Advertisement

لبنان

اقتراح بري الانتخابي.. والعبث بعشّ الدبابير

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
19-05-2019 | 05:45
A-
A+
Doc-P-588915-636938599586780758.jpg
Doc-P-588915-636938599586780758.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
من دون سابق انذار، وفي وقت يغوص فيه البلد بأزمة أرقام الموازنة وعجز المالية العامة، بادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى فتح نقاش حول قانون الانتخابات النيابية.

تقوم الفكرة الرئيسية لمشروع كتلة التحرير والتنمية الانتخابي على اعتبار لبنان دائرة واحدة مع المحافظة على الاقتراع النسبي والتوزيع الطائفي للمقاعد مع تحديد كوتا نسائية بنسبة 15 بالمئة، والاقتراع في مكان الإقامة مع إعتماد البطاقة البيومترية، خفض سن الإقتراع إلى 18 سنة، إعطاء المغتربين ستة مقاعد ما يرفع عدد النواب من 128 إلى 134، إنشاء الهيئة المستقلة للإعداد للانتخابات النيابية والإشراف عليها، والاستغناء عن الصوت التفضيلي لصالح الترتيب المسبق للمقاعد من قبل الكتل البرلمانية والاحزاب، خاصة وأن وقع الصوت التفضيلي ساهم في تعزيز الفرز الطائفي.
Advertisement

من الواضح أن هذا الاقتراح ينطوي على معالجة عدد من الثغرات التي يعاني منها القانون الحالي والتي يأتي في طليعتها التقسيم الطائفي للدوائر، ذلك أن اعتبار لبنان دائرة واحدة طالما شكل طموحاً للأحزاب العلمانية وقوى 8 اذار في حين أنه كان محل رفض من تيار المستقبل والقوى المسيحية. لذلك من المستبعد ان توافق القوى المسيحية على صيغة كهذه، ولذلك من المتوقع أن يتحول هذا الاقتراح إلى موضوع منازعة سياسية بين الفرقاء المعنيين.

أما الاستغناء عن الصوت التفضيلي لصالح الترتيب الحزبي المسبق للوائح، فلن يكون بدوره سهلا، لأن الترتيب الحزبي من غير انتخابات حزبية داخلية سيكون من جهته موضوعاً للشقاق والصراعات الحزبية، إذ أنه في حال اعتماد الانتخابات الحزبية الداخلية سيكون حلاً طبيعياً على غرار ما يجري في دول العالم التي تعتمد الانتخابات الحزبية كتركيا على سبيل المثال، لكن أن يعتمد هذا الترتيب بقرارات حزبية من دون مسوغ انتخابي فلن يكون مستساغا داخل الأحزاب والقوى المختلفة وسيكون الحال أكثر تعقيدا داخل التحالفات التي تقوم بين أكثر من حزب؛ الأمرالذي يطرح تساؤلاً حول المعيار لتقديم مرشح على آخر بين حزبين متحالفين.

يبدو أن الرئيس بري لم يرتح إلى النتيجة التي أفضت إليها آلية الاصوات التفضيلية في انتخابات العام 2018، كما لا يبدو واضحاً لغاية اللحظة طبيعة الآلية التي سيجري على أساسها استيفاء المقاعد الناجحة؛ لجهة هل ستكون من الأعلى إلى الأسفل على غرار ما جرى في العام 2018؟ أم هي بالمداورة بين اللوائح الأقوى فالأقل قوة؟ أم بطرق أخرى؟ مع الإشارة إلى أن لكل من هذه الآليات إيجابياتها وسلبياتها ومن المسائل الشائكة على المستوى التقني.

يسجل للرئيس بري إثارته هذا موضوع قانون الانتخاب مبكراً في العام الأول الذي تلا الانتخابات النيابية على عكس ما كان يجري في الدورات  الماضية حيث كان يترك موضوع التفاهم على قانون انتخابي جديد إلى الأشهر الاخيرة التي تسبق موعد الانتخابات. وفي هذا السياق يواصل وفد كتلة التحرير والتنمية المؤلف من النواب أنور الخليل، هاني قبيسي وابراهيم عازار جولاته على الفرفاء السياسيين، حيث سيلتقي  الاثنين حزب الله بعدما زار في الأيام الماضي كلا من الرئيس نجيب ميقاتي، كتلة المستقبل، اللقاء الديمقراطي، حزب الكتائب والتكتل الوطني.

لكن يبقى السؤال الكبير الذي يطرح نفسه حول خلفيات إثارة "الأستاذ" الملف الانتخابي في هذه اللحظة السياسية غير المؤاتية، حيث يبدو هذا الموضوع الشديد الأهمية خارج السياق الأكثر أهمية الذي تمر به الأوضاع السياسية اللبنانية العامة المشدودة إلى أولوية النقاش المالي والاقتصادي والإجراءات الإصلاحية المطلوبة.

تقوم مبررات كتلة التحرير والتنمية وفق مصادرها على سد ثغرات عدة ظهرت خلال العملية الانتخابية، فقانون الانتخاب القائم على النسبيّة وفق 15 دائرة لا يمكن وصفه إلا بـmini أرثوذكسي (في إشارة إلى الاقتراح الذي تقدم به النائب الان عون والنائب السابق نعمة الله ابي نصر)، خاصة وأن التعديلات والبنود التي أضيفت إليه أفرغته من مضمونه النسبي وتحديداً في ما خص الصوت التفضيلي.

لا شك أن اقتراح كهذا لن يروق لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فبينما يريد بري من وراء طرحه التخلص من الصوت التفضيلي، فإن وزير الخارجية كان قد خاض حرباً انتهت لصالحه لجهة اعتماد هذا الصوت في القضاء بدلاً من الدائرة الواحدة في انتخابات 2018، وبالتالي من الصعوبة في مكان أن يسلم تكتل لبنان القوي بأفكار ستنسف ما حققته لهم صناديق اقتراع أيار الماضي.

وعليه، فإن فتح باب النقاش مجدداً في هذا الموضوع يبدو مثل العبث بعش الدبابير، لانه سيطلق مجدداً مخاوف وهواجس وتطلعات القوى المختلفة المتعارضة في ما بينها.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك