"وتروح سنة عليي.. أنا هون عم ببني مستقبلي". بهذه العبارة اختصرت احدى المتظاهرات أمام مبنى وزارة التربية في الاونيسكو كل التحركات الشعبية والمطلبية التي تجري في الشارع منذ أكثر من عشرين يوماً.
هذه الثورة التي انتقلت الى الخطة "ب" من تحركاتها اليوم، قاطعة الطريق أمام المصطادين في الماء العكر، الذين حولوا الثوار الى قطاع طرق، ولم يتركوا ورقة في تاريخ الحرب الا واستحضروها في الايام الماضية، وتوجهوا مباشرة الى مراكز القرار فتجمهروا للمرة الأولى (طلاب لبنان) أمام مراكز البريد والهاتف ومباني الادارات الرسمية وشركات تشغيل الهاتف الخلوي، راسمين باجسادهم خطاً جديداً للثورة، ومتحدين النظام بأم العين بان يستجيب لمطالبهم وان يرضخ لهم، بعدما كان رهانه على افشال تحركاتهم تحت مسمى الخوف من الحرب الأهلية التي اعادوا بثها بين اللبنانيين.
شباب لبنان الثائر اليوم "بيكبروا القلب" فعلاً، فنحن أمام جيل رفض الخضوع كأهله، وانتفض على واقع يفرض عليه بقوة السلاح حيناً وقوة الخوف والدمار والانهيار حيناً آخر، هذا الجيل الذي يشكل نواة الثورة اليوم، وقف جريئاً، حيث لم يجروء الآخرون، وقال لهم اصمتوا الكلام اليوم لنا، نحن جيل المستقبل الذي سنمسح عاركم وخنوعكم ونبني لبنان الذي نريد نحن والذي يلبي طموحاتنا واحلامنا.
هذا الجيل الجديد الذي كسّر قيود الصمت، ترفع له القبعات، فهو أعطى صفعة جديدة لهذه السلطة المتخاذلة التي لا تزال حتى اليوم، وبعد عشرين يوماً على الثورة تراهن على التعب وعلى عدم التنظيم وعلى فشل الحراك، لتبقى في مراكزها وتقبض بيدها أكثر على مقدرات الدولة، وتستمر في نهب المال العام.
يا طلاب لبنان، أنتم اليوم تسطّرون باحرف من ذهب تاريخ بلادكم، تصنعون لكم مستقبلا مشرقا ناصع البياض خاليا من التبعية والطائفية والفساد كما حلمتم به دوماً.
أما من انتقد حراك الطلاب ويسأل عن الأهل الذين يسمحون لأولادهم بالتظاهر، نقول لهم: ان تخاذلكم في الماضي وصمتكم على مدى السنوات الثلاثين الماضية هي من أوصلنا الى هنا، فاما ان تبقوا صامتين الى الأبد او انزلوا وادعموا اولادكم ليكون مستقبلهم أفضل من مستقبلكم.