Advertisement

لبنان

بولا يعقوبيان والحالة العونية "الإلهية".. لماذا لا تتحرّك كلودين عون؟

Lebanon 24
17-10-2019 | 00:20
A-
A+
Doc-P-635844-637068941638744634.jpg
Doc-P-635844-637068941638744634.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان بولا يعقوبيان والحالة العونية "الإلهية"، كتبت جنى الدهيبي في "المدن": لا مبالغة في القول أنّ الحالة العونيّة المستشرية في هذا "العهد"، أصبح لديها مدرسة لا تمتلك الحدّ الأدنى من أدبيات الخطاب السياسي وحتّى الأخلاقي. هو هروبٌ دائمٌ إلى الأمام بالفجور والإسفاف وفتح معارك وهميّة وعاتيّة مع أيّ خصمٍ يتجرأ على نقد هذه الحالة، أو يتوجه بلومٍ على أداء أحدٍ من رموزها. لكن، لا عجب في ذلك. فهذه الحالة العونية، ارتأت أن تضع نفسها بمصاف الألوهية، تيمنًا بحزبٍ "إلهي" يدعمها ويؤمن الغطاء لها، وإن كانت تعبّر عن ذلك بنمطٍ وأسلوبٍ مختلفين.
Advertisement

الغضب العوني والنساء
هي حالةٌ مقدّسة، "طاهرة"، عفيفة، ضميرها خالصٌ، وكفّها نظيفٌ، وتاريخها نضاليٌّ مشرّف، كما يردد على الدوام جنودها ورموزها. ولأنّها كذلك، فهي حالةٌ لا يجوز المساس بها، أو نقدها، أو توجيه أيّ تهمةٍ لها حتّى لو كانت مدعمةً بالشبهات والحجج والقرائن. ومن يتجرأ على هذا الفعل، أكان مسؤولًا أو مواطنًا، فويلٌ له من غضب الحالة العونية. القصاص جاهزٌ على الدوام. وكلّ أجهزة الدولة، في الأمن والقضاء والوزارات والإدارات، تستنفرها هذه الحالة العونية تنفيذًا للقصاص، وكأنّها تسيّر شؤون العهد وفقًا لنظرية "الديكتاتور العادل" الذي يتسلّط بحجة تنفيذ القانون. ومن لا تنجح الحالة العونية بالتضييق عليه في السياسة، أو الردّ على اتهاماته بالفساد في ملفات البواخر والكهرباء والنفايات والمحارق وسلب المشاريع والتوظيفات العشوائية، تلاحقه بقضائها وقضاتها، وترفع عليه الدعاوى، وتسطّر بحقّه مذكرات التوقيف.

وحتّى عندما تعجز في هذه الملاحقات، تقذف خصمها من بوابة اسمها "العرض والشرف"، وتحديدًا إن كان الخصم "امرأة"، كأسهل وصفةٍ لبنانية - سحريةٍ يمكن فيها لجم النساء وقمع أصواتهن.

وكلّ الذّعر الذي دبّ في نفوس اللبنانيين، يوم أحرقت ألسنة اللهب الأحراج في جبل لبنان وشماله، وفي ظلّ  تقاعس مريبٍ للدولة أدّى إلى تمدد الحرائق، لم يكن كافيًا للحؤول دون تعلّم قوانين "مدرسة الحالة العونية" في خطاب الكراهية والطائفية والعنصرية والذكورية الفاقعة في النظرية الدونيّة تجاه النساء. تفوّق العونيون على الحرائق المستشرية نفسها. وربما هذا مدعاةٍ "تميّزهم" في سلب أضواء أيّ حدثٍ حتّى لو كان طبيعيًا وكارثيًا، ولا عجب أيضًا. فالحالة العونيّة تستفحل في السلطة وتستشري بها، ولديها من الشراهة والنهم بالاستيلاء على كلّ شيء وفي كلّ شيء، حتّى يتجرأ رئيسها في ذكرى "13 تشرين" تهديد اللبنانيين بـ "قلب الطاولة" وهو لديه 11 وزيرًا وقّعوا على استقالتهم قبل تسلم حقائبهم الوزارية. ثمّ لا عجب أن يخاطب وزيره في البيئة فادي جريصاتي اللبنانيين طالبًا منهم ألا يسمعوه صوتهم "إلا إذا فرزوا". أمّا في يوم "الحريق العوني"، الثلثاء، الذي استهجن فيه نائبهم ماريو عون تآمر الطبيعة مع "الفاعلين" المفترضين في نظره على القرى والأحراج المسيحية، كأنّ هناك "مسلمًا" ينتقم من المسيحيين بحرق أحراجهم، كلله وزير المهجرين العوني غسان عطالله بسجالٍ حادٍ على الهواء مع النائبة بولا يعقوبيان، وهي تناقشه في السياسية، متهمًا إيّها أنّها "وصلت الى النيابة بطريقة غير اخلاقية"، حتّى تكون خلاصة ردّها عليه بالقول: "الشرف ليس بين الرجلين، إنما بالرأس وهذا ما لا تملكه".

