Advertisement

لبنان

شهادة علاء أبو فخر.. حجر زاوية في تشكيل "الهوية اللبنانية"

حسن هاشم Hassan Hachem

|
Lebanon 24
14-11-2019 | 05:41
A-
A+
Doc-P-645106-637093322124133202.jpg
Doc-P-645106-637093322124133202.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
منذ نشأة دولة لبنان الكبير عام 1920 والتي سيحتفل بذكرى مئويتها الأولى في العام المقبل، كانت علامات استفهام تطرح حول الهوية التي ستختزنها هذه "الدولة الفتيّة" التي كوّنتها جماعات طائفية ومذهبية شكّلت مجتمعة الكيان اللبناني الذي بقي هشاً حتّى بعد نيله استقلاله عن الإنتداب الفرنسي عام 1943.
Advertisement
 
بقي مفهوم "المواطنية اللبنانية" مبهماً طيلة سنوات، ذلك أنّ الجماعات التي شكّلت "الوطن اللبناني" جعلت من انتمائها الخاص يتفوّق على الإنتماء العام للكيان الحديث، فلم تكن أواصر الهوية اللبنانية قد اشتدّت بعد.
 
وعلى الرغم من ذلك، كان هنالك ما اصطلح على تسميته "الميثاق الوطني" وهو اتفاق غير مكتوب عقد بين رجلَيْ الاستقلال رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح، وقد نصّ في أحد بنوده – بما معناه - على أن "يتخلّى المسيحيون في لبنان عن "الهوية الغربية"، ويتخلّى المسلمون عن طموح الوحدة العربية مع سوريا"، ليكون بذلك لبنان "لا غربياً ولا عربياً"، وهو ما علّق عليه الصحافي جورج نقاش (1904 – 1972) في مقاله الشهير بصحيفة "لوريان"، 10 آذار 1949، حيث اعتبر أنّ "الدّولة ليست مجموع عجزَيْن"، و"نفيان لا يصنعان أمّة".
وأتت الحرب الأهلية لتثبت هشاشة "الهوية اللبنانية" وعدم اكتمال مقوّماتها، وقد استمرّ ذلك بعد الحرب حتّى باتت الحياة السياسية قائمة خلال الحرب وما بعدها على مصطلحات مثل "المارونية السياسية"، "السنية السياسية" و"الشيعية السياسية" وهي تعابير تؤكّد تفوّق هوية الجماعات الدينية على الهوية الوطنية الجامعة.
 
بالعودة إلى الحاضر، وفي خضمّ "ثورة 17 تشرين الأوّل"، وتحديداً في أيّامها الأولى، بدأت بوادر الهوية اللبنانية الموحّدة تظهر شيئاً فشيئاً نتيجة العوامل والأسباب المشتركة التي دفعت باللبنانيين للنزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم وإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة.
 
وساهمت وسائل الإعلام التي تبنّت هذه الإنتفاضة في تسويق هذا الخطاب الوطني الجامع على طول الساحات اللبنانية المنتفضة إذ بات الخطاب الشعبي وطنياً موحّداً، برزت تجلّياته في تنقية الذاكرة الجماعية اللبنانية سواء من نتائج الحرب الأهلية (1975 – 1990)، أو حتّى من تبعات الإنقسام السياسي الحادّ الذي بدأ عام 2005 مع استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وصولاً إلى ما قبل "ثورة 17 تشرين الأوّل".
 
حافظت الثورة على روحيّتها وخطابها على الرغم من طلب قيادات سياسية من مناصريها الذين شاركوا بالثورة الإنسحاب منها، ومحاولات التشويش عليها من هذا الطرف أو ذاك، وصولاً إلى حادثة استشهاد علاء أبو فخر الذي قتل على مثلّث خلدة، مساء الثلاثاء، بطريقة مروّعة أمام أنظار زوجته ونجله اللذين أسمعت صرخاتهما آذان الشعب اللبناني برمّته.
وعلى الرّغم من هول المشهد، إلا أنّ دماء علاء أبو فخر شكّلت حجر زاوية لترسيخ مداميك خطاب "الهوية اللبنانية"، فبات علاء أبو فخر "شهيد الثورة"، على امتداد الوطن، إذ بكى كلّ لبناني ولبنانية على الشهيد من دون أن يعنيهم لا طائفته ولا منطقته ولا توجّهاته السياسية أو الفكرية. 
 
شعر كلّ مواطن لبناني بالألم، فأصبح كلّ أب يرى نفسه أنّه قد يكون مكان علاء مضرّجاً بالدماء على الأرض، وكلّ زوجة وأمّ ترى نفسها مذهولة أمام مشهد زوجها وهي تغطّي عينَيْ ابنها الذي سقط والده شهيداً أمام عينَيْه.
 
شهادة علاء أبو فخر، جعلت منه "فخراً" للثورة اللبنانية، فباتت صورته في كلّ ساحات الثورة على امتداد الوطن، فهنا جدارية "بورتريه" على مبنى "الغندور" في ساحة "النور" – طرابلس، وهنالك إضاءة شموع لروحه في النبطية والشيفروليه، كذلك دقّت أجراس الكنائس في زحلة، وأقيم أكثر من نصب له سواء في جلّ الديب أو في ساحة ساسين في الأشرفية، وغيرها من المناطق. 
لا يمكن حتّى الساعة التكهّن بمآلات الثورة التي لا تزال تنتظر دعوة رئيس الجمهورية للإستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، إلا أنّ الأكيد أنّ حادثة استشهاد علاء أبو فخر ستشكّل خطوة متقدّمة في مسار هذه الثورة لناحية تشكيل "الهوية اللبنانية" الوطنية والجامعة، لتتفوّق على الهويات الضيّقة التي كانت في كثير من الأيام وقوداً لخلق الخلافات والفتن بين الشعب اللبناني.
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك