Advertisement

لبنان

هل تصحح الحكومة في تعيينات المجلس الدستوري خلل الانتخاب؟

مروان القدوم Marwan Kaddoum

|
Lebanon 24
22-08-2019 | 01:10
A-
A+
Doc-P-618789-637020583613844181.jpg
Doc-P-618789-637020583613844181.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
أنهى اجتماع "المصارحة والمصالحة" الخماسي الأزمة التي فجرتها حادثة قبرشمون-البساتين وشلّت العمل الحكومي على مدى أربعين يومًا ليعود مجلس الوزراء الى الاجتماع  بعد انتهاء العطلة، وتبرز من بين الأمور الملحة على جدول أعماله استكمال عقد المجلس الدستوري بتعيين حصة الحكومة البالغة خمسة أعضاء يمثلون نصف عدد أعضائه الباقين، وهم ماروني وأرثوذكسي وكاثوليكي وسنّي وشيعي.
Advertisement

وتبدي مصادر حقوقية شكوكًا في انطلاقة فعلية للمجلس بسبب تركيبته التي بدت هشة في مرحلتها الأولى، وتنظر بحذر الى المرحلة الثانية للتأكد من عدم استمرار المسار نفسه او من خلال العمل على تصحيحه، بحيث لا يتحول المجلس الدستوري مجلسًا للمتقاعدين من القضاة. 

استعجال التعيين
وتبدو الحكومة مستعجلة في التعيين لترحيل المجلس الحالي المنتهية ولايته منذ اكثر من خمس سنوات، ولاعتبارات عدة أبرزها: المخاوف من النظر في الطعون بالموازنة التي أقرها مجلس النواب،  والحؤول دون وضع يده على مراجعتي الطعن هذه، وهو ما زال قائمًا في الوقت الراهن بكامل صلاحياته.  

وتواجه التعيينات مشكلتين رئيسيتين، بالإضافة الى اخرى فرعية: الأولى هي الزبائنية والمحاصصة، والثانية هي غياب التنوع والتعددية في تركيبة المجلس.

تجلّت المشكلة الأولى في" بدعة" لهيئة مكتب المجلس التي توافقت على خمسة أسماء بين الكتل النيابية تم اقتراحها على التصويت فحظي كل إسم على 70-80 صوتًا من مجموع النواب البالغ 128 نائبًا، الأمر الذي عطّل فعليًا مبدأ الانتخاب وجعله صوريًا لا أكثر. فيما الأعضاء المنتخبون عام 2008 حظيوا بأكثرية كبيرة فاقت المئة صوت وتجاوزت أحيانًا الـ 110 أصوات، واحتاجت العملية الى اجراء دورتي اقتراع، مما جعل الانتخابات خيارًا فعليًا.

وقد جاءت المميزات الشخصية للأعضاء المنتخبين عام 2019 متفاوتة، فبحسب السير الذاتية الموزعة يتبيّن ان بعضهم راعى في عمله المهني مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، أما البعض الآخر فقد عمل في هيئات قضائية استثنائية على نقيض مع تلك المبادئ ولم يكن على نفس القدر من مراعاة المبادئ المذكورة. وهذه النقطة تًسجل كنقطة سلبية على المجلس الجديد.

ومن جهة أخرى، خرق عدد من المرشحين باكرًا موجب التحفظ والمحافظة على الاستقلالية وحالة الحياد بتوسلهم نيل رضى الجهات الحزبية المؤثرة في التعيين وقيامهم بجولات وزيارات على رؤساء الأحزاب والمقرات الحزبية سعيًا وراء الحصول على تأييدها. و يقول البعض ان هذا الموجب يسري على الأعضاء بعد انتخابهم وأدائهم قسم اليمين القانونية، ولاسيما في القرارات الصادرة عنهم، حيث يلتزم الأعضاء عندها فقط بالقيام بمهماتهم على الوجه الأكمل. ولكن كيف يكون ذلك ما دام هؤلاء يعتبرون أن لتلك الأحزاب دينًا عليهم وينتظرون إيفاءه في أول استحقاق قادم على المجلس؟

غياب التنوع
أما المشكلة الرئيسية الثانية فهي غياب التنوع والتعددية في تشكيلة المجلس الجديد، إذ ثمة "هجمة" من جانب عدد من القضاة والمحامين على التسابق لتقديم ترشيحاتهم لاقتناعهم بأن عضوية المجلس الدستوري تمثل بالنسبة لهم تتويجًا لنهاية مهنتهم في القضاء أو المحاماة مما يشجعهم على مضاعفة المخصصات التي تضاف إلى رواتبهم التقاعدية، وذلك بالرغم من الإختلاف الجذري لتجارب البلدان التي سبقت لبنان في إيجاد مجلس دستوري، حيث لاحظت تلك البلدان قصور بعض المهن الحقوقية عن الاضطلاع بالدور المطلوب من المجلس. لذلك اتجهت نحو انتخاب أو تعيين أساتذة جامعيين من كليات الحقوق والعلوم السياسية، فضلاً عن عاملين وناشطين في المجتمع المدني على اعتبار ان العدالة الدستورية ليست عدالة محض قانونية، بل هي نوع من القضاء الذي يقف على تقاطع طرق ما بين الحقوق والسياسة.

يتألف المجلس الدستوري في لبنان من عشرة أعضاء يتوزعون خمسة للمسيحيين وخمسة للمسلمين. ومنذ تأسيسه أعطي بموجب التعامل إثنان للموارنة وإثنان للأرثوذكس ومثلهما للسنّة والشيعة، وعضو واحد للكاثوليك وآخر للدروز.

علمًا انه سبق لمجلس النواب ان انتخب خمسة قضاة متقاعدين في آواخر شهر حزيران الماضي، وهو عدد مرتفع إذا ما قيس بالنسبة للمقاصد التي هدف اليها قانون في  إنشاء المجلس الدستوري، مما قد يؤدي إلى انحراف المجلسعن أهدافة. فقانون هذا المجلس قصد ان يكون هناك تنوع في تشكيله من قضاة وأساتذة حقوق ومحامين. وقد اثبتت التجربة اللبنانية وبالمقارنة فاعلية هذا التنوع في تكوين المجالس الدستورية. وهذا التنوع هو مصدر غنى وتكامل. وترى مصادر حقوقية ان "المصيبة الكبرى ان تستمر الدفعة الثانية المعيّنة في الحكومة كما جاءت الأولى المنتخبة في مجلس النواب وكأننا في معرض استفتاء على أشخاص".

وتنطلق تلك المصادر من التفاصيل الدقيقة للعمل الداخلي للمجلس الدستوري حيث ان رئيس المجلس يُكلّف مقررًا لكل مراجعة أو قضية معروضة أمام المجلس يكون من بين الأعضاء الأكثر تمرسًا بالبحث العلمي ويطلب منه موافاته بتقرير مفصل عن القضية المطروحة، الأمر الذي يدفع بالمقرر إلى وضع الحيثيات والأسباب الموجبة والتركيز عليها. وغالبًا ما يتولى الرئيس صياغة الأحكام مستندًا بدرجات متفاوتة على التقرير الذي وضعه المقرر. اما الأحكام التي يصدرها المجلس فتفرض وجود التنوع الذي نص عليه قانون المجلس الدستوري وافتقرت إليه الدفعة الأولى المنتخبة في مجلس النواب في تركيبة المجلس، إضافةً إلى ان التجارب المحلية والدولية تظهر ان الأعضاء الأكثر نشاطًا وانتاجية على صعيد البحث هم أساتذة التعليم العالي الذين اعتادوا القيام بعملهم والتمرس به طيلة حياتهم الأكاديمية. وانهم غالبًا أصحاب المخزون الفكري والعلمي والثقافي الأكبر في المعادلة.

ان التحليلات الإعلامية التي تضفي على كل مرشح لونًا معينًا من الألوان السياسية المختلفة، وكذلك مساعي بعض المرشحين لاستمالة التأييد من جانب القوى السياسية والحزبية هو تسييس للمجلس الدستوري ويهدد بإفشال عمله قبل انطلاقه. والاستمالة لا تتم فقط بالارتباطات والتعهدات المسبقة، بل بتقديم خدمات قضائية لمسؤولي الأحزاب ومناصريهم. 

وفيما يتسابق بعض المرشحين على اكتساب رضى الجهات الحزبية، تسعى هذه الأخيرة إلى أن يكون لها حصة بين الأعضاء الجدد.




المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك