Advertisement

لبنان

بعد إعتداء طرابلس.. كيف يمكن للدولة أن تجفف منابع الارهاب؟

Lebanon 24
17-06-2019 | 01:45
A-
A+
Doc-P-598031-636963545837787815.jpg
Doc-P-598031-636963545837787815.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": تستمر التحقيقات في الاعتداء الارهابي الذي شهدته طرابلس ليلة عيد الفطر وأسفر عن إستشهاد 4 من العسكريين، حيث تعكف الأجهزة الأمنية من مخابرات جيش وفرع معلومات على الاستماع الى عدد من الموقوفين ممن كانوا على علاقة مع عبد الرحمن مبسوط أو تورطوا في بيعه السلاح والذخيرة، للتوصل الى حقيقة ما جرى، ولمعرفة ما إذا كان مبسوط يعمل ضمن خلية إرهابية قدمت له تسهيلات لوجستية، أم أنه فكر وخطط ونفذ جريمته بمفرده.
Advertisement

من المفترض أن تكون الحملة التي شُنت على طرابلس قد توقفت، بعدما رسمت قياداتها السياسية خطوطا حمراء للحؤول دون التمادي في إتهامها، خصوصا أن المدينة تثبت في كل مرة أنها بعيدة كل البعد عن الارهاب، وأنها ليست بيئة حاضنة للتطرف، وأنها تريد الدولة والشرعية وتدعم الأجهزة الأمنية على إختلافها، كما من المفترض أن تتوقف الهجمة على العفو العام بعدما أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنه "بند في البيان الوزاري ونلتزم به". 

قُتل عبد الرحمن مبسوط، ودُفن سرّه معه، لكن ما تسرّب من التحقيقات أكد أنه قام ببيع أثاث الغرفة التي كان يقطنها مع زوجته من أجل شراء السلاح والذخيرة وتنفيذ عمليته الارهابية إنتقاما من أجهزة الدولة، وذلك بعد أن أمضى عاما ونيّف في سجن رومية، ما يشير الى حجم الحقد الذي كان يحمله مبسوط تجاه الجيش وقوى الأمن الداخلي، وأنه خرج من السجن مشبعا بأفكار متطرفة إجرامية إستمرت في التفاعل داخله نحو عامين ودفعته في النهاية الى تنفيذ عمليته وتفجير نفسه بعدما أيقن أن لا جدوى من المواجهة.

كثيرة هي منابع الارهاب في لبنان، وهي لا تقتصر على منطقة دون أخرى، بل تمتد على مساحة واسعة من الوطن.

تختلف أشكال هذا الارهاب بين فئة وأخرى، أو بين فكر وآخر، وإذا كانت حالات الفقر والجهل والقهر والبطالة واليأس التي تجتاح شرائح عدة من اللبنانيين تدفع بعض الشبان الى الخروج عن القانون والى بيع أنفسهم للشيطان، فإن الأنظار بمجملها تصب باتجاه سجن رومية، الذي تقول عنه بعض الأجهزة الأمنية المعنية أنه "بات مدرسة في تعليم الفكر التكفيري والارهابي، وشتى أنواع الجريمة وفي مقدمتها تهريب المخدرات وتعاطيها، نظرا لتواجد عدد من أخطر المحكومين أو الموقوفين الذين يبسطون نفوذهم على السجن وعلى نزلائه، حتى أنهم تمكنوا من توريط بعض الأمنيين من ضباط وعناصر بادخال الهواتف أو المخدرات أو السلاح وقد تمت إحالة كل هؤلاء الى القضاء المختص لمعاقبتهم". 

تكشف مصادر أمنية مطلعة أن "الأمن الاستباقي الذي تعتمده الأجهزة في كثير من الأحيان، وعمليات الرصد والمتابعة لمختلف الحالات الارهابية، تفضي الى توقيف عدد كبير من الشبان وبعضهم من القاصرين (لم يتجاوزوا الثامنة عشرة من العمر)".

ولا شك فإن كثيرا من هؤلاء يمضون سنوات في السجن من دون محاكمات أو في تمضية فترة محكوميتهم الى جانب أخطر الارهابيين والمجرمين، وفي ظل شعور بالقهر والظلم، والتعرض للتعذيب، والعيش في ظروف لا تمت الى الانسانية بصلة، فيخرج بعض هؤلاء في العشرينات من العمر قنابل موقوته مشبعة بفكر إرهابي وتكفيري وإجرامي، ويسعون الى الانتقام والى تفريغ الحقد الذي يملأ قلوبهم. 

هذا الواقع الأليم والخطير، يتطلب كثيرا من العدالة مع هذه الفئة من المواطنين، سواء في عدم الامعان بالتعذيب والاذلال خلال التحقيقات الأولية، أو في تسريع محاكماتهم والافراج عن البريء منهم، وتأمين ظروف إنسانية لائقة للمحكومين منهم، إضافة الى فصل الملفات عن بعضها البعض، وإقرار قانون العفو العام الذي وعدت به الحكومة لوقف مسلسل الظلم اللاحق بمئات الموقوفين من الاسلاميين وغيرهم وعائلاتهم، فضلا عن ضرورة إعتماد التأهيل لكل السجناء، لكي يتحول السجن الى إصلاح حقيقي وليس الى مدرسة للتطرف والغلو، وذلك من خلال إيجاد مركز يمكن أن يُموّل من هيئات مانحة يكون لصيقا بسجن رومية يُمضي فيه السجين السنة أو الأشهر الأخيرة من محكوميته، فيخضع لدورات تأهيل في الثقافة الوطنية والمجتمعية، ويصار الى تنقية أفكاره من كل ما يتعلق بالتطرف والغلو والارهاب وغرائز الانتقام، ليتمكن السجناء لدى خروجهم من العودة الى حياة طبيعية ومن الاندماج في مجتمعاتهم وصولا الى أن يكونوا عناصر فاعلين ومنتجين، إضافة الى إمكانية إنشاء صندوق يمكن من خلاله تأمين بعض المساعدات للسجناء المفرج عنهم بما يجعلهم تحت المراقبة والمتابعة، ويمكّنهم بداية من مواجهة صعوبات الحياة ولكي لا يصبحوا عرضة للاستخدام مقابل حفنة من المال.

يقول متابعون: "إن وضع سجن رومية وبعض السجون الأخرى لم يعد يُحتمل، وأنه لا بد من مبادرات إنسانية وإجتماعية من قبل الدولة تجاه السجناء تُشعرهم بالاحتضان والرعاية". ويؤكد هؤلاء أن "هكذا مبادرات من شأنها أن تساهم في تجفيف منابع الارهاب شيئا فشيئا، وإلا فإننا سنكون في كل فترة أمام نموذج مماثل للارهابي عبدالرحمن مبسوط.  "

(سفير الشمال)



المصدر: سفير الشمال
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك