Advertisement

لبنان

في لبنان.. دولة تعمل ضد نفسها وضد شعبها!

Lebanon 24
16-10-2019 | 23:52
A-
A+
Doc-P-635832-637068920884652447.jpg
Doc-P-635832-637068920884652447.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": ربما يفكر بعض المسؤولين في لبنان أن المظلة الدولية التي ما تزال تحمي البلد من الانزلاق الى الانهيار الاقتصادي والأمني الناتج عن خلافاتهم وتجاذباتهم وتحريضهم السياسي والمذهبي ومن ثم تقصيرهم وكسلهم وفسادهم، هي نفسها قادرة على حماية لبنان من العوامل الطبيعية التي أدت وتؤدي في كل مرة الى كوارث تطال البشر والحجر والشجر، فلا يبادر أحد منهم الى تحمل مسؤولياته في إعداد العدة من أجل مواجهة ما قد يطرأ صيفا أو شتاء من حرائق أو فيضانات، تماما كما يتعاطون بخفة مع الوضع اللبناني حيث كلما تم إخماد حريق سياسي أو أمني، سارع البعض الى إشعال حرائق أخرى وكأنهم مجموعة أغراب أوصياء لا يعنيهم لبنان وشعبه في شيء..
Advertisement

لا يختلف إثنان على أن المخاطر بأنواعها تحيط بلبنان من كل حدب وصوب، فعلى الصعيد السياسي نحن في حرب أهلية من دون إطلاق نار، وعلى صعيد الأمن فهو بالتراضي ومعرّض للسقوط في أي لحظة، وعلى الصعيد الاقتصادي فالبلد يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، والليرة اللبنانية تتأرجح أمام لهيب الدولار، وعلى الصعيد البيئي فقد إلتهمت النيران في غضون ساعات ما بقي من لبنان الأخضر، وعلى صعيد التلوث فالنفايات تجتاح المناطق عشوائيا، والسرطان بات الأكثر إنتشارا بين اللبنانيين قياسا الى الدول العربية الأخرى، عدا عن تفاصيل الحياة اليومية التي فيها من المعاناة والمآسي الناتجة عن تقصير الدولة، ما يندى له الجبين.

لا شك في أن التقصير الرسمي الذي يطال كل ما يختص بحياة المواطن اللبناني، يؤكد بما لا يقبل الشك، بأننا أمام دولة فاشلة، أو دولة متحللة، أو لا دولة، خصوصا أن الأزمات تفتك بالوطن وأهله، ولا من يتحمل مسؤولية، ولا من يحاسب، ولا من يعتذر، ولا من يطرح خططا للانقاذ، لا بل على العكس، فإن الغطرسة السياسية لدى البعض تزداد وتتنامى لتصل الى أقصى حدود الاستفزاز..

بالأمس كشفت الحرائق التي إجتاحت المناطق وأحرقت الأخضر واليابس كما القلوب، عجز الدولة ومرض بعض السياسيين، وقد تمثل العجز في ترك الدفاع المدني على باب الله من دون تثبيت ورواتب محترمة، ومعدات وتجهيزات، وفي إهمال طائرات الاطفاء في مطار بيروت للتآكل والتصدع بحجة أنها غير صالحة بدل العمل سريعا على إستبدالها أو تجديدها، وفي عدم تفعيل هيئة الكوارث والطوارئ التي تبين أنها إسم على غير مسمى، فبدا لبنان أمام هول الحرائق كمستول يطلب حسنة المساعدة من هذا البلد أو ذاك، لاخماد النيران التي تفتك بأرضه، وربما غدا يتكرس هذا العجز عندما تمطر وتغرق الشوارع بالمياه بينما لا يملك المسؤولون سوى تقاذف الاتهامات والتلطي خلف الطائفة أو المذهب هروبا من تحمل المسؤولية.

أما المرض فتجسد في عبقرية بعض السياسيين الذين إكتشفوا بذكائهم الخارق أن الحرائق لم تندلع إلا في مناطق ذات لون طائفي محدد، معتبرين أن في ذلك مؤامرة، الأمر الذي يدل إما على إستغلال ما يحصل لاستفزاز شارع ما وإستجداء بعض من الشعبية التي باتت مفقودة، أو على تحريض طائفي يحاسب عليه القانون كونه يدخل في إطار تهديد السلم الأهلي، أو على غباء سياسي بات يتحكم بالبلد حمى الله اللبنانيين من نتائجه وتداعياته، علما أن الشهيد الذي سقط وهو يطفئ الحريق درزيا، والحرائق طالت كل المناطق بتوازن مسيحي وسني وشيعي لمن لا يعرف أو لمن يجهل.

في الخلاصة، فإن الحرائق التي إندلعت كانت نموذجا بسيطا عن دولة تعمل ضد نفسها وضد شعبها، ولا تملك حلولا لأي أزمة يمكن أن تواجهها، لأن من بيدهم الحل والعقد، إما طامح لرئاسة، أو خائف على رئاسة، أو ساع للاطاحة برئاسة.
 
المصدر: سفير الشمال
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك