Advertisement

لبنان

"الماراتون" الحكومي انطلق... الموازنة الى اجتماعات دورية فماذا تخفي في طياتها؟

Lebanon 24
30-04-2019 | 22:38
A-
A+
Doc-P-582581-636922860143168730.jpg
Doc-P-582581-636922860143168730.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
شكّلت جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس في قصر بعبدا، بداية انطلاق بحث جدي بموازنة العام 2019، والتي تشهد الكثير من الاصلاحات البنيوية،  والتي تأخرت حوالي عام وشهر على تاريخ توقيع مؤتمر "سيدر" ما يثير العديد من التساؤلات عند الجهات المانحة حول الجدية في التعاطي مع هذا الأمر.
Advertisement
وعلى الرغم من التأخير في تقديم الموازنة، حاصرت الحسابات السياسية والمزايدات الشعبوية مجلس الوزراء الذي عقد جلسته الأولى للاطلاع على مشروع الموازنة وسماع شروح وزير المال علي حسن خليل عنه. فقد انعقدت هذه الجلسة على وقع اعتصام العسكريين المتقاعدين الذين بادروا الى إقفال مداخل مصرف لبنان ومرفأ بيروت ووزارة المال، مهددين بتصعيد اضافي لتحركهم. 
وأمس، تمثلت الجلسة الأولى للموازنة، بعرض للارقام والتوجهات من دون الدخول في التفاصيل، على ان تبدأ الجلسات الماراتونية من السراي الكبير اليوم  وحتى يوم الأحد لإنجاز المشروع، واحالته الى المجلس النيابي، مع بداية شهر رمضان، على وقع مساع وحركة اتصالات لتعويم وضعها ومواجهة تهديد الشارع، خصوصا بعدما بادرت جهات عدة الى الاعتراض على الاجراءات التقشفية ومنها جمعية المصارف، والقضاة، واساتذة الجامعة.
وبينما وصفت مصادر مطلعة جلسة أمس بـ"التمهيدية"، ذكرت أنه لم تبرز خلافات كبيرة بين الفرقاء السياسيين، مؤكدة أنه في الإطار العام هناك اتفاق بين الجميع، وإذا كان من خلافات فهي ستظهر عند بدء البحث في التفاصيل.

وأوضحت المصادر لـ"الشرق الأوسط" أن "الوقت الأكبر كان لشرح وزير المال علي حسن خليل للموازنة بشكل تفصيلي ورافقه بعض الاستفسارات والاستيضاحات من بعض الوزراء الذين قدم بعضهم أفكارا في هذا الإطار"، لافتة إلى أن النقاش التفصيلي سيبدأ فعليا في جلسة اليوم.


أرقام وزير المالية
قدّم وزير المالية علي حسن خليل، إلى مجلس الوزراء أمس، تقريراً بأبرز بنود مشروع موازنة عام 2019، مبدياً انفتاحه على كل الاقتراحات. فكان أن كشف عن "سرّ" انخفاض كلفة الدَّين العام عن المتوقع. وأشار إلى أنه بنى أرقامه على إجراءات اتفق عليها مع مصرف لبنان للاكتتاب بسندات الخزينة بقيمة 12 ألف مليار ليرة على 10 سنوات، بفائدة واحد في المئة.
وسيؤدي هذا الإجراء، بحسب مشروع الموازنة، إلى انخفاض كلفة خدمة الدَّين في عام 2019 من 9700 مليار ليرة إلى 8312 مليار ليرة، أي ما يعادل 1388 ملياراً (925 مليون دولار). وبذلك تكون كلفة خدمة الدَّين قد ارتفعت 98 مليار ليرة فقط عن كلفتها في عام 2018 (8214 مليار ليرة).
وبالرغم من أن هذه الخطوة ستُسهم في خفض العجز، إلا أن ربطها بما سبق أن أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في اللقاء الشهري مع لجنة الرقابة على المصارف ومجلس إدارة جمعية المصارف، سيعني أن من سيكتتب بالسندات هو مصرف لبنان، لا المصارف. فقد أعلن سلامة حينها أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري، أكّد له أنه لن يكون هناك أي زيادة ضريبية على المصارف في موازنة عام 2019، وأنّ المصارف لن تُجبر على الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة منخفضة. مع ذلك، يبدو أن الإجراء الذي تطرق له خليل يعطي مصرف لبنان هامشاً للاتفاق مع المصارف للاكتتاب طوعياً بهذه السندات. وإذا لم يتحقق ذلك، فلن يكون أمام "المركزي" سوى طبع المزيد من الأوراق النقدية، لتغطية حجم الاكتتاب، مع ما يسببه ذلك من تضخم في السوق.
وقدم خليل عرضاً بشأن الرواتب ومعاشات التقاعد. ولكي يبيّن ضخامة كلفة معاشات التقاعد، قارنها برواتب الموظفين الحاليين من دون احتساب التعويضات المختلفة والساعات الإضافية وكلفة النقل والنقل المؤقت. وخلص إلى أنها تشكّل 72 في المئة من إجمالي ما يدفع في بند الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد. وأوضح خليل أنه أنجز عمله في ما يتعلق بقطع الحساب، وأحال قطوعات حسابات السنوات الماضية على الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبالتالي لم يعد له علاقة بالأمر.
أما في موضوع الأملاك البحرية، فقال إنه يوجد 1068 مخالفة، وإن القانون الذي أقر وبدأ تطبيقه في عام 2018 ستبدأ مفاعيله بالظهور في واردات هذا العام. هو عاد وأوضح بعد الجلسة أنه "يمكن الأملاك البحرية تأمين نحو 1500 مليار، لكن هذا الأمر لا يمكن حصوله في سنة". وقال إنه عند وضع القانون كانت الفترة خمس سنوات، وبسبب تأخر إصدار المراسيم التطبيقية لم نستفد في عام 2018، لذلك حددنا الحد الأدنى للواردات المتوقعة بـ150 إلى 220 مليار ليرة.
وفي الملخص الذي قدّمه عن الموازنة، اقترح أن تكون هناك إعادة نظر بموضوع التدبير رقم 3 للعسكريين، فصفق له عدد من الوزراء على هذا الأمر. وبادر خليل إلى القول إنه جاهز كوزير للمال على إعداد السيناريوهات المالية اللازمة لمعرفة قيمة اقتطاع نسبة على الرواتب والأجور في القطاع العام ضمن الشطور المطروحة، إلا أنه أشار أيضاً إلى أن موقفه السياسي يعترض على المسّ بالرواتب والأجور. 
وعلمت "اللواء" ان الوزير خليل سأل عن "الهمروجة" الحاصلة وراء موضوع العسكريين المتقاعدين والمزايدة حولها، مع العلم انه لم يتطرق إليه بعد ولم يقدم فيه أي شيء جديد، وتوجه إلى وزير الدفاع الياس بوصعب قائلاً: "توجهت اليوم إلى عرسال وتحدثت في هذا الموضوع في حين اننا لم نقدم أي شيء جديد يتصل بتخفيضات تطاول رواتب هؤلاء العسكريين وكأنك تزايد علينا، كما ان رئيس الجمهورية قال ان هناك من يزايد علينا. نتفق معها في الداخل على أمر وتقول امراً آخر في الخارج، وتذهب إلى الاعتراض".

4 أهداف لرئيس الجمهورية
وعلى الرغم من ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يعرض افكاره لتخفيف عجز الموازنة لكن المصادر الوزارية، بحسب "اللواء" الاّ أنه استهل جلسة مجلس الوزراء بمداخلة شدد فيها على ضرورة إقرار موازنة جدية وبسرعة، واضعاً لها أربعة أهداف:
- تحفيز الاقتصاد.
- لا تؤثر سلباً على الناس.
- تشمل الإصلاحات كل أبواب الإنفاق.
- تعكس توجهات الدولة وسياساتها المستقبلية.
ودعا إلى "إعادة النظر بهيكلية الإدارات والمؤسسات التي باتت ضرورية لمواكبة التطور التقني والمعلوماتي، إضافة إلى التوصيف الوطني والإسراع في مكننة إدارات الدولة".
أما رئيس الحكومة سعد الحريري، فاعتبر في مداخلته أن أرقام الموازنة لناحية خفض العجز غير كافية. وأشار إلى أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في طريقة الإنفاق نفسها، محدداً مشاكل البلد بثلاثة أبواب، هي الرواتب والأجور، دعم الكهرباء، وخدمة الدَّين.

مطالعة وزير الاقتصاد
الاّ ان ما برز في جلسة الأمس، هو مطالعة وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش وانتقاده أرقام الوزير خليل مُفصلاً الإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة العجز.
وتقوم مطالعة بطيش على فرضيات تحتاج إلى تدقيق وايضاحات، مورداً ثلاث ملاحظات، منها:
1- ان نتائج الفصل الأوّل من هذا العام 2019 تشي باستمرار التباطو في نمو الاقتصاد، في حين ان المشروع بني على نمو حقيقي بمعدل 1.2٪ للعام 2019 من تضخم بنسبة 1.7٪ فقط. فكيف يُمكن، استناداً إلى هذه المعدلات، ان يصل إجمالي الناتج المحلي للعام 2019 إلى 89935 مليار ليرة كما هو متوقع في التقرير؟ وكيف سيلجم تنامي الدين العام وخدمته ونسبتهما من اجمالي الناتج المحلي في ظل معدلات الفوائد المرتفعة في السوق المحلي؟ وإلى أين ستصل هذه النسب في السنوات الثلاث المقبلة.
2- يقدر وزير المالية في تقريره المرفق، العجز المحقق في العام 2018 بنحو 9816 مليار ليرة (ما يُوازي 6.511 مليار دولار). ويقدر ان يتراجع هذا العجز إلى 8887 مليار ليرة عام 2019 (ما يوازي 5.895 مليار دولار) ما يعني انخفاضاً في العجز بقيمة 929 مليار ليرة (ما يُوازي 616 مليون دولار).
اللافت بالمقابل ان مشروع قانون الموازنة قدر العجز المرتقب بـ5352 مليار ليرة يضاف إليه 2500 مليار ليرة لدعم الكهرباء، فيبلغ المجموع 7852 مليار ليرة لبنانية. أي ان هناك فارقاً بقيمة 1035 مليار ليرة بين تقرير وزير المالية ومشروع قانون الموازنة. فمن أين اتى هذا الفارق ولماذا؟ واي حساب هو الصحيح ليُبنى على الشيء مقتضاه؟
3- تقدر الإيرادات في مشروع قانون الموازنة بـ18265 مليار ليرة بالمقارنة مع 18686 مليار ليرة في قانون موازنة 2018 أي ان المشروع يتوقع ايرادات أقل مما توقعه في عام 2018 علماً ان الإيرادات المحققة خلال 11 شهراً من العام 2018 بلغت 15051 مليار ليرة. اتمنى ان يكون لدى وزير المالية تفسيراً لذلك؟ وإذا كانت التوقعات للعام 2018 غير دقيقة، فكيف يُمكن ان نضمن دقتها لهذا العام؟
وانتهى بطيش إلى تقديم مجموعة اقتراحت، ابرزها: لجم التهرب الضريبي بكافة مندرجاته وابوابه، والذي قدره بحوالى 1.7 مليار دولار، إلغاء كل الاعفاءات والتسويات الضريبية واعتماد نظام الحوافز وتخفيض الحد الأدنى من الخضوع الإلزامي للضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون إلى 25 مليون ليرة، وزيادة معدل الضريبة على فوائد الودائع مرتفعة على أرباح الامتيازات التي تمنحها الدولة، زيادة رسوم اجازات العمل والاقامة للأجانب، تحسين إدارة الدين العام بما يؤدي إلى تخفيض كلفته، إعادة النظر بهيكلية الدولة، بحيث يتم إلغاء المؤسسات والمجالس والصناديق والهيئات التي لا حاجة لها، وإعادة تنظيم مرفأ بيروت بهدف تحويله خلال ستة أشهر إلى مؤسّسة عامة، وإعادة النظر بالقروض المدعومة وبآلياتها المعتمدة.
الوزير خليل تعاطى مع بطيش بإيجابية وقال: "ان لست على خلاف معك في ما تعرضه والموازنة التي قدمتها لا اقول انها منزلة إنما اعرضها وهي اقتراحات من الممكن تطويرها وإضافة أمور عليها في مجلس الوزراء".

اما بالنسبة إلى ما اقترحه الوزير بطيش ولاقى اعتراض الوزراء ولا سيما الوزير محمّد شقير ومحمّد فنيش فهو يمثل باقتراح زيادة 3٪ على جميع البضائع المستوردة من الخارج، حيث اعتبر ان هذا الموضوع يعني وكأنه زيادة مقنعة للضريبة على القيمة المضافة (TVA) 30٪، ويطاول جميع النّاس. أما بطيش فأكد ان الهدف من ذلك حماية الصناعة الوطنية.

ولاحقاً، أعلن الوزير خليل عبر حسابه على موقع "تويتر" رفضه لاقتراح بطيش لأنه يطاول كل المستوردات الاستهلاكية، واعداً بأن الكلام تتمة.

بري مرتاح
وأبدى الرئيس نبيه بري ارتياحه إلى المسار الذي يسلكه مجلس الوزراء في مناقشة الموازنة العامة، وهو ينتظر انتهاء الحكومة منها واحالتها على مجلس النواب. ومن المتوقع الانتهاء منها في الأيام العشرة الأولى من أيار. وقال بري أمام زواره إن مجلس النواب يحتاج إلى شهر لمناقشة الموازنة تمهيداً لاقرارها على أن تتفرغ لجنة المال والموازنة لهذه المهمة. ومن المرجح ألا يدعو بري الى أي جلسة عامة طوال هذا الشهر بغية تفرغ النواب لمهمة إقرار الموازنة نظراً إلى الأهمية التي تمثلها.
بدوره، قال وزير الشؤون الاجتماعية ريشار كيومجيان، إنه في الإطار العام هناك اتفاق على أهمية وضع موازنة تقشفية تلحظ مكامن الهدر بشكل حاسم، ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ووزراء «القوات» أكدوا أهمية التركيز على بعض الأمور الأساسية كملف التهرب الضريبي والتهريب عبر المعابر، إضافة إلى الأملاك البحرية. وعن المعلومات التي أشارت إلى توجه لخفض الرواتب ولا سيما رواتب العسكريين المتقاعدين، قال: «فلينتظروا الموازنة ليروا النتائج»، مؤكدا أنه لا شيء يستدعي التحركات التي يقومون بها. وطلب عون في مستهل الجلسة «الإسراع في مناقشة الموازنة بحيث يتم إقرارها في مجلس النواب قبل نهاية الشهر المقبل»، مؤكدا «ضرورة أن تعكس سياسة الدولة الاقتصادية والمالية».
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك