكن زيارة بومبيو لا تخدم أياً من الهدفين السابقين (الحرب، والعقوبات)، بل تهدف إلى تحقيق أمرين لا ثالث لهما، الأول والأبرز هو الضغط على حلفاء "حزب الله" وتهديدهم بأن العقوبات مهيأة "لإستهدافكم أيضاً في حال إستمراركم في تغطية الحزب سياسياً وشعبياً، وفي مؤسسات الدولة. فقانون العقوبات الذي أقره الكونغريس يشمل من يقوم "بدعم حزب الله" من دون تحديد ما إذا كان هذا الدعم مالياً أم سياسياً"، إذ إن واشنطن تعتبر أن مثل هذه الضغوط قد تردع حلفاء الحزب عن مساندته وتالياً تساهم في عزله لبنانياً.

 

أما الهدف الثاني لزيارة بومبيو، فهو إستنهاض حلفاء واشنطن، بعد تراجع حضورهم النيابي والتنفيذي في الدولة اللبنانية، وبعدما وصلت إلى واشنطن تقارير عن تراجع حماس "القوات اللبنانية" في لعب دور رأس الحربة في المعارك السياسية الداخلية، بالتزامن مع الخلاف العميق بين رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري.

 

لكن يبدو أن ثمة مؤشرات توحي بأن الزيارة لم تُحقق أهدافها. فبإستثناء تغريدات النائب السابق فارس سعيد، لم تستطع زيارة بومبيو إحداث "تسونامي" إعلامي وسياسي ضدّ "حزب الله".  فلا تصريحات وخطابات ومواقف من قبل حلفاء واشنطن، حتى أن أجواء لقائه برئيس للحكومة سعد الحريري لم تُسرّب إلى الإعلام بعكس لقاءاته الأخرى، على رغم أن بعض الأجواء تشي بأن ثمة حملة متوقعة بهذا المعنى بعد مغادرة بومبيو.

 

حتى أن دعوة العشاء التي نظمها أحد حلفاء الولايات المتحدة في لبنان، رئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوض ودعا إليها شخصيات من مختلف القوى السياسية، أخرجها علناً من إطارها السياسي، إذ قال في تصريح تلفزيوني: "هذه دعوة إجتماعية، يجب إبعادها عن السياسة"، وللمفارقة فإن معوض نفسه هو في كتلة "لبنان القوي" التي يرأسها وزير الخارجية جبران باسيل، أحد حلفاء "حزب الله".

 

ربما هي التوازنات السياسية الجديدة في لبنان، التي جعلت واشنطن غير متحكمة بأدوات فاعلة  للتأثير في لبنان، وجعلت بومبيو يستمع إلى مواقف رسمية في ثلاثة مقرات رسمية من أصل أربعة على الأقل، تؤكد على أن العقوبات على "حزب الله" تؤثر على لبنان واللبنانيين بشكل عام، وأن الحزب الذي يُتهم بالإرهاب يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين.

 

في الشكل، ظهر تصريح بومبيو العنيف ضدّ الحزب من أمام وزارة الخارجية، خارجاً عن سياقه السياسي في ظل غياب التصريحات السياسية اللبنانية المواكبة له، وخارجاً عن سياقه الديبلوماسي الذي تحرص عليه واشنطن عادةً، وهذا إن دلّ إلى شيء فإلى جدية الولايات المتحدة الأميركية في مواكبة ما يجري في المنطقة، بعدما شعرت بأن البساط يُسحب تدريجياً من تحت قدميها، وهي لذلك تسعى إلى الضغط في الساحة اللبنانية كونها على صلة وثيقة بما يجري من حولها.

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك