Advertisement

لبنان

زيارة السعودية الثلاثية: توازن سلطة.. دعم اقتصادي.. واستقرار

Lebanon 24
17-07-2019 | 04:43
A-
A+
Doc-P-608060-636989608197573074.jpg
Doc-P-608060-636989608197573074.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا يختلف اثنان على أن البلد في أزمة، والتخبط سيد المواقف، والتجاذبات تفلت من عقالها عند أصغر استحقاق أو تطور أو حدث، ولكل فئة من مكونات السلطة خاصيةُ إشكاليةٍ، إن مع بقية الأطراف في الداخل، أم في المديين الاقليمي والدولي.
Advertisement

الطرف الشيعي في مواجهة الحصار الخارجي، يواجه تداعيات التصعيد الاقليمي، خصوصا مع العدو الاسرائيلي حيث يبدو كأنه وحده معني بالصراع، بينما يركز خصومه في السلطة على دور الدولة في الصراع مع الخارج، بغض النظر عن إمكانات الدولة وقدراتها المعروفة على خوض هذا الصراع.

الطرف الماروني يلعب لعبة العجوز المتصابي. فبعد الصراعات المريرة التي خاضها مع الآخرين في الداخل، ومع مكوناته الداخلية فيما بينها، وتراجع موقفه ووضعه في السلطة عقب أحداث ١٩٨٩، ونتاجها اتفاق الطائف الذي حول جزءا من صلاحيات رئيس الجمهورية -الماروني- إلى مجلس الوزراء، يحاول قدر المستطاع، استعادة بعض دور مفقود في سياق تطورات الأحداث.

حاضرون آخرون يكملون نصاب التركيبة الديموغرافية للبنان منهم الدروز في معمعتهم غير الخافية على أحد، خصوصا التطورات الأخيرة، والعلويون في مأزق تشكلهم قوة في السلطة، وبقية الأقليات يشكون من ضعف الحقوق، والشكوى اللبنانية، لدى كافة مكوناته، باتت سهلة لكثرة التراكمات العالقة بتطوراتها.

يبقى الطرف السني الذي لم ينجُ من التداعيات والتراكمات عليه، وهو مكون رئيسي من مكونات كيان سياسي، هو الكيان اللبناني، قام أساسا ليكون جسر وصل بين الغرب عبر الطرف الماروني أربعينات القرن الماضي، والشرق العربي عبر السنة. وجهان لكيان قام أساسا للعب دور هذا الوسيط بين الشرق والغرب، ومن دون السنة، كما من دون الموارنة، لم يكن له أن يقوم، ولم يكن له أية ضرورة تاريخية.

وكما مرت المارونية السياسية في العديد من الاستحقاقات والتحديات منذ نشأة الكيان، كذلك تعرضت الطائفة السنية لاستحقاقات وتداعيات، كانت في كثير من الأحيان انعكاسا للشريك الند الماروني في ما مر به.

بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان موقعه ثمرة اتفاق الطائف، شعر السنة باستهداف ما، من مكان ما، وربما من أكثر من مكان، ورغم الانتكاسات العديدة التي واجهت المكون السياسي السني في السلطة، فقد كان غالبا ما يتمكن من النهوض، واستعادة الدور. وبما أنه يشكل قطبا أساسيا في نشأة الكيان ليلعب دور الوساطة مع الداخل العربي، خصوصا مع الخليج الذي كان قبلة أنظار الغرب بما يملكه من ثروات، وسيدته المملكة العربية السعودية الأكبر، والأقوى، والأثرى بين الممالك والامارات الخليجية، فكان لا بد أن يُرفد موقع رئاسة الحكومة اللبنانية بالقوة من الجانب الخليجي، خصوصا السعودي في كل تحدٍ، واستحقاق، وأزمة.

ويمر سنة لبنان اليوم في إشكاليات السلطة عقب عبورهم للكثير من تطورات البلد والمنطقة، وانعكاس التطورات عليهم بداية في الصراع الداخلي المحلي، ثم في الأحداث السورية، فالتطورات الاقليمية من إيران حتى اليمن، وبينهما مرورا بالساحة الخليجية، إلى ما هنالك من مؤثرات أخرى.

وفي هذا التخبط الشامل، يبحث كل طرف عن راعيه، كما يبحث الراعي عن حليفه لمعرفة إشكالاته بحثا عن حل له، وتطويقا لما يمكن ان يعتري مسيرته. وفي هذا السياق تأتي زيارة رؤساء الحكومة الثلاث إلى المملكة العربية السعودية، بعد أن باتوا يشكلون ما يشبه الرافعة في الأزمات لواقع الطائفة، وما يتعرض له موقعها في خضم التطورات، والتجاذبات. لا يهم إن كان الطرف السعودي هو الذي دعا الرؤساء الثلاثة للزيارة، أم أن يكون الرؤساء الثلاثة هم من طلبها، فالقضية تعني المملكة كما تعنيهم، فيما يشبه المصير المشترك، والهم الواحد.

الرؤساء الثلاثة كانوا حريصين على موقع الطائفة في مختلف تحدياتها، لكن يسجل للرئيس نجيب ميقاتي، مواقف واضحة، ومتكررة في حرصه على موقع السنة في السلطة، ولو جاء ذلك، في أكثر الأحيان، على حسابه الشخصي والسياسي، في وقوفه إلى جانب قادتها بغض النظر من يكون الرئيس، وماذا يمكن أن تكون الخلافات التكتيكية معه. فكم من مرة وقعت خلافات في وجهات النظر حول القضايا العامة في لبنان، لكن ميقاتي كان يحرص دائما على دعم رئاسة الحكومة في مختلف محطاتها، من الرئيس رفيق الحريري، فالرئيس فؤاد السنيورة، فالرئيس تمام سلام، لكن أبرز ما يسجل له هو وقوفه الدائم إلى جانب الرئيس سعد الحريري عند كل استحقاق أو تحدٍ.

ولم يتوانَ ميقاتي عن التصريح العلني بضرورة حفظ موقع الطائفة، وقوتها في السلطة، ليس من منطلق مذهبي عصبوي بحت، بقدر ما كان من موقع وطني حريص على استمرار التوافق، والتسوية مع بقية مكونات السلطة، وعدم تعرض التركيبة اللبنانية لأي خلل.

ومن هذا المنطلق، طالما كرر الرئيس ميقاتي حرصه على اتفاق الطائف، كون الاتفاق نقطة ارتكاز لاستقرار البلد، وهو الذي وضع حدا لصراعات مريرة وطويلة فيه يوم أقر سنة ١٩٨٩.

واليوم، يتعرض الاتفاق لكثير من الهمس واللمز، وتخرج بعض الأصوات الداعية لتعديله، خصوصا لجهة الصلاحيات الرئاسية، فلا يتوانى الرئيس ميقاتي عن معارضة أي مس بالطائف منعا للمس باستقرار البلد، وأمنه، وسلامة بنيه.

وعندما زار الرؤساء الثلاثة المملكة العربية السعودية، كانت مختلف المعطيات الوطنية، وأزمات البلد في صلب محادثات الوفد مع المرجعية السعودية، بداية من موقع الرئاسة الثالثة، وواقع حال الطائفة، وصلاحيات الرؤساء في الدستور- "الطائف" – وصولا إلى الأزمة المالية التي يمر بها لبنان، وما يمكن للمملكة العربية السعودية ان تقوم به كعادتها في المساعدة على إخراج لبنان من أزماته.

ومما لا شك فيه، ووفق ما بدر من الزيارة، وبحسب عدد من المواقف التي أطلقها الرئيس ميقاتي، فإن الزيارة حققت إعادة التوازن للسلطة، والاستقرار فيها، مما يؤمل بأداء حكومي أفضل، كما حققت وعودا بدعم اقتصادي، ومالي للبنان من أكبر مراكز المال في العالم، أي المملكة العربية السعودية.

أمام نتائج الزيارة، يرتقب أن يمر البلد في مرحلة جديدة يخرج فيها من التخبط والصراعات، بعودة التوازن للسلطة، وبرفد اقتصاد البلد بدعامة كفيلة بتثبيت أقدامه، وتنمع الانهيار الشامل الذي تعالت التحذيرات منه في المرحلة الماضية، ووصولا إلى اليوم.
 
 
سمير الحسن (كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية)
المصدر: خاص لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك