Advertisement

لبنان

على الحراك أن يصبح أكثر جرأة في اجتراح الحلول!

نانسي رزوق

|
Lebanon 24
26-11-2019 | 04:37
A-
A+
Doc-P-648652-637103651553826996.jpg
Doc-P-648652-637103651553826996.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
متظاهرون، ثوار، غاضبون، فلنسمهم ما شئنا. التسمية غالباً لا تحيل إلى هوية محددة وقاطعة، اذ داخل كل واحدة منها ثمة هويات أخرى مستبطنة.
ولذلك فإن وسم المتواجدين في الساحات بسمة خالصة، لهو ضرب من الجهل والعجرفة الفارغة.
Advertisement
لا يختلف لبناني وآخر، حتى أولئك الذين انكفأوا إلى بيوتهم، وهم كثر، بأن مبررات مواجهة السلطة بكل من فيها، حق لا يجادل فيه أحد.
وأن هناك من الأسباب ما لا يحصى، لكي ينتفض الناس مطالبين بحقوقهم كمواطنين، من مال وخدمات أساسية يحصلون على الفتات منها، لكنهم اعتادوا لعقود طويلة أن يتقبلوها برؤوس مطأطأة بوصفها مكرمة من الزعيم الفلاني.
هذا الأمر تغير. حالة الوعي كبرت. وأصبح الكبير والصغير يعلم أن هذه المكرمة أو تلك إنما هي حق له. وعليه، فإن التحرك للحصول على الحقوق، صحيح، ومناسب في أي وقت يقررون فيه المواجهة. 
هذا حال الغالبية العظمى من اللبنانيين، حتى أولئك الذين بتنا نراهم في الأيام القليلة الماضية يخوضون عراكا دمويا مع المعتصمين، أو يقطعون طرقات. بيئتهم واحدة رغم اختلاف المذهب والتوجه السياسي، ومعاناتهم كذلك. ربما لو ووجه بعضهم بلغة المنطق، فلن يفصح بأقل مما عبر عنه متظاهرون في الأسبوعين الأولين من الحراك. لا بل أن لغتهم قد تكون أشد عنفا وصراحة، وأقل لباقة من سواهم. لماذا؟ 
لأنهم شباب على بعد سنوات طويلة من مستقبل لا يملكون القدرة حتى على رسم ملامحه، ولو في أبشعها. 
هؤلاء مبعدون عن أي نقاش حقيقي حول حلول تنهض بقدرات شابة قد تحول البلد إلى جنة فعلية، لا أخرى متخيلة لا نسمع بها إلا في الاغاني. 
سهولة إستنهاض المشاعر المذهبية، يرجع إلى فقدان الأمل بالعثور على من يخاطب آلام هؤلاء ويمنحهم المبرر للخروج عن "الطاعة". 
ذلك العصب المذهبي الذي يشتد في الأزمات، مرده إلى فراغ لم يملأه أحد حتى الساعة. 
أين هي الوجوه التي تخاطب هؤلاء "المشاغبين"، التي تعدهم بمساحة مشتركة يكونون فيها مع غيرهم رؤية لمستقبل ما قريب؟ 
لا شيء من هذا إلى الآن. فراغ مديد سيكون فرصة ذهبية لإخماد كل حراك، والقضاء على كل صوت معترض، فيما البلاد تجنح إلى كارثة مالية. 
ربما بات على مجموعات الحراك، أن تقدم وجوها تحمل برنامجها المشترك، بمطالب حياتية تسحب فتيل الإستغلال من قبل أي طرف، من زعامة محلية إلى دول عربية وغربية. 
وأن تعترف اليوم، أنها ربما غير قادرة على ذلك، وأن الحوار قد أصبح أقرب السبل الى الحل، وإلا فما معنى البقاء في الشارع من دون أي بديل يقدمونه، وحتى كطرح أنفسهم كبديل للسلطة في حال إنهيارها؟ 
عدم الإعتراف بشرعية السلطة يفترض تقديم بديل عنها، ومطالبتها بالاستقالة، أو القبول بها وتشكيل مجموعة تمثيلية بمطالب واضحة تستقطب اليها الناس وتستعين بهم أداة للضغط على السلطة. 
لم يحدث أي من هذا. مراوحة ليس أكثر، وشوارع مفتوحة على فلتات لسان تسبب العداء والعراك والدم. 
إذا كانت السلطة قد نجحت في استغلال عصبياتها المذهبية لأكثر من اعتبار وهدف، فإن على الحراك أن يصبح أكثر جرأة على اجتراح الحلول وتحديد الخطوات العملانية. أما ما عدا ذلك، فإن للزعامات اللبنانية تاريخا طويلا في إدارة حفلات الدم. اللهم نجنا.

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك