Advertisement

لبنان

التسوية قيد التعديل.. ومقايضة مرّة؟!

المحامية ميرفت ملحم Mirvat Melhem

|
Lebanon 24
29-11-2019 | 02:00
A-
A+
Doc-P-649535-637106153091858056.jpg
Doc-P-649535-637106153091858056.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تعيش الدولة اللبنانية اليوم حالة من الاستنزاف الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمالي، والأصعب من هذا كله هو العنف السياسي الممارس من بعض قواها السياسية عبر امتناعهم عن التقدم بأي خطوة باتجاه تحقيق مطالب المواطنين المحقة عبر استمرارهم في تمييع الاجراءات الدستورية ومحاولاتهم المتكررة في خلق اعراف جديدة تعطل دور رئيس الحكومة المكلف في تشكيل حكومة منسجمة ومتماهية مع الدور، الذي يتطلع اليه المواطنون من السلطة التنفيذية رئاسة ووزراء بما يشكل انتهاكاً فاضحا لخيار الشارع الذي دخل الشهر الثاني في ثورته ضد الظلم والفساد.
Advertisement

قد يربط البعض السلبية المهيمنة على الواقع السياسي بهامش الحراك الضيق الذي تدور فيه تلك القوى بفعل ربط قراراها بالفلك الخارجي، والذي جاهرت قواه، كل على طريقتها، بالدور الذي تتطلع له للبنان. فمن جهة عبّرت واشنطن عن دعمها للحراك الشعبي ومطالبه في محاولة للتسلسل اليه واستغلاله في تحصين جبهة داخلية جديدة بمواجهة "حزب الله" وحلفائه عدا عن تحذيرها من مطامع روسيا في موانىء لبنان ومخزوناته النفطية، في المقابل لم تخف روسيا اهتمامها بلبنان ورفضها محاولات واشنطن وحلفائها لجعل لبنان محمية غربية تخضع لاجندتها، اضف اليها تصريحات السيد نصرالله حول مصادر اجندة الثورة وتمويلها من السفارات الاجنبية، والذي جاءت متزامنة مع تصريحات المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي المشككة بالثورة.

هذا كله لا يمكن ان يعمي الانظار عن المسؤولية الاساسية للقوى السياسية في ما وصلت اليه الاوضاع اليوم ونواياهم الساعية للاحتفاظ بمساحة نفوذ تحفظ لهم دورهم وتبقي لهم الكلمة في صنع القرار. وابرز تجليات ذلك برزت مؤخرا في تعطيل ولادة الحكومة من خلال فرض شروط تعدل في مسار التسوية عبر ربط معادلة عودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة بمشاركة جبران باسيل، واستطراداً احتفاظ باسيل بالثلث المعطل عبر اختياره للوزراء المسيحيين التكنوقراط على ما يؤمن له ذلك من قدرة على التحكم بالقرارات التي ستتخذ. وهي مطالب قد تتماهى مع مطالب "حزب الله" تحديدا، الذي ليس في وارد خسارة ما افرزته الانتخابات النيابية الاخيرة من نتائج، كما ليس في وراد خسارة غطاء المقاومة الشرعي الذي امنته له الحكومات السابقة.

هذا من جهة، ومن جهة اخرى، لم تكن الدعوات السياسية الاخيرة التي نادت باقرار قانون العفو وقانون استعادة الاموال المنهوبة وغيرها من قوانين مكافحة الفساد دعوات بريئة لاسيما من حيث شكلها ومصدرها، والتي في قراءة متأنية للنتائج التي قد ترتبها، يمكن اشتمام رائحة مقايضة بين ملف محاربة الفساد  وملف حساس جداً آخر. وبكل حال وعلى فرض صدق نوايا القيادات السياسية في تأييدها لمطالب الثورة في محاربة الفساد الا انه من الواضح أنه لم يتجرأ حتى اليوم أي من الاحزاب أو التيارات السياسية التي تنتمي اليها تلك القوى على رفع الغطاء السياسي عن وزرائها أو نوابها أو مسؤوليها المشتبه في تورطهم في الفساد، والتي لا شك في أنها الاقدر على معرفة شعابها وتلمس مدى تغير احوالها واسبابه، وبالتالي محاسبتهم في مراجعة داخلية صادقة امام اصابع الاتهام الموجهة اليها.

وفي اطار آخر يقتضي الاشارة الى الخطوة التي قام بها رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بالامس من خلال اصراره على حضور الجلسة الاولى لدى قاضي التحقيق في بيروت في ملف القروض المصرفية احتراما واجلالا للقضاء ولقناعته بسلامة ملفه وفق ما صرح، بالرغم من انها جلسة يحضرها المحامون فقط للتبيلغ عن وكالاتهم والاطلاع على ملف الشكوى، فاعطى حضوره المعنى الحقيقي لرجل دولة المسؤول الملتزم سقف القانون غير المتظلل بعباءة طائفية او سياسية ولا بحصانة نيابية او حكومية المؤمن بدولة القانون والمؤسسات فعلا وليس قولاً.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك