شكّل تصريح رئيس الحكومة سعد الحريري من مجلس النواب حول عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، مفاجأة على الساحة السياسية، وحافزاً لطرح العديد من التساؤلات حول النتائج التي توصلت اليها المشاورات المتعلقة بحادثة قبرشمون، على وقع استمرار مطالبة رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان باحالة القضية على المجلس العدلي.
الحريري سيتحرك
في المقابل، أشارت صحيفة "الديار" الى ان كلّ المعطيات المتوفرة حالياً لا توحي بأن العمل الحكومي آيل الى الانتظام أقلّه في الأسبوعين المقبلين، طالما أن الملفّ الأساسي الذي يعطّل جلسات مجلس الوزراء المتمثّل بإحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي لا يزال عالقاً، حيث تزداد الهوّة عمقاً بين من يصرّ على إسنادها إلى المجلس العدلي حتى لا تؤسس تداعياتها لفتنة في الجبل، وبين من يرفض بالمطلق هذه الإحالة التي تنطوي على استهداف سياسي لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وحزبه، وتغذّي عناصر الفتنة أكثر من أي شيء آخر.
أمام هذه المفاصل الهامّة والمجتمعة دفعة واحدة، تؤكد مصادر مطلعة على أجواء بيت الوسط، أن الحريري "لن يبقى مكتوف اليدين أمام الامعان بتعطيل حكومته، وسيقول كلمته في الأيام القليلة المقبلة بعد استكمال مروحة مشاوراته مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه برّي والحلفاء". وشددت على أن رئيس الحكومة "يبدي مرونة واسعة ومهتمّ بمعالجة آثار حادثة الجبل بهدوء، لكن ذلك لا يعني أنه يتصرّف من موقع الضعف، أو التسليم بشلّ الحكومة وجعلها رهينة حسابات شخص أو فريق أو حلف معيّن".
مبادرة جريصاتي
ودخل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على خط التهدئة، وحمل وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي للرئيس الحريري وطرفي النزاع تصوراً للحل، سبق لبري أن تداول به مع الرئيس عون الأسبوع الماضي، ويقضي بإحالة الحادثة على المحكمة العسكرية كي تتولى متابعة التحقيق بعد أن تزودها شعبة المعلومات بنتائج التحقيق الأمني. وكانت الحجة وراء هذا الاقتراح أن المحكمة العسكرية أسرع من المجلس العدلي، على أن الأخذ بها يفترض أيضا تسليم أرسلان المطلوبين من حزبه.
وأوضحت المصادر الوزارية لـ"الحياة" أن الحريري أبلغ جنبلاط بالاقتراح، فكان جوابه أن لا مانع لديه، ما أدى إلى اتفاق خلال الاجتماع الذي عقده الحريري مع الوزراء الثلاثة على هامش الجلسة النيابية، على إيفاد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى دارة أرسلان لاقتراح إحالة القضية على المحكمة العسكرية بدل المجلس العدلي، وعلى مطالبته بتسليم المطلوبين لعل هذه الخطوة تساهم في حلحلة العراقيل أمام اجتماع مجلس الوزراء، الاّ ان ابراهيم عاد حاملاً رسالة سلبية، بحسب "الحياة".
وعلمت "الحياة" أنه حسما للجدل أبلغ جنبلاط الحريري أنه "إذا أفضى التحقيق إلى أن هناك ما يوجب إحالتها على المجلس العدلي، أنا مستعد أن أزور القصر الجمهوري وأعلن موافقتي على المجلس العدلي من عند الرئيس الرئيس عون"، لكن البداية من تسليم المطلوبين وثم استكمال التحقيق.
وأوضحت مصادر وزارية لـ"الحياة" أن الضغوط بلغت حد إبلاغ "حزب الله" بعض حلفائه وأصدقائه الذين كانوا أبدوا تعاطفا مع موقف جنبلاط في وجه مواقف الوزير باسيل التصعيدية ضده، بأن عليهم أن يختاروا أن يكونوا "إما ضدنا أو معنا". واعتبرت المصادر الوزارية أن "حزب الله" لم يكتف بذلك بتبني موقف أرسلان ودعم باسيل له بل ذهب حد خوض معركة الإحالة على المجلس العدلي على أنها معركته. ورأت المصادر الوزارية أن الحزب أحرج بذلك عددا من هؤلاء الحلفاء.
جولات مكوكية لابراهيم
وطرحت زيارات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى ساحة النجمة، على هامش اجتماعات الهيئة العامة، الكثير من علامات الاستفهام حول المسار الجديد الذي بدأت تسلكه القضية، وهو صرح بعد لقائه كلاً من رئيس الوزراء سعد الحريري والوزيرين سليم جريصاتي والياس بوصعب، بأن "الأمور تسير بايجابية ان شاء الله في شأن موضوع قبرشمون".
ولم يشأ اللواء إبراهيم الكشف عن مضمون الصيغة التي يعمل عليها، واكتفى القول: "لا شيء سلبياً"، في حين عاد الحريري واطلع برّي على ما حصل، ثم اجتمع بالوزير وائل أبو فاعور لنقل وقائع ما ذكره إبراهيم إلى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.
وعلمت "اللواء" ان تقدماً حصل في القضية، لكن طفيف، وان الأولوية الآن لتحديد عدد المطلوبين من الطرفين.
في المقابل، أكدت مصادر متابعة لـ"الديار" ان نتائج الاجتماعات ما زالت تراوح مكانها ولا نتائج ايجابية. وهذا لا يعني اقفال ابواب الاتصالات حيث سيواصل اللواء ابراهيم تحركه، علماً ان وزراء التيار الوطني الحرّ يدعمون ارسلان في موقفه لجهة عدم حضور اي جلسة لمجلس الوزراء، اذا لم يكن المجلس العدلي هو البند الاول، في حين اعلن حزب الله دعم ارسلان في مواقفه.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الديار" ان الامور لم تحسم لكن هذا لا يعني انها وصلت الى طريق مسدود، مشيرة الى ان الاجتماعات والمحاولات ستستمر وان اللواء ابراهيم سيواصل تحركه ايضاً.
وعلمت "اللواء" ان اللجوء الى خيار المحكمة العسكرية في حادثة قبر شمون لا يزال يشكل محور أخذ ورد وان اللواء عباس ابراهيم يتابع مهمته.
اما بالنسبة الى انعقاد جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل فإن لا شيء جديدا حولها و لم يعرف بعد ما اذا كانت ستعقد في قصر بعبدا او السرايا بإنتظار الدعوة اليها.
وقالت مصادر رسمية ان الجلسة إذا عقدت، ستكون لمناقشة جدول أعمال عادي وإقرار بعض الأمور الطارئة والعالقة، خاصة وان موضوع قبرشمون بات على ما يبدو مفصولاً عن سبل الحل السياسي له.