Advertisement

لبنان

مأساة حقيقيّة.. السّلطة تحرق شعبها: موتوا فنحن بخير

Lebanon 24
15-10-2019 | 23:55
A-
A+
Doc-P-635456-637068061450484897.jpg
Doc-P-635456-637068061450484897.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان السّلطة تحرق شعبها: موتوا... فنحن بخير، كتبت لينا فخر الدين في "الجمهورية": شُبتّ النيران، أمس، في عدد من مناطق الشوف، آتية على الثروة الحرجيّة، وطاوَلت المنازل موقِعة قتيلاً، ومُحدثة حركة نزوح كبيرة من المناطق المنكوبة، في ظل غياب الدولة عن مسؤولياتها.
Advertisement
السّاعة تُشير إلى ما بعد منتصف الليل في الشوف، ولكن الرؤية تؤكّد عكس ذلك. تبدو "الدنيا حمراء" كأضواءٍ خافتة، لا يحدّها سوى الضباب الذي يغطّي المكان عند كلّ نسمة هواء. سرعة الرياح تزيد الأمور سوءاً.

إذاً، لم يعد الحريق يقتصر على المشرف، بل امتدّ إلى عدد من المناطق الجبليّة والساحلية: من الدبيّة إلى أعالي الناعمة والدامور. المشهد مرعب. ألسنة النيران تلتهم الجبال التي لا تبتعد كثيراً عن المناطق المأهولة. إرتفاع أصوات الانفجارات بفِعل الألغام المزروعة في المكان، وخصوصاً في منطقة أنفاق الناعمة، حيث تُعدّ مركزاً عسكرياً لـ"الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ـ القيادة العامّة". الدخان يتصاعد من كلّ حدب وصوب. السكّان يوصِدون الأبواب والشبابيك بإحكام، ومع ذلك لا تبدو الإجراءات مُجدية، إذ انّ روائح الحرائق أضحَت تصعّب التنفّس وتحرق العيون.

الكنائس تدقّ أجراسها. أصواتٌ تصدح من مكبّرات الصوت في المساجد وسيّارات تمرّ في المكان مطالبة السكان بإخلاء المنطقة. "برداً وسلاماً يا الله"... هكذا انتشر الوسم سريعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعلّ الدّعاء يُساهم في إطفاء الحرائق المنتشرة في المناطق الشوفيّة الساحليّة. البعض قرّر الصلاة في ساحات هذه القرى، ولكن لا مؤشرات الى إمكانيّة تحسّن الوضع.

النيران تتمدّد إلى المنازل. أصوات سيّارات الإسعاف تُرعِب السكان. كثيرون منهم قرّروا مغادرة المكان على عجل بعد منتصف الليل، حاملين من أغراضهم ما استطاعوا، فيما البعض آثَر انتظار التطوّرات.

من يملك سيّارة ومأوى في مناطق أخرى سارَع إلى الخروج من هنا. أمّا من لا يملكون، فساروا في «أراضي الله الواسعة». طوابير تنطلق من قرى الشوف وإقليم الخروب في اتّجاه الشوارع. بعض المحلّات التجاريّة عند الأوتوستراد السّاحلي التي لا تُقفل عادةً، غَصّت بالناس الذين لا يعرفون إلى أين المسار؟

مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بالمتطوّعين لاستقبال «النازحين الجدد»، وحتى أنّ بعض دور العبادة والفنادق والمطاعم أعلنت أيضاً أنّ أبوابها مفتوحة لاستقبالهم. سيّارات تشقّ طريقها وسط الضباب على الأوتوستراد السّاحلي.

تبدو ليلة الرّعب هذه عصيبة. هنا من يصرخ أنّ النيران وصلت إلى منزل قريبه، وهناك من يهرب طالباً من جيرانه التأكّد من أنّ الجميع باتوا في الخارج، إذ انّ النيران باتت على مرمى عيونهم، وهنالك من ينادي على امرأة مُقعدة تسكن وحيدةً ما زالت عالقة في منزلها.

مأساة حقيقيّة عاشَتها مناطق الشوف: النيران تلتهم الأشجار والأحراج، وتمتدّ لتصِل إلى بعض المنازل والسيّارات المركونة.

كلّ ذلك، والدولة نائمة. لا نائب ولا وزير ولا مسؤول قرّر الاستجابة لاستغاثات الناس. لا أحد اقتفى أثر أصحاب "الأبراج العاجيّة" في المكان. "وَينن؟".

لا أحد يجيب. المواطنون يطفئون الحرائق بوسائل بدائيّة. يخمدونها في مكان، فتشتعل في آخر. يعبئ هؤلاء الدِلاء من منازلهم ويحاولون تبريد بعض الأماكن القابلة للاشتعال تَنبّهاً لأي كارثة. الشبّان الملثمون (بفِعل الروائح) في الشوارع يساعدون عناصر الإطفاء والدفاع المدني، على قِلّتهم.

النيران تحاصر السكّان ولا غرفة لطوارئ اللجنة الوطنيّة لإدارة الكوارث تُتابع الوضع الميداني قبل الصباح، ولا قرار رسمياً بالنزول على الأرض قبل الساعة السابعة من صباح الأمس، عندما تحرّكت الطوافات القبرصيّة من مطار بيروت في اتّجاه المناطق المنكوبة وعندما تحرّك أفراد أفواج إطفاء المناطق، على اعتبار أنّه لا يُمكن توجّه العناصر إلى الميدان ليلاً وهم لا يعلمون جغرافيّة المنطقة، وفق أحد المسؤولين.

... والدولة ما زالت مخدّرة. لا موقف ولا تدخّل ولا حتّى أي توجيه. وحدها مظاهر التّكافل الاجتماعي أنقذت بلداً يحترق من جنوبه إلى شماله. الشهيد سليم أبو مجاهد، الذي توفي وهو يحاول المساعدة في إطفاء الحرائق، هو ضحيّة سلطة تترك شعبها في مهب الكوارث، تقول لهم بوقاحة: موتوا، فنحن بخير. سلطة تقف متفرّجة على جسدٍ تأكله النيران من دون أن يرف لها جفن، بل تنام ملء عيونها.
 
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا
المصدر: الجمهورية
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك