حتى اليوم لا تزال تهديدات الولايات المتحدة الاميركية بفرض عقوبات مالية على اللبنانيين المقربين من "حزب الله" قائمة، ولم تحسم الادارة الاميركية ما اذا كانت هذه العقوبات سوف تطال القوى السياسية الحليفة للحزب وبعض افراد قواعدها الشعبية لكنّ جميع التسريبات الاعلامية الغربية تشير الى جدية اتجاه واشنطن نحو ادراج التيار "الوطني الحر" وتحديدا وزير الخارجية جبران باسيل وبعض المسؤولين في التيار على لائحة العقوبات.
وإذ لفت مصدر مطلع الى أن رئيس التيار "الوطني الحر" يُبدي انزعاجاً شديدا من التسريبات التي وصفها المصدر بالمشبوهة معتبراً ان الهدف منها هو الضغط على باسيل من اجل تحديد سياسته الداخلية والخارجية، الا انه وفي الوقت عينه، يرى ان لدى باسيل مخاوف من ان تسلك هذه الاشارات مسار التطبيق لتصبح امراً واقعا لا مفرّ منه.
ولكن ما السر وراء قلق باسيل الكبير في هذه المرحلة ؟
مما لا شك فيه ان هنالك عدة عوامل من شأنها ان تؤدي الى تزايد مخاوف باسيل، الا ان ابرزها على الاطلاق تلك التي أوضحها المصدر لـ "لبنان 24" مشيراً الى ان جلّ ما يقلقه في هذه المرحلة هو موقف حاضنته السياسية والشعبية، بحيث انه غير واثق من قدرتها على تحمل العقوبات الاميركية واستعدادها لتقبل الإجراءات من دون الانقلاب عليه.
وأضاف المصدر ان باسيل يدرك جيدا ان بعض قياديي "الوطني الحر" ونوابه لن يبقون ملتزمين بخط التيار اذا ما هُدّدوا بشكل جدي بإدراج اسمائهم على لوائح العقوبات المالية، ذلك لأنّ لدى هؤلاء مصالح في الكثير من الدول الغربية ولا يريدون تعريضها للخطر، وبالتالي فإن معظمهم قد يختار الابتعاد عن التيار للحفاظ على هذه المصالح الاقتصادية والمالية، اضافة الى انهم لو قرروا الثبات على موقفهم الداعم لـ "حزب الله" فإن ذلك من شأنه أن يضرب قواعدهم الشعبية في مناطقهم نظرا لارتباطهم الثقافي بدول الغرب.
من جهة اخرى، فإن المتمولين الداعمين لـ "الوطني الحر" والذين يشكلون رافعة اساسية لميزانية التيار، قد يتراجعون عن هذا الدعم مهما بلغت وعود باسيل لهم بإيصالهم الى البرلمان، الامر الذي يزيد من قلق الاخير انطلاقا من حرصه على عدم خسارتهم.
واذ يعتبر باسيل ان تنفيد الادارة الاميركية لتهديداتها بفرض عقوبات عليه، سيهدد وصوله الى رئاسة الجمهورية، حيث ان القرار حول هذا الموضوع لم يكن يوما صناعة داخلية، بل يصل معلّباً من الخارج، وبالتالي لا يمكن لأي شخصية مدرجة على لوائح العقوبات الاميركية ان تواصل طموح الوصول الى سدّة الحكم، الأمر الذي قد يستخدمه حلفاؤه الذين لا يرونه مناسباً في هذا المكان، او خصومه الذين سيخوضون حتما معارك ضده لإعاقته عن الوصول. كذلك فإن الدول الاقليمية وفي حال ارتفاع وتيرة التصعيد الاميركي ستلجأ حتماً الى خيار "الفيتو" على طرح اسم باسيل للرئاسة.
كل هذه النقاط تلعب دورا رئيسيا في تنمية القلق لدى رئيس التيار "الوطني الحر"، الذي يحاول بشتى الطرق فتح صفحة مع الولايات المتحدة الاميركية، علما ان جميع محاولاته لم تثمر حتى الساعة وحيث انه لا مجال للمماطلة في هذه الظروف قد يجد باسيل نفسه محرجا امام خيارات جديدة تجنباً لخسارات فادحة.