Advertisement

لبنان

تفاهم المتخاصمين وخصومة المتفاهمين!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
20-07-2019 | 01:00
A-
A+
Doc-P-609052-636992056560931917.jpg
Doc-P-609052-636992056560931917.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
هذا العنوان يختصر بدقة ومن دون أي مبالغة المشهدية السياسية على الساحة اللبنانية، وما فيها من تناقضات لا تعدّ ولا تحصى، وما فيها من واقعية مؤلمة، ينطبق على بعض المتفاهمين وهم في الوقت نفسه متخاصمون، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بعض المتخاصمين وهم متفاهمون، المثل الشعبي، الذي يقول " بيفوت مع أم العريس وبيضهر مع أم العروس"، مع ما في هذا المثل من ميكيافيلية يُقال عنها في بلد الارز " شطارة".
Advertisement

لا يفهم كثيرًا الموفدون الدوليون الذين يزورون لبنان كيف يستطيع أبناء هذا البلد، وبالأخص أهل السياسة منهم، أن يتعايشوا مع الكذب طويلًا، من دون أدنى محاسبة، وبالتالي فإن أي مساعدة من الخارج، وبالتحديد بالنسبة إلى مشاريع "سيدر"، تبقى مرهونة بمدى صدقية أهل الحكم والشفافية المطلوبة، إذ لا يكفي إقرار موازنة يُقال إنها تقشفية، لأن الإصلاحات الواردة فيها لا تتناسب مع الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان الرازح تحت ثقل خدمة الدين العام والهدر الموصوف، سواء في قطاع الكهرباء أو في مجال التوظيفات السياسية في الإدارات العامة.

ومن بين الأمور التي لم يقدر هؤلاء الموفدون على فهمها على سبيل المثال لا الحصر، هي كيف يستطيع السياسيون في لبنان جمع الزوجة والعشيقة في سرير واحد، أو كيف يمزجون الزيت بالماء في خلطة غريبة وعجيبة في إناء واحد، وهم يحاولون إقناع الناس بأن هذا الأمر المخالف للطبيعة قابل للتحقيق فقط في لبنان.

وما لم يقله هؤلاء الموفدون، الذين عادة يتحدّثون بلغة دبلوماسية، يقوله اللبنانيون، ولكن على طريقتهم، التي لا تخلو من التهكم والسخرية، لأن الأمور السائدة والطاغية قد خرجت عن جادة المنطق السليم، ومن بينها أن لا صداقة دائمة في السياسة، وكذلك لا عداوة أبدية. فالأسود قد يصبح أبيضَ، والأبيض أسودَ، وفق ما تمليه الظروف والمصالح، أي أن الغاية تبرر دائمًا الوسيلة، والضرورات تبيح المحظورات.
فمنذ أن قامت "التسوية الرئاسية"، ولبنان يعيش حال إنفصام بالشخصية، وهذا ما يفسّر في بعض الأحيان تلكؤ البعض بالقيام بما يفرضه الواجب عليهم القيام به، فنرى البعض يعادي الصديق ويصادق العدو بالمعنى المجازي. وهذا ما شهدناه بأمّ العين في الجلسات الأخيرة لمجلس النواب، وما تخللها من مناكفات على خلفية "البصم على العميانة" على موازنة لم تقنع حتى الذين أعدّوها، على رغم أنه لم يكن ممكنًا أفضل مما كان في الظروف الحالية، لأن البعض يعتقد أن الإصلاح الجذري يتطلب تهيئة الظروف الملائمة.

قد يكون هذا المنطق في الظروف العادية منطقيًا ومقبولًا إلى حدّ ما، مع ما فيه من تبريرات غير مقنعة في بعض الأحيان، لأن من يدافع عن هذه النظرية يقول إن العين بصيرة لكن اليد قصيرة، بإعتبار أن الأهم يتقدّم على المهم في سلم الأولويات لأن اللعب على حافة الإنهيار الإقتصادي غير مسموح، وأن المناورات السياسية لها أوقاتها، وبالتالي لا يجوز في أي شكل من الأشكال القبول بهزّ الإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي، وهو حلقة في سلسلة مترابطة. فإذا أصاب الوهن حلقة من حلقاتها تصبح السلسلة معرّضة لشتى أنواع المخاطر، وهذا ما لا يسعى إليه أحد، أقله الذين يعتبرون أنفسهم " أم الصبي".

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك