Advertisement

لبنان

تفاصيل الساحات في لبنان.. ثورات مختلفة في "رحم ثورة"

نسرين مرعب

|
Lebanon 24
13-11-2019 | 01:48
A-
A+
Doc-P-644641-637092282662091039.jpg
Doc-P-644641-637092282662091039.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في ساحة رياض الصلح يتناقشون،  في الشهداء يرقصون.. في طرابلس المنصة كانت هي "النجمة". في جل الديب استوطنوا الجسر، وفي الذوق افترشوا الشوارع وتحوّلت الثورة في مشهدها الجانبي إلى حفلة "مشاوي". في صور وبنت جبيل والنبطية تعرّضوا لاعتداءات، وهتفوا. في صيدا تحوّلت ساحة ايليا إلى ساحة ثورة، وفي البقاع بدأوا بالهتافات ومن ثم استحدثوا الـ"DJ".
Advertisement

ساحتا رياض الصلح – والشهدا

في بيروت تتنوع الساحات رمزياً، فرياض الصلح  هي البيئة الحاضنة للخطاب السياسي والنقاش والمحاضرات التي توزعت في خيم جانبية وأسفل مبنى العازارية، أما ساحة الشهداء، ففضاؤها أكثر مواءمة للفن والإبداع، لإضاءة الشموع، الرسم على الأرض، ليد الثورة التي ارتفعت قبضتها في منتصفها.

في الساحتين، مجموعات وأفراد، يختلفون إن في الأفكار أو الأهداف، فالفرد القادم من الضاحية، الشياح، الغبيري، طريق الجديدة، كورنيش المزرعة، عائشة بكار وغيرها.. يبحث عن حقوق "حياتية"،  فيما تنطلق المجموعات المنظمة أكثر نحو الخطابين السياسي والحقوقي، ومنها: "حزب سبعة"،  "مبادرة وعي"، "الكتلة الوطنية"،  "حركة الشعب"،  "العسكريون المتعاقدون"، "حزب الخضر"، "حملة الشعب يريد إصلاح النظام"، "الحركة الشبابية للتغيير"، "جنسيتي كرامتي"، "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد" الخ..  

على هامش هاتين الساحتين، شكّل جسر الرينغ نقطة التقاء، فمرة يقطع المتظاهرون الطريق المؤدي إليه بالكامل، ومرّة ثانية يصطدمون بمحزّبين، وفي مرة ثالثة يحوّلون المكان إلى منصات، للجلوس، للتلفاز، للرياضة، لليوغا وللعب كرة القدم.

أما الشعارات السياسية التي رفعت في وسط بيروت فهي: "سرقة وكذب واستغلال يا شعب قوم وقلّن عهد ووزراء ونوّاب كلن يعني كلن"، "رئيس الجمهورية مسيحي ماروني، رئيس النوّاب شيعي، رئيس الوزراء سنّي، هيدي الطائفية خربتنا نطالب بفصل الدّين عن الدولة"، "ضريبة عالأوقاف"، "اضراب عام"،"نسهر اليوم على ثورتنا نسهر غداً على دولتنا"، "لا للطائفية"، نعم لإسقاط النظام"، "الحرامي مكانوا في السجن وليس في الدولة".

طرابلس "الأيقونة"

حصدت طرابلس في الثورة ألقاباً عديدة، كالأيقونة، العاصمة والعروس.
في طرابلس الساحة متجانسة، وتحت الشعارات المشتركة مع جميع المناطق، كان لافتاً الحضور القوي للشعارات المتعلّقة بتفاصيل الحياة اليومية، الغلاء، فرص العمل، أقساط الجامعة، العفو عن الموقوفين الإسلاميين.
"ساحة النور"، استقبلت الشمال جميعه، فأهالي عكار كانوا يتوافدون بشكل يومي إليها، واقفين جنباً إلى جنب مع أبناء المدينة.
"المنصة"، في طرابلس والـ"DJ"، والأغاني الثورية، والرقص، كانت من أبرز المشاهد.
أما مبنى الغندور المهجور منذ عقود عديدة، والكائن وسط الساحة، فقد تحوّل إلى "مبنى الثورة"، متلوناً بألوان العلم اللبناني، فيما كتبت عليه عبارات: "طرابلس مدينة السلام"، "ادخلوها بسلام آمنين"، إلى جانب رسم لقبضة الثورة.
طرابلس رفعت شعارات عديدة عكست المناخ العام للمدينة منها:  "نموت في عهدك القوي ولا نستطيع العلاج.. العافية حلم لبنان في العهد القوي"، "إنت عراسك زعيمك وأنا عراسي كرامتي"، "في مثل هذا اليوم عاد أخي من المهجر بالكفن"، "أبناؤنا في السجون منذ سنين كفى ظلماً"، "أثرى زعماء أفقر مدينة"، "ما بدي هاجر من حقّي عيش ببلدي"، "بي الكل ولادك كبروا وصار بدن يتجوزوا فيك تأملن بيوت".
إضافة إلى شعارات أخرى، كـ"عيونك أحلى من الثورة"، "يا حسين تشفع لأهلنا في النبطية"، "لون عينيك اعتصام حتى إسقاط النظام".
كذلك أطلقت هذه المدينة حملة لإزالة صور السياسيين، فبعدما تخلّت ساحة النور عن صور سياسييها لصالح "الثورة"، امتدت هذه الموجة إلى سائر المناطق المنكوبة التي تحوّلت الجدران فيها إبان كل استحقاق انتخابي إلى ماراثون لصور السياسيين.. اليوم هذه الجدران استعادت هويتها، لا سياسيين، لا مرشحين، جدران مهملة تبحث عن الإنماء.

جل الديب والذوق... لغة السياسة

أهالي الشارعين ونظراً لكونهما البيئة الأكثر ارتياحاً من بين الطبقة الوسطى وهي التي يتكوّن منها غالبية الشعب اللبناني، كان لديهما مطالب محددة بعيدة عن "الحياتية"، عُبّر عنها بشعارات سياسية، تنتقد النظام والفساد والورقة الإصلاحية، إضافة إلى مطالبة النواب بالاستقالة وليس فقط الحكومة.
اليافطات في الساحتين، جاءت خجولة، فالصوت أعلى. وكان لافتاً تحوّل جسر جل الديب إلى منصّة للثورة، بينما استوطنت الشوارع مجموعات صغيرة، اجتمعت على المشاوي، الأرغيلة، لعب الورق، فالمتواجدون هناك هم من أبناء المنطقة الذين يحتشدون أسفل منازلهم أو بالقرب منها.
بعد إسقاط الحكومة، تراجعت الساحتان بشكل ملحوظ، وذلك بعد تعرضهما ما إلى ضغوطات من قبل المؤسسة العسكرية. 
وقد وثقت العديد من الفيديوهات مواقف بين المواطنين والعسكر، بينما كانت النساء هن في الصدارة، وهن الخط الفاصل المانع لأي احتكاك بين الطرفين.

صور - النبطية - بنت جبيل.. مقاومة باللحم الحي!
لم تغب شمس الجنوب، عن التحركات، فكانت الانتفاضات مفاجئة في كل من صور، النبطية، بنت جبيل، انتفاضات قوبلت بموجة قمع واعتداءات متكررة من قبل قوى الأمر الواقع.
أبناء هذه المناطق، تحايلوا على الشعارات، جاملوا المقاومة، شتموا نبيه برّي، ورفعوا الصوت بحثاً عن حقّهم في الحياة.
لم تختلف الشعارات في هذه المناطق عن رديفاتها في المناطق المنكوبة، جميعها نابعة من الحرمان، وقد عبّر المحتجون عنها بصوت غاضب، ومن بين الشعارات التي رفعت "نحنا ما بتمولنا السفارات"، "صوت جوليا أبو صعب لا يمثل الثورة"، "الطريق مقفل بسبب صيانة الوطن".
كذلك تجمّع المتظاهرون في النبطية في أولى أيام الثورة أمام منزل النائب ياسين جابر واشعلوا الاطارات كما تجمعوا أمام مكتب النائب هاني قبيسي وعملوا على انزال اللوحة المدون اسمه عليها، وحاولوا في الإطار نفسه اقتحام مكتب النائب محمد رعد.
موجة القمع التي لحقت بأهل الجنوب، دفعت اللبنانيين من مناطق مختلفة، إلى تشكيل وفود تشاركهم في وقفتهم الاحتاججية، فاجتمع الجنوب والشمال وبيروت في ساحات صور والنبطية وبنت جبيل.

صيدا "الثائرة".. وعكار التي التحقت مؤخراً

في صيدا لم يحبط القمع الثوار، فكانوا يجددون كل يوم تأكيدهم على أحقيّة صوتهم. هذه البيئة الذي حاول البعض إسكاتها عبر إطلاق يد السلطة العسكرية وإزالة المنصّة، استعادت فجر القمع سيادتها وتشييد منصتها، مستحدثة وسائل جديدة للتعبير كـ"طرطقة الطناجر"، التي انطلقت منها إلى طرابلس وبيروت، ورافعة في تحركاتها اليومية شعارات "التغيير"، والشعارات المنددة بسياسات المصرف المالية.

وعلى الجهة الشمالية المقابلة لصيدا، انخرطت "عكار" متأخرة في الحراك، بعد محاولة الجيش اللبناني قمع المتظاهرين في "العبدة"، هذه الشرارة التي دفعت المواطنين للنزول بكثافة إلى الشارع، كما أعادت تصويب الإعلام إلى هذه المنطقة.
هتافات "عكار"، استحوذ عليها الحرمان، والمطالبة بأدنى المقومات الحياتية، فعبّرت هذه البيئة بالشعارات عن معاناتها المزمنة مع دولة شطبت ربما هذه المساحة عن خارطتها.
"حقوق عكار"، سبقت الفساد والنظام في الهتافات، وانتقاد السلطة السياسية المسيطرة على هذه المنطقة، كان له حصّة الأسد من التنديد.

البقاع المنتفض على الحرمان
المشهد في البقاع ليس بعيداً عن الشمال وتحديداً طرابلس، فالمواطنون هناك يبحثون عن السكن، العمل، الطبابة، وعن العفو والكرامة، فيما يأتي الفساد لاحقاً.
الساحات في البقاع تأثرت برديفاتها، فاقتبست مؤخراً عن ساحة النور، المنصة، والـ"DJ"، والأغاني الثورية.
أما الشعارات التي رفعت فشددت على تلوث الليطاني والقرعون، ومما ردده المتظاهرون: "عندما تصبح بحيرة القرعون صالحة للشرب تصبحون صالحين للحكم"، "ثورة ثورة"، "الليطاني سرطان البقاع وأنتم سرطان الوطن"،  "نعم لإعادة تشغيل معمل الشمندر السكري في مجدل عنجر ادعم الصناعة الوطنية".

في الملخص، تشبه الساحات اللبنانية مواطنيها، تشبه أوجاعهم، اختلافاتهم، أحلامهم، تجانسهم، وتمايزهم.. هي ساحات عوّمت يوميات هذا الشعب بشعارات غنائية، وهتافات سياسية ومطلبية.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك