Advertisement

لبنان

موازنة المستحيل اللبنانية ووزارة اللامستحيل الإماراتية

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
03-05-2019 | 05:00
A-
A+
Doc-P-583318-636924744241143053.jpg
Doc-P-583318-636924744241143053.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، قبل أيام، إطلاق وزارة جديدة أطلق عليها اسم وزارة "اللامستحيل" رسم حدودها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقول "المستحيل ليس في قاموسنا". والوزراة المستحدثة تتبنى منظمة عمل افتراضية وغير تقليدية وتعمل على هندسة المنظمات الحكومية والتفكير الاستباقي من خلال توليها ملفات وطنية.. هنا في لبنان، يحتدمُ الجدلُ – على رأسِ دولةٍ مأزومةٍ بشدّة – حول الموازنة العامة، لا بوصفها من أولى وأبسط مهمات السلطة التنفيذية والقوى السياسية المشاركة في الحكم، ومدخلاً لتأخير أو منع الانهيار الكبير، بل بنداً في السباق غير المبرر لكسب الشعبويات وتحميل الآخرين موبقات العجز والدين العام والانتهاب المنظّم.    

تزدحم المنطقة والإقليم بتطورات متسارعة، تغييرات هائلة، سباق مع الوقت والتحديات والرهانات والفوضى والانهيارات أو الانجازات.. وهنا في لبنان يبدو الزمن وكأنه توقف عند طبقة حاكمة اعتادت السير على حافة الهاوية، وفي جعبتها الكثير الكثير من الذرائع والتبريرات والأعذار للإمعان بخرق الدستور، وتهميش القوانين، وسرقة المال العام، واللعب على التناقضات.. حتى أوصلت البلد وماليته العامة إلى حدود الإفلاس، ثم يأتي من يلوم الجهات المانحة على تمسكها بشروط "الإصلاح ومكافحة الفساد" مدخلاً للمساعدة!!

قيل الكثير، وسيقال المزيد خلال الأيام القليلة المقبلة، عن مشروع موازنة العام 2019 وبنودها الإصلاحية، وطموحاتها لتخفيف العجز، لكن دون ذلك لائحة طويلة من العناوين الخلافية والأحجيات التي يصعب حلها، وفوق كل ذلك تحديات ومخاوف من أبرزها: خفض العجز، إدخال الإصلاحات، عدم المسّ بالطبقات الفقيرة والمتوسطة، تحقيق وفر يقارب الملياري دولار.. وفوق كل ذلك أن توافق الدول المانحة عليها كدليل على انخراط لبنان في عملية اصلاحية يستحق على أساسها المساعدة.

في التحديات أيضاً تداعيات العقوبات الأميركية الجديدة على إيران بتهمة زعزعة الاستقرار في المنطقة والتدخل في شؤون عدد من الدول العربية من خلال أذرعها، ومن بينها "حزب الله"..

وأيضاً تحدي تثبيت الحدود البحرية لاستخراج نفط وغاز، يكثر الجدل حوله، وهو لا يزال في أغوار البحار.

ودونها أيضاً وأيضاً معارك دنكويشوتية لمحاربة الفساد، فيما المخاوف تكبر يوماً بعد آخر من أن تكون مجرد غطاء لإلهاء الناس عن الانهيار الآتي.

ودونها كذلك مخاوف الفقراء والعمال والمتقاعدين والمعلمين والعسكريين والقضاة.. ومخاوف أصحاب المصارف والتجار والمعتدون على الأملاك البحرية.. ومخاوف الخائفين من الخوف والتخويف.. ولكل خوف طعمٌ ولونٌ وغاية.

ولعل ما هو أسوأ من السيء الجدل حول جنس الملائكة ومن ثم حول السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية، والتراشق حولها بين كبار المسؤولين، وإمعان مسؤولين ووزراء، بالاستعراض من دون حياء أو خجل، بالتسريبات والسجالات والمزايدات والتغريدات التي تناقش قضايا كبرى وأرقاماً ومشاريع... لكن بخفّة وشعبوية وسذاجة، لا تبتكر حلولاً بقدر ما تزيد العقد تأزماً، وترمي البلد في الانقسامات التي تنذر بمزيد من الأخطار والتداعيات السلبية والمناخات السلبية التي تهدد الاقتصاد والسياحة وما تبقى من مناعة لدى الشعب... إن لم يتدراك المسؤولون الأمر بشيء من الحكمة والرؤيوية والسياسات الواقعية والروح الوطنية.

الفرق بين من أوصل بلده ليرى في إنجاز موازنة عامة ضرباً من الخيال وباباً لمزيد من الصراعات والمناكفات، ومن يتطلع إلى المستقبل والتحدي والرفاهية والتسامح والسعادة.. كالفرق بين المستحيل واللامستحيل. ويسألونك عن الإحباط والإنجاز، قُل "ليس قدراً" وكفى. 

Advertisement

المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك