Advertisement

لبنان

صراخ الثورة لم ولن يتوقّف

Lebanon 24
22-11-2019 | 18:48
A-
A+
Doc-P-647750-637100670952299998.jpg
Doc-P-647750-637100670952299998.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب راجح الخوري في صحيفة "الشرق الأوسط": "عندما توجّهت يوم الثلاثاء الماضي إلى المصرف فوجئت مرتين، الأولى مبكية وهي أن الرقم المتتابع الذي حصلت عليه كان 436، بما يعني أنه سيكون عليَّ الانتظار لساعات طويلة ليأتي دوري، أو ربما أن أذهب وأعود في اليوم التالي، والثانية مضحكة تماماً ورأيتها بأم عيني، ثم شاهدتها منقولة بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تلك السيدة الجالسة طويلاً في انتظار دورها، وقد راحت تعمل على تنقية نبات البقدونس في كيس حملته معها، وعندما سألتها إحدى السيدات، ماذا تفعلين؟ قالت اكسب الوقت تحضيراً لصنع التبّولة للعائلة.
Advertisement

لم يكن مستغرباً أن أكتب مقالاً تلك الليلة بعنوان "دولة البقدونس والتبّولة"، فليس في ذلك أي غرابة أو افتئات، على الأقل لأنه لو كان للدولة اللبنانية البائسة حرص تلك السيدة على القيام بواجباتها، لم نكن لنصل إلى هذه الجمهورية التي تواجه الانهيار الكامل، وتشهد ثورة شعبية عارمة ضد كل الطقم السياسي، مضى عليها 36 يوماً، وهي ترفع شعار "كلن يعني كلن"، بمعنى أن كل الذين تولوا المسؤولية في لبنان وأوصلوه إلى الانهيار، هم تماماً كما تراشقوا أخيراً بالتهم داخل مجلس النواب، فاسدون نهبوا البلاد وسرقوا المالية العامة وأوقعوا لبنان تحت دين عام وصل إلى حدود 100 مليار دولار.

يوم الثلاثاء الماضي هبطت سندات لبنان الحكومية المقوّمة بالدولار إلى مستويات قياسية جديدة، فخسرت ثلث قيمتها منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية، وهو ما ضاعف المخاوف من اتجاه سريع إلى الانهيار الاقتصادي، بعد تدني قيمة هذه السندات إلى 44.5 سنت من نحو 70 سنتاً قبل 3 أسابيع، لكن هذا الأمر لا يعني شيئاً بالنسبة إلى المسؤولين، رغم اضطرار المصارف إلى إقفال أبوابها لمدة أسبوع، ما كان كافياً لإثارة ذعر المواطنين على ودائعهم ومدخراتهم، وهو ما تضاعف عندما اتخذت السلطة النقدية وجمعية المصارف اللبنانية قراراً بالذهاب إلى مروحة من الإجراءات، المعاكسة تماماً للحرية المصرفية التي طالما تميز بها لبنان، تحت عنوان "Capital Control"، الذي يمنع تحويل الدولار إلى الخارج، ويحدد مبلغ 1000 دولار يمكن للمودع أن يسحبه أسبوعياً، وكل هذا خلق ذعراً كبيراً رغم التأكيدات المتكررة لمصرف لبنان المركزي، أن الأمور لن تصل قط إلى مرحلة ما يعرف في اللغة المصرفية باسم "Hair Cut" أي اقتطاع نسبة من ودائع الناس لمصلحة الدولة، على ما جرى في بعض البلدان.

لكن صراخ الثورة لم ولن يتوقف، في كل نقطة من لبنان من الشمال إلى الجنوب، مروراً بمعاقل "حزب الله" و"حركة أمل" وحليفهما "التيار الوطني الحر" وجماعة الثامن من آذار، الذين يحاولون شيطنة الثورة، وربطها بمؤامرات خارجية وتدخلات أميركية، في محاكاة واضحة لكلام المرشد علي خامنئي، الذي اتهم الانتفاضة في لبنان والعراق، بأنها محاولات لإثارة الفوضى يجب التصدي لها، على ما حصل داخل إيران قبل أيام، التي اندلعت فيها المظاهرات، التي قمعت بقوة حيث قيل إنه سقط أكثر من 200 قتيل برصاص النظام.
وإذا كانت الأزمة لم تصل بعد إلى مرحلة "Hair Cut" فإنها على مستوى الثورة المندلعة والمتعاظمة، تذهب صراحة إلى مستوى
محاسبة كل الطاقم السياسي الذي حكم البلاد، والانتقال إلى الجمهورية الثالثة التي تؤسس لدولة لبنانية عصرية وشفافة ومسؤولة وتعمل لخدمة الشعب والوطن!
على المستوى السياسي، بات واضحاً تماماً أن التسوية السياسية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، بمباركة من "حزب الله" الذي هندس فراغاً رئاسياً استمر عامين ونصف العام لإيصال حليفه إلى بعبدا، والتي جاءت بالجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، قد تحطمت تماماً، ووصلت الأمور حد التراشق بالاتهامات بين الجانبين، وخصوصاً بعد اعتذار محمد الصفدي عن تولي رئاسة الحكومة، بعدما تمسك الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين من خارج الطقم السياسي، في حين تمسّك الرئيس عون بداية بتشكيل حكومة سياسية، وهو ما يريح "حزب الله" الذي يملك حصة وازنة في القرار السياسي للسلطة التنفيذية، ثم وضعت في التداول صيغة حكومة تكنوسياسية يرفضها الحريري منذ البداية، وتحديداً في 17 من الشهر الماضي عندما ربط استقالته بطلب الثورة تشكيل حكومة من الاختصاصيين الأنقياء غير الحزبيين لمدة انتقالية تعالج الأزمة الاقتصادية، وتحضر لإجراء انتخابات نيابية مبكرة".
المصدر: الشرق الاوسط - راجح الخوري
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك