تتعثر النقاشات كما تنفض اجتماعات الحكومة من دون تسجيل تقدم في إقرار الموازنة وغيرها أو معالجة الاوضاع الضاغطة داخليا وخارجيا على وقع قرقعة السلاح الاميركي الذي يقترب من المنطقة، ويتصرف الوزراء كمن يترقب حصول أمر ما أو إنتظار وقوع مستجدات تعيد رسم المشهد اللبناني .
لم تخفف زيارة الموفد الاميركي ديفيد ساترفيلد وما سادها من اجواء ارتياح بين المسؤولين من وطأة حقيقة الضغط الاميركي المباشر على لبنان من زاوية ترسيم الحدود البحرية والبرية مع الكيان الاسرائيلي كما رفض عودة النازحين السوريين، تضاف اليها نية ادارة ترامب تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران و شمول لبنان بحزمة إجراءات متشددة والهدف المباشر من وراء كل ذلك ضرب "حزب الله" ومن خلفه ايران.
في المعطى الداخلي، فإن سمة المرحلة الحالية تكمن في التعثر الحكومي الحاصل والارتباك في الاداء العام والمقرون مع فائض القوة عند وزير الخارجية جبران باسيل بما يتعدى كثيرا دوره كرجل العهد الاول على غرار أسلافه في العهود السابقة، من بين التفسيرات الكثيرة هناك من يربط السر بحاجة "حزب الله" تأمين الغطاء المحلي ربطا بالاشتباك الاقليمي وإقتراب ساعة المواجهة، خصوصا أن الادارة الاميركية تعلن صراحة اللجوء الى الخيار العسكري في وجه إيران، مع العلم أن "حزب الله" ينفرد عن كامل الطاقم السياسي في لبنان بإرتباط حسابته كما دوره ونفوذه خارج لبنان نحو فضاءات واسعة .
اما في المعطى الاقليمي، فيرتفع منسوب القلق بفعل الخط الاحمرالذي بلغه الغليان في الخليج العربي وحشد وزارة الدفاع الاميركية نحو 120 الف جندي دفعة واحدة في سيناريو مشابه الى حد التطابق مع ما حصل أثناء إجتياح العراق واسقاط نظام صدام حسين ووضعه تحت الاحتلال الاميركي المباشر، و ضمن نفس السياق تضع ادارة ترامب اللمسات الاخيرة لصفقة القرن فلسطينيا، والتي مهدّت لها بنقل سفاراتها نحو القدس وضم الجولان للسيادة الاسرائيلية .
في هذا المجال، يؤكد أحد الخبراء العسكريين لـ"
لبنان 24" أن قرار ضرب إيران عسكريا بات أمرا واقعا يبدي جدية فائقة تسديد ضربة قاصمة لايران إنطلاقا من خطته وضع يده على الثروات النفطية في ارجاء العالم العربي، طالما ان الادارة الاميركية الحالية لا تقيم وزنا إلا لمقدار تعزيز مصالحها وحصولها على موارد مالية مباشرة، وهو ما لا ينكره ترامب منذ وصوله الى البيت الابيض .
قياسا إلى ذلك، فإن ايران هي الوحيدة التي بقيت خارج الركب الاميركي بعدما نجحت الادارة الاميركية بفكفكة الانظمة العربية بما يتناسب مع مصالحها، لعل المثال الساطع ما حصل في سوريا، حيث نجحت أميركا السيطرة على مناطق حقول النفط في شرق الفرات فيما حظيت روسيا بضبط حقول الغاز والحؤول دون تصديرها الى اوروبا وإغراق سوق اساسي للغاز الروسي يدر ارباحا طائلة والتي تشكل الرافعة الاقتصادية للاتحاد الروسي .
وبالعودة الى الشأن اللبناني، ثمة خيط رفيع بين قدرة الاطراف السياسة تطبيق خيار النأي بالنفس وما بين احداث شرخ داخلي من الصعب التكهن بمدى اضراره على لبنان عند هبوب الرياح الحمراء الآتية من الخليج وايران، وهذا ما يفسر الكثيرعن حالة الترقب السائدة محليا، بما في ذلك الحديث السائد همسا بأن لبنان يمر بمرحلة انتقالية و ثمة مخاطر جدية على كافة الاصعدة قبل استقرارالوضع .