التراشق التلفزيوني
حرائق لبنان، التي أشعلت وقود الحالة العونية، تحولت يوم الأربعاء في خلافها مع النائبة يعقوبيان مسألة نقاشٍ واسعة في الرأي العام اللبناني. لقيت يعقوبيان التي وصفت العونيين بـ"تيارٍ بلا شرف" و"تيار الزنار والنازل"، تضامنًا فائضًا من داعميها ومن اللبنانيين، انطلاقًا من رفض الخطاب العوني الذكوري المُرتكب بحقّها، والرامي إلى إذلالها لكونها امرأة. لكنّ يعقوبيان لم تسلم من الهتك، فتمحور نقاش خصومها العونيين وغيرهم، بالسؤال عن طريقة وصولها إلى السلطة وقد استفادت منها لعقودٍ طويلة وهي تعمل في تلفزيون رئيس الحكومة سعد الحريري، وإلى اعتبارها جزءًا من "المؤامرة السعودية" أثناء مقابلتها مع الحريري عندما كان محتجزًا في المملكة في تشرين 2017. لكن، هل هذا النقاش في السياسية يعطي عذرًا للعونيين بالاعتداء على كرامتها في كلّ مرّةٍ تحضّر ملفاتهم وتحشرهم بالسياسة؟

العلاقة بين العونيين ويعقوبيان بلغت حدًّا من الدعاوى القضائية والتوتر إلى درجةٍ لا يمكن إصلاحها، وقد سبق أن تعرضت لهجوم عونيّ عنيف إثر مشادة كلامية تلفزيونية مع النائب آلان عون إثر اتهامها العونيين بالفساد والسرقة في ملف الكهرباء والبواخر. وليل أمس، غرّدت يعقوبيان على حسابها في توتير مشيرةً أنّ ثمّة "أمر عمليات من تيار النفايات بإطلاق حملة تشهير وتحقير" ضدها. فـ "يعودون تمامًا كالمرة السابقة عندما قلت أن جبران باسيل مرتش فاسد في ملف البواخر"، واعدةً بأنّها ستستمر بالعمل "لأجل كلّ مواطن".

القعر والحضيض
وواقع الحال، أنّ الحديث عن خطاب الحالة العونية التي تشهّر "سيفها" الكلامي عند كلّ ضيقٍ أو حرج، لحجب النظر عن قضايا فسادها، لم يعد حالة استثناءٍ غير مألوفة تستدعي النقاش، وإنّما هو خطاب يندرج ضمن بداهات "الثقافة" العونيّة السياسية، وواحدٌ من أدوات تمددها وسعيرها كما ألسنة اللهب، وعلى هذا الأساس يمكن التعاطي معه، كسياقٍ طبيعي لتمدد العونيين وتكونهم. وهذا الخطاب في طبيعته، هو تكتيكٌ متّبع في الحالة العونية، يهدف إلى إلحاق الأذى بالخصوم، والاستثمار به شعبويًا بردود أفعالٍ تنزلق نحو القعر والحضيض.

قد يسترجع البعض في الخطاب العوني ما كان سائدًا قبل انعقاد التسوية الرئاسية في العام 2016، حين كان رئيسهم يوجه إهاناتٍ متعاقبة للصحافيين، قبل أن يصبح رئيسًا للبلد. وقد يظنّ العونيون أنّ هذا النهج الخطابي يكفل بلوغ أعلى المناصب في الدولة، من دون أن يميّزوا أن ما كان يتفوّه به رئيسهم السابق، وهو كان صاحب "كاريزما" الرجل العسكري، لا يمكن أن يتوارثوه أيضًا، بإسفافٍ مضاعف، وقد يدفعون ثمنه في زمنٍ لاحقٍ غاليًا، في بلدٍ أثبتت التجارب التاريخية أنّه لا يُحكم بمنطق العسكريتارية والاستبداد والتّسلط.

نساء "العهد"
أمّا المفارقة مع يعقوبيان، هو أنّ قضيتها بالتعرض "العوني" على كرامتها، لا بدّ من وضعه في عهدة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ابنة رئيس الجمهورية، زوجة النائب ميشال ركوز، كلودين عون. فهل تُدار شؤون المرأة اللبنانية بالتغاضي عن حوادث الاعتراض لكرامتهن ومحاولة إذلالهن بسلطةٍ يستقوي بها ذكور عونيون في السلطة؟ وماذا يكون مصير أحد المواطنين العاديين في حال اعتدائه كلاميًا على "نساء العهد" بهذه اللغة وهذا الخطاب؟

أمّا في السياسة، فلا يزال السكوت على الأداء العوني مريبًا وعجيبًا، من أركانٍ أساسيةٍ في الحكم، تشارك معها العونيون في السلطة منذ العام 2008، وساهموا سويًا في إفسادها هدرًا وتعيينًا وتسلطًا على القوانين والأجهزة وحتّى القضاء. وفي حقيقة الأمر، لم يكن لهذا التيار المسيحي أن يبلغ هذا الحدّ من الانحطاط الخطابي، لولا "تمتّعه" بغطاءٍ من حزبٍ "قوي" يمسك بناصية القرار في الحرب والسلم والسياسة، ولو لا شراكته مع رئيس تيار آخر يتجاوزه ويقضم من صلاحيته عند كل استحقاق وفي اتخاذ أيّ قرار.
 
المصدر: المدن
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك