Advertisement

لبنان

من مدريد إلى الدولتين فصفقة القرن.. حرب لبنانية فحرب تموز والإنهيار

علي منتش Ali Mantash

|
Lebanon 24
28-02-2020 | 06:09
A-
A+
Doc-P-678350-637184923286023491.jpg
Doc-P-678350-637184923286023491.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
منذ إنشاء دولة إسرائيل، تأثر لبنان بشكل أو بآخر نتيجة قربه الجغرافي من فلسطين المحتلة، وتعرض لهزات سياسية وأمنية وعسكرية بشكل مستمر بهدف إحتوائه حيناً، وتطويعه أحياناً. فكانت الحرب الأهلية التي ساهمت بتحويل البندقية الفلسطينية إلى الداخل اللبناني وتشتيت القوى الوطنية وتهشيم الحواضن الشعبية في لبنان خلال 15 عاماً من القتال والتدمير والإنهيار الإقتصادي، الذي إستفادت منه تل أبيب بجوانب أخرى أيضاً، كالسياحة والتجارة بعد خسارة بيروت لهذه الميّزة.
Advertisement

الإنهاك الذي تعرض له لبنان، إقتصادياً وشعبياً وسياسياً بسبب الحرب الأهلية، دفعه للقبول بحلّ "الأرض مقابل السلام" الذي نظّر له في مؤتمر مدريد، وعلى هذا الأساس وصل الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى السلطة ومعه حُزَم من المساعدات والهبات والديون الدولية.

يومها تعهد الحريري الأب، بناءً على قراءته للمشهد الإقليمي الذاهب إلى السلام مع إسرائيل بعد مدريد، بأن يكون لبنان جزءاً من "مدريد"، ورأى أن التوطين الذي سيُفرض على لبنان من قبل الغرب والعرب يجب أن يكون له ثمن، فذهب الحريري بعيداً من خلال الإستدانة التي كانت بنظره ستُلغى ضمن سلّة التسوية المقبلة، آنذاك، خلال سنوات.

لأسباب كثيرة سقط مدريد، ليعود لبنان ساحة للإشتباك مع إسرائيل من 1993 إلى 1996 و1999، وجاءت المبادرة العربية للسلام عام 2002، التي وافق عليها العرب على اساس حلّ الدولتين، ليأتي الردّ الأممي بالقرار 1559 الذي كان تنفيذه شرطاً لتعويم لبنان مجدداً، وهذا ما حصل بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري ليبدأ مشروع سياسي جديد قائم على الضغط السياسي لتطبيق هذا القرار، ترافق الأمر مع حرب تموز 2006، غير أن أسباب كثيرة أدت إلى فشل القوى السياسية اللبنانية المتحالفة مع واشنطن على القيام بتعهداتها، لكن المحاولات بقيت حتى العام 2009 موعد الإنتخابات النيابية التي فازت بها قوى الرابع عشر من آذار.

بعد العام 2009 جاء الربيع العربي، وبات سياق الضغط مختلفاً وكان القرار واضحاً بضرب الخواصر العربية القريبة من إسرائيل، من مصر التي كان رئيسها بدأ يُزعج الإسرائيليين بسبب التوازن النسبي الذي خلقه في علاقته مع المقاومة الفلسطينية من جهة، والكيان العبري من جهة أخرى، فسقط حسني مبارك وإنتخب محمد مرسي الذي قام، بالرغم من كل ما قيل، نقلة نوعية في علاقة مصر مع غزّة، فسقط هو الآخر.

إلى سوريا الدولة التي كانت إحدى أسباب فشل حرب تموز، إلى العراق العمق الإستراتيجي العربي في الإقتصاد والديمغرافيا، وصولاً إلى لبنان الذي كان هدفاً إن لم يكن في الأمن، فبالإقتصاد.

يقول الخبراء إن لحظة التراجع الدراماتيكي في ميزان المدفوعات في لبنان بدأت عام 2011 وتوجت عام 2016، بالتزامن مع تغيّر الرؤية الإسرائيلية والصهيونية للحلّ في الشرق الأوسط، وهذا ما برز بدعم الإنجيليين الأميركيين للرئيس الأميركي دونالد ترامب للوصول إلى الرئاسة بشرط أن يتولى هو السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، ويتولّوا هم كامل تفاصيل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وهذا ما حصل، وظهرت صفقة القرن عام 2018.

في لحظة الإعلان الأولى لصفقة القرن، كانت المملكة العربية السعودية مرهقة بعد حرب طويلة في اليمن، وكانت سوريا تكاد تنهي حربها لكن من دون إقتصاد ومجتمع، وكان العراق مفتتاً، وكانت المدن العربية مدمرة من حلب إلى حمص فالموصل وغيرها، وكان لبنان يخطو خطواته السريعة نحو الإنهيار.

يعود مشهد الحرب الأهلية مجدداً في لبنان، لكن من دون نار ودمار، إنهاك إقتصادي غير مسبوق، فقر وبطالة، قوى سياسية تتعرض لهزّات شعبية حقيقية، ودول صديقة ترفض المساعدة المالية.. إلا بشروط.

هكذا هو المشهد، في المقابل ولأسباب مبدئية وواقعية، لم تتوافر أي شخصية سياسية في لبنان، حتى اللحظة، موافقة على صفقة القرن، أو قادرة على الذهاب بعيداً في تقديم تعهدات خارجية على تنفيذ حصة لبنان من هذه الصفقة، ومنعاً للإحراج إبتعد جميع القادة عن تولي رئاسة الحكومة وكُلّف حسان دياب.

من ينظر إلى الشروط الأميركية المُعلنة والتي يُناقش بها المبعوثون الأميركيون إلى بيروت، يجدها متصلة بطريقة أو بأخرى بصفقة القرن، أو الأصح بإزالة عقبات تطبيق هذه الصفقة في لبنان: صواريخ "حزب الله" الدقيقة مثلاً ومنع تدخل الأخير بصراعات الإقليم، وترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة التي حُددت على الخريطة الأميركية الموزعة عن صفقة القرن بخطٍ متقطع، والغاز في البلوك رقم 9.

هكذا جاء دياب رئيساً للحكومة في مرحلة عنوانها تقطيع الوقت بإنتظار الحلّ في الإقليم. فلا الرجل قادر على الإلتزام بالشروط الأميركية ولا هو قادر على النهوض الإقتصادي في البلد من دون دعم مالي دولي، وبالتالي فإن مرحلة المراوحة قد تطول ومرحلة الإنجاز لا تلوح في الأفق ومرحلة إتخاذ القرارات لم تحن بعد.
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك