Advertisement

لبنان

"كونتينرات ملغومة" وفواتير مخفّضة.. 5 مليارات دولار تطير سنوياً والدولة عاجزة!

Lebanon 24
17-06-2019 | 00:23
A-
A+
Doc-P-598027-636963533068290019.jpg
Doc-P-598027-636963533068290019.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتبت نهلا ناصر الدين في صحيفة "الجمهورية": الدخول ممنوعٌ لمن ليس لديه عمل، إلاّ بتصريحٍ يومي من الأمن... هكذا تبدو القاعدة، لكن في بلد المحسوبيات، فلتطلب من أحد أصحاب السيارات السوداء (المجهزة بعازل الرؤية ـ فوميه) أن يقلّك في رحلةٍ قصيرة الى مرفأ بيروت لترى بأمّ العين ما يُبهرك.
Advertisement

أنت في سيارة "مفيّمة"، مع مرافقٍ لإحدى الشخصيات السياسية المهمة في البلد، وتاجر سيارات يشحنها من الخارج في الوقت نفسه، ستدخل الى المرفأ آمناً، وتكاد أجهزة الأمن أن تبادرك بتأدية التحية. تجتاز بداية حاجزي الأمن العام والجيش اللبناني عند المدخل، فحاجز الجمارك على بعد 10 أمتار تقريباً، ولا تضطر حتى الى إنزال نوافذ سيارتك التي تبدو مألوفة لدى جميع الامنيين والعسكريين على هذه الحواجز، لتصل أخيراً الى الباحة الكبرى حيث يتواجد فيها الموظفون والبوابات والعنابر والمستوعبات وسائقو الشاحنات. يتجرأ أحدهم بالمصادفة ليسأل من ترافقه عن عمله بعد ترجّله من سيارة "الهيبة" فيُظهِر له بطاقة، ربما حزبية، أو أمنية، وينقضي الأمر.

كل شيء هنا يوحي بالفوضى، وحتى بالفساد. يبادر أحدهم الى إخبارك عن قصة "إبريق التعطّل المفاجئ" قاصداً هنا العطل الذي يصيب الـsystem والـ scanner بنحو مفاجئ ومتكرّر، قبل أن يعودا الى العمل أيضاً بنحو مفاجئ وحتى بلا صيانة، غامزاً إلى أعمالٍ ما مشبوهة تحصل خلال هذه الفترة.

ظاهرة متجذرة 
تبدو مكافحة التهرّب الجمركي والضريبي، التي تتكرّر بنحو ببغائي في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، ضرباً من ضروب المستحيل في بلد مثل لبنان، انغمس في بداياته بالاحتلال والاستعمار، ما جعل من التهرّب الضريبي ظاهرة متجذّرة في التاريخ، تقوم على مبدأ عدم اعتراف المواطنين بأحقية الضرائب للمحتلّ. ومع استقلال لبنان وإنشاء المؤسسات الرقابية وسنّ قوانين تُحارب الفساد في عهد الرئيس فؤاد شهاب، لم يتسنَ للبناني التأقلم مع هذا الوضع السويّ حتى جاءت الحرب الأهلية، ليستفحل معها الفساد، ويستمر الى الآن، مع عودةٍ قسرية للحال التي كانت سائدة ايام الاستعمار، إذ أنّ معظم المواطنين اليوم يرون أنّهم غير ملزمين بدفع الضرائب لسلطةٍ لا تحقق لهم أدنى مستويات العيش بكرامة، وتستعمر أرزاقهم وتتاجر بلقمة عيشهم.

لا أرقام دقيقة حول كلفة التهرّب الضريبي، حتى لدى الوزارة الأم (وزارة المال) وذلك بسبب سرّية هذه العملية وإحتيالات مرتكبيها. لكن المؤكّد أنّ لبنان يخسر سنوياً المليارات بسبب التهّرب الضريبي. وبحسب تقرير بنك "عوده" عن الفصل الثاني للعام 2018، فإنّ كلفة التهرّب الضريبي بلغت 5 مليارات من الدولارات سنوياً، اي ما يوازي خدمة الدين العام السنوية تقريباً. 

وهذا الرقم الذي لا يبتعد عن الأرقام التي ينشرها الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، عن كلفة التهرّب الضريبي التقديرية، والتي، في رأيه، تختلف باختلاف وجوهه. ويؤكّد عجاقة لـ"الجمهورية"، أنّ "التهرّب من ضريبة الدخل يوازي 1.65 مليار دولار، التهرّب الجمركي 1.38 مليار دولار، التهرّب من الضريبة على القيمة المضافة (TVA) 1.35 مليار دولار، التهرّب من دفع فواتير ورسوم المؤسسات العامة 370 مليون دولار، والتخمين العقاري 220 مليون دولار، أي ما يوازي مجموعه 4.96 مليارات دولار كل عام".

"الكونتينرات الملغومة"
بالعودة الى مرفأ بيروت، يشير أحد المطلعين على سير العمل وألية تسلّم البضائع في دردشةٍ مع "الجمهورية"، إلى أنّ من أساليب التهرّب الضريبي في المرفأ "الكونتينرات الملغومة"، أي ما يُعرف بـ"توجيه البضائع"، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تتم تعبئة القسم السفلي من "الكونتينر" بأدوات كهربائية ثقيلة وخفيفة، ومن ثم يتمّ توجيهه بطريقة ذكية عبر تعبئة قسمه الأعلى ببضائع أخرى غير إلكترونية كالمفروشات مثلاً، وبالتأكيد هنا الضريبة تختلف، فأن يدفع صاحب المستوعب ضريبة على المفروشات ليس كما لو يدفعها على أجهزة إلكترونية. 

الفاتورة المخفّضة
لا تقف الأمور هنا، في المرفأ أو في مطار بيروت الدولي، بل من أحد أبرز وجوه الفساد الجمركي وأخطرها، ما يُعرف بـ"الفاتورة المخفّضة" وهي بمثابة "تهريب مقونن" على حدّ تعبير مصدر جمركي. "فنسبة كبيرة من البضائع التي تدخل لبنان تدخل بفواتير مخفّضة أو مزورة وهي التي تكلّف لبنان نحو 500 مليون دولار سنويّاً".

هذه الفواتير تساعد في التهرّب من الضريبة على القيمة المُضافة داخل السوق، كون الضرائب تُدفع بفاتورة مخفّضة لا توازي أسعار البضائع الحقيقية، وهي المشكلة التي لجأت بلدان عدة لتفاديها عبر الاعتماد على شركات تدقيقٍ عالمية، يمكن أن تكشف على البضاعة في بلد المنشأ، ليأتي المستوعب من الخارج مرفقاً بنتائج الكشف، علماً أنه يحق للجمارك بعد تخليص البضائع ووصولها إلى مستودعات أصحابها الكشف عليها والتأكّد من الأسعار، عبر مراسلة الشركات التي تمّ شراء البضائع منها، وهي الخطوات التي لها أن تقضي على حلقة تهرّب ضريبي واسعة عبر هذه الفاتورة تبدأ بالمستورد، وتصل الى المستهلك، مروراً بالموظف والتاجر والموزِّع والمحال التجارية.

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا
 
المصدر: الجمهورية
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك