Advertisement

لبنان

صراع واشنطن- "حزب الله" في لبنان.. من 17 تشرين الى كورونا

علي منتش Ali Mantash

|
Lebanon 24
10-04-2020 | 05:30
A-
A+
Doc-P-692368-637221154348975238.jpg
Doc-P-692368-637221154348975238.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا ينظر "حزب الله" الى زيادة التدخل الاميركي في لبنان على أانه زيادة في النفوذ، بل على العكس تماماً، هناك اعتقاد داخل اوساط الحزب أن التدخل الاميركي المباشر هو نتيجة تراجع نفوذه وضعف حلفائه في لبنان.
Advertisement

بعد حراك 17 تشرين بات السؤال المركزي في الساحة السياسية اللبنانية يتمحور حول الصراع الاميركي مع "حزب الله" في لبنان، حجمه، مداه، مساره ونتائجه، كل ذلك بدأ مع ما قيل انه كسر لقواعد الاشتباك بين الطرفين من خلال الاستغلال العلني لحراك 17 تشرين ووضع فيتوات على حكومة يشارك فيها الحزب بداية الامر، ثم الضغط المباشر لمنع الرئيس سعد الحريري من ترؤس الحكومة وغيرها من التفاصيل التفاوضية التي جاهرت واشنطن بالتدخل فيها.

يرى كثر أن الولايات المتحدة الاميركية قلبت الطاولة في لبنان، وجعلت الحزب في لحظة ما في موقع الدفاع، بعدما كان يتقدم بسرعة من خلال فرضه رئيساً للجمهورية، ومن ثم الفوز بالانتخابات النيابية وتأليف حكومة يمتلك فيها الاكثرية. فجأة باتت واشنطن تراكم النقاط التكتيكية، وبحسب هذا الرأي فإن اسقاط حكومة سعد الحريري كانت اولى ضربات واشنطن، تلاها اشغال "حزب الله" بالحراك الداخلي وتهشيم حلفائه الاساسيين واضعافهم شعبياً، وصولاً الى اطلاق العميل عامر الفاخوري واخيراً منع التعيينات المالية الذي كان احدى نتائج التدخل الاميركي المباشر في هذا الملف، (مع الاحتفاظ بدور العوامل الدخلية اللبنانية).

كل ذلك طرح سؤالاً جوابه معروف من أقوى في الساحة اللبنانية؟ "حزب الله" او الولايات المتحدة؟ يقول اصحاب هذه النظرية ان واشنطن اقوى بالمطلق ولها وجود فاعل جداً داخل الدولة العميقة لا يمتلكه الحزب، بل انها من خلال تدخلها المباشر اظهرت ضعف الحزب بالتعامل مع القضايا الداخلية وجعلت صورته تتبدل تدريجياً امام بيئته، ربما كل ذلك جراء العقوبات وتراجع القدرة المالية.

لكن امام هذا الرأي، هناك رأي آخر معارض، يعتبر ان التدخل الاميركي المباشر الذي بدأ في 17 تشرين متخلياً عن الديبلوماسية المعهودة بالتعاطي الاميركي، يعود بشكل اساسي الى ضعف ادوات واشنطن وحلفائها التدريجي وقضم الحزب لعناصر قوتهم من العام 2008 وصولاً الى اليوم.

ويقول هؤلاء ان حلفاء واشنطن فقدوا القدرة على الإعتراض على "حزب الله" حتى. شاركوه في حكومته التي كادت تتجه الى تطبيع العلاقات مع سوريا من دون اي اعتراض من اي فريق وازن. الحزب الاشتراكي يهادن الحزب و"يفش خلقه" بـ"التيار الوطني الحر"، تيار "المستقبل" كان يعيش لحظات العشق الوهمية بالتسوية الرئاسية وهو في الواقع يستمر في خسارته الشعبية وقدرته على الفعل في الساحة السياسية وفي المجال الشعبي اللبناني، أما "القوات" فقد بدا الاستثمار الإقليمي فيها غير ذي جدوى لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن.

الأهم، هو ان تراجع حلفاء واشنطن الداخليين ترافق مع انكفاء واضح للسعودية عن لبنان بقرار نهائي بعدم اعطاء الأولوية لهذه الساحة، الأمر الذي ساهم بدوره بزعزعة قدرة حلفاء واشنطن بالداخل.

بات الحزب يمسك بشكل او بآخر بملفات استراتيجية كثيرة لدى الاميركيين، سلاحه اولاً والذي بات جزءا اساسيا منه، كاسراً للتوازن الامر الذي تعتبره اسرائيل عام 2020 خطراً وجودياً، وملف الغاز الذي كان يمسكه حليف الحزب ورئيس "التيار الوطني" جبران باسيل وملف ترسيم الحدود الذي يمسكه الحليف الآخر نبيه بري رئيس المجلس النيابي.

امام هذا المشهد، يؤكد اصحاب هذه الرؤية، كان لا بدّ من التدخل الاميركي المباشر لتحقيق هدفين عميقين، الاول: وقف نمو "حزب الله" وهو طلب كانت واشنطن قد ارسلته للحزب ديبلوماسياً مؤكدة انها ترضى بحجمه الحالي شرط الإكتفاء به، والثاني خروجه او اخراجه من السلطة.

جاء حراك ١٧ تشرين ليشكل فرصة للاميركيين استغلت حتى نهايتها لكنها لم تحقق الهدف الرئيسي، بالرغم من تحقيقها هدفا مهما، هي اضعاف حلفاء الحزب وتحديداً "التيار الوطني الحرّ" ما يمهد الى عزل الحزب لبنانياً، لكن الهدف الثاني الذي ارادته واشنطن من الحراك هو استبدال حلفائها، او ادخال عناصر جديدة الى مشهد "حلفاء واشنطن".

يعتقد الاميركيون ان الاستثمار بالحلفاء التقليديين لم يعد مجدياً ولا بدّ من ادخال عناصر جديدة على المشهد تكون اكثر حيوية لا بل اكثر عصرية، يمتلكون خطاباً يتماشى مع حاجات وتطلعات اللبنانيين، ومن هنا كان الاستثمار ببعض وجوه المجتمع المدني المقربين من واشنطن، والذين  يختلفون في الاصل استراتيجياً مع "حزب الله"، لكن تظهيرهم ضمن اطر "ثورية" قد يعيد الحيوية الى جبهة حلفاء واشنطن تدريجياً بالتزامن مع تراجع الحلفاء التقليديين المستمر، والذي رغم ضعفهم سيبقون جزءا من المشهد.

المعركة بين واشنطن و"حزب الله" مستمرة في لبنان، لكن ما هو أفقها؟ ومن يتقدم فيها؟

هناك من بعتبر ان الأفق لا يزال ضبابياً امام هذه المعركة في ظل ادخال واشنطن للساحة اللبنانية الى صلب الصراع مع ايران و"حزب الله" بعدما كان هناك اتفاق ضمني بتحييدها، لكن من يتقدم بهذه المعركة؟

يبدو أن من يعتقد بالتقدم الاميركي التكتيكي على الحزب في الساحة اللبنانية لديه براهين متعددة، منها اطلاق عامر الفاخوري وعرقلة التعيينات المالية ومنع المساعدات الدولية وغيرها، لكن بالعودة الى أهداف واشنطن يظهر لدينا انها وضعت هدفين اساسيين لهذه المرحلة في معركتها مع الحزب، الأول والاسهل كان اخراج الحزب من السلطة، وها هو الحزب يسيطر بشكل او بآخر على حكومة حسان دياب من دون أن يتعرض لأي ازمة مذهبية داخلية او لأي ردة فعل تفوق التوقع دولية او اقليمية.
اما الهدف الثاني فكان اضعاف الحزب نفسه، وهذا ما ظهر فشله بعد اسبوعين من الحراك.

بعض المتابعين يعتبرون ان التقدم التكتيكي الذي تحققه واشنطن هو تقدم شكلّي، لأنها تقدمه في ساحتها، او الأدق في مناطق نفوذها اي في دولتها العميقة، بمعنى آخر ان تقدم واشنطن على الحزب يحصل بعد معارك داخل الاطر المؤسساتية، التي لم يكن الحزب موجودا فيها قط، بل كانت تاريخياً خاضعة بالكامل لحلفاء واشنطن، في حين ان الواقع الدقيق يقول إن الحزب يدافع حالياً في معرض الهجوم، وانه يستمر في القضم بالنفوذ الأميركي في القضاء وفي سلطة المصارف، وفي الدولة العميقة.. كل تلك المعارك بين الطرفين تحصل بعيداً عن مكتسبات الحزب التقليدية، فلا نقاش حول سلاحه ولا حول صواريخه الدقيقة ولا حتى حول تدخله في سوريا أو سيطرته على الحدود، بل اكثر من ذلك فقد عززت ازمة "كورونا" شرعية الحزب بوصفه دولة ضمن الدولة واعطته مقبولية متزايدة في ساحته وربما في ساحات اخرى.
المصدر: خاص "لبنان 24"
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك