Advertisement

لبنان

بيان السفارة الأميركية مقدمة لأشهر صعبة.. ماذا تريد واشنطن من لبنان؟

علي منتش Ali Mantash

|
Lebanon 24
08-08-2019 | 06:00
A-
A+
Doc-P-614929-637008668175280829.jpg
Doc-P-614929-637008668175280829.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
عبر عدّة مسارات تسير علاقة لبنان الرسمي مع المجتمع الدولي، الذي ترأسه الولايات المتحدة الأميركية، مسار مرتبط بالتطورات الإقليمية ودور لبنان بها، أو عزله عنها، ومسار متصل بالوضع الإقتصادي المالي للبلد في ظل وجود النزوح السوري واللجوء الفلسطيني، ومسار سياسي داخلي يتعلق بالتوازن الداخلي المفقود.
Advertisement

وإذا كان الإنكفاء الأميركي الطوعي عن الساحة اللبنانية بدأ عام 2008، غير أنه أستكمل بقيام "حزب الله" وما يمثله إقليمياً، بملء جزء من فراغ واشنطن بعد تقدمه الميداني في سوريا الذي ترجم بالتسوية الرئاسية والإنتخابات النيابية، الأمر الذي أوحى لكل المراقبين والخبراء الدوليين أن لبنان يكاد يسقط بالكامل تحت نفوذ الحزب، وأن واشنطن غير قادرة على منع هذا السقوط لأنها لا تملك الأدوات لذلك، وأن النفوذ المتبقي للأميركي في لبنان هو نتيجة رفض الحزب القيام بإنقلاب سياسي كامل لأسباب عديدة.

لعل زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الأخيرة لبيروت، والتي رفع خلالها الصوت عالياً ضدّ "حزب الله" أظهرت بشكل فاضح قلّة التوازن السياسي في بلاد الأرز، غير أن تسارع الأحداث الإقليمية أعادت لبنان إلى ساحة الإهتمام الأميركي بأولويات عدّة، أو هكذا يبدو.

أولويتان متناقضتان يحكمان عمل واشنطن الجديد في لبنان، أولها إشغال "حزب الله"، وثانيها منع الفوضى، وإذا كانت الأولوية الأولى تهدف بشكل واضح إلى منع أو تخفيف أو الحدّ من تدخل وتأثير "حزب الله" في الإقليم، وعزله بشكل شبه كامل عن الصراع الأميركي مع إيران، فإن الأولوية الثانية ترتبط بمصلحة إسرائيل ومصلحة الشريك الأوروبي.

يرتبط جزء أساسي من الردع الإيراني لواشنطن بمعادلة تهديد إسرائيل التي يقودها "حزب الله" من لبنان وسوريا، إذ إن القواعد العسكرية الأميركية التي تهددها الصواريخ الإيرانية بشكل مباشر يمكن نقلها إلى خارج نطاق القدرة النارية لطهران خلال ساعات، لذلك فإن تحرير واشنطن لنفسها في المواجهة الأمنية أو العسكرية مع إيران ترتبط بضمان أمن إسرائيل، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إشغال "حزب الله" في الداخل اللبناني.

أولوية واشنطن الثانية، أي منع الفوضى، الإقتصادية وتالياً الأمنية، ناتجة عن أن أي إنهيار سيضعف ردع "حزب الله" عن السيطرة السياسية الصريحة على البلد، إذ إن أهم أسباب إنعدام رغبة حارة حريك بالسلطة في لبنان هو خوفها من الضغط الإقتصادي الغربي الذي لا يمكن تحمله، أما في حال حصول الإنهيار فما من شيء يبقى للخوف عليه، كذلك تسعى واشنطن إلى تطمين الأوروبيين، إذ إن الإنهيار المالي في لبنان يعني حتما موجات نزوح لا تنتهي من قبل السوريين والفلسطينيين وحتى اللبنانيين.

لكن لا يبدو أن الأوروبيين راضون عن الحكومة اللبنانية، بل إن إنزعاجهم وصل إلى حدّ همس عدد من السفراء الغربيين في بيروت بالقول أن "لا سيدر في ظل هذه الحكومة"، أي أن الأموال المنتظرة لمنع الإنهيار لن تأتي في ظلّ "أكاذيب الإصلاح" التي يعرفها المجتمع الدولي جيداً، كما عبر النائب سليم سعادة من مجلس النواب خلال مناقشة الموازنة.

هذا المشهد، خلق نوعاً من تقاطع الأهداف الأوروبية – الأميركية حول ماهية الخطوات المرجوّة لتحقيق الأولويات السالفة الذكر.

فإشغال "حزب الله" يرتبط بشكل مباشر بإعادة التوازن إلى الساحة الداخلية وإنهاء تفوق الحزب داخل السلطة، لكن إعادة التوازن لا تتطلب تدخلاً أميركيا سياسياً مباشراً فقط، بل بإنهاء الحالة السياسية السائدة حالياً والتي ترضي "حزب الله" وهي التسوية الرئاسية.

فالتسوية التي أدت إلى فضّ إشتباك مع أقوى خصوم "حزب الله"، أي "تيار المستقبل" وأدخلت "القوات اللبنانية" والحزب "الإشتراكي" في حكومة يملك فيها الحزب وحلفاؤه أكثرية ويسيطرون فيها على أهم المفاصل، لم تعد مناسبة بالنسبة للأميركيين، إذ يجب على الحزب أن يدخل في صراع سياسي مشابه للصراع التي إستمر منذ العام 2005 وصولاً إلى تسوية الدوحة وذلك بهدف منعه من الإستقرار.

تطيير التسوية الذي قد لا يعني بالضرورة بالنظرة الأميركية تطيير الحكومة، هو بالنسبة للأوروبيين لا ينفصل عنها، فإن الأداء الحكومي الحالي لن يسمح للرعاة الدوليين بإستثمار أموالهم في لبنان وبالتالي إنقاذه من الإنهيار والفوضى (الإقتصادية – المالية) وما يستتبعها.

كل ذلك، وفق محللين متابعين لم يعد قراءة سياسية (محلية ودولية) ولم يعد نظرية سياسية، فمنذ حادثة قبرشمون، حصلت تدخلات أميركية واضحة بهدف إعادة توحيد قوى الرابع عشر من آذار بالحدّ الممكن، بهدف مواجهة "حزب الله" والرئيس ميشال عون الذين قرروا إستهداف رئيس الحزب "الإشتراكي" سياسياً، وهذا ما إستكملته واشنطن أمس، من خلال بيان غير مسبوق من سفارتها في بيروت، دعم بشكل علني وضعية جنبلاط السياسية.

لكن لا يمكن قراءة بيان السفارة من زاوية دعم جنبلاط فقط، بل هو حجر أساس لعودة دخول أميركا إلى الساحة اللبنانية، لإحداث توازن وإنهاء حالة القضم السياسية التي يقوم بها "حزب الله"، إذ إن بيان السفارة وضع خطاً أحمر أمام رئيس الجمهورية قد لا يكون هناك إمكانية لتجاوزه، كما أنه فتح بابا لمرحلة لبنانية صعبة خلال الأشهر المقبلة، يعود فيها الإنقسام إلى أوجه، ولعل تعليق المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان جان كوبيس على خطوة صحيفة "الديلي ستار" بإصدار عددها اليوم بصفحات بيضاء، والذي شكر خلاله الصحيفة على خطوتها ودعا "المسؤولين إلى الاستماع إلى مخاوف اللبنانيين"، ليس إلا دليلاً آخراً على الضغط الدولي المقبل على العهد وعلى الحكومة اللبنانية، والذي لم يظهر منه سوى رأس جبل الجليد.
في بعض الصالونات السياسية في لبنان، يوضع سيناريو متخيل لكيفية تطور الأحداث، ويُقال أن تطيير حكومة الحريري من الرابية عام 2011 قد يرده الحريري اليوم لعون عبر تطيير حكومة العهد لبدء مسار سياسي جديد في لبنان، ومن واشنطن بالذات.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك