Advertisement

لبنان

لبنان بين سندان كورونا ومطرقة الأزمة الاقتصادية... تفشي الوباء يفضح تقاعس الحكومة وتأخر قرارتها

Lebanon 24
26-07-2020 | 22:48
A-
A+
Doc-P-728386-637314261755975775.jpg
Doc-P-728386-637314261755975775.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
خطفت أرقام كورونا المرتفعة الاسبوع الماضي، الأضواء على الساحة الداخلية اللبنانية ووضعت الوضع المالي والاقتصادي في آخر سلم الأولويات، مع اعادة تفشي المرض، وعدم قدرة الدولة على ضبط الموضوع والسيطرة عليه على ما اعلن وزير الداخلية في مقابلة أمس. على وقع عجز طبي واضح في استيعاب الأعداد الهائلة للمصابين، فخطورة الوضع لا ينبغي أن تُلقى فقط على تفلّت المُقيمين والمُغتربين الوافدين فقط كما يروّج عدد من المسؤولين، بل أيضاً على الجهات التي كان يُفترض بها، خلال الأشهر الأربعة الماضية، أن تستعد لاستيعاب الواقع الوبائي المستجد في ظل التوقعات العالمية التي كانت تشير الى حتمية حدوث موجة ثانية من الوباء. 
Advertisement

في هذا الوقت، لم تجد السلطة حاجة الى الاسراع في اتخاذ القرارات، بل أبقت جلسة مجلس الوزراء في موعدها المحدد الاسبوع الماضي، يوم الثلاثاء، على ان يسبقها جلسة للمجلس الأعلى للدفاع، لاتخاذ الاجراءات اللازمة منعاً للارتفاع المستمر في الاصابات وتفشي المرض بشكل أكبر.

كورونا يتفشى
اذاً، التصريحات والمؤشرات الرسمية والطبية تؤشر إلى دخول لبنان في دائرة الخطر الداهم جراء التفشي المطرد للوباء يومياً فضلاً عن تسجيل ارتفاع ملحوظ بأعداد الوفيات، ما عزز المخاوف من "خروج الأمور عن السيطرة حكومياً وصحياً واستشفائياً" وفق تعبير أوساط طبية لـ"نداء الوطن" منبهةً إلى أنه "في حال لم يتم تدارك الوضع الوبائي بالسرعة اللازمة فإنّ البلاد ستكون حكماً أمام سيناريوات تراجيدية تفوق القدرة على المواجهة". 

المستشفيات غير جاهزة
في هذا الوقت، تطرح العديد من علامات الاستفهام حول قدرة المستشفيات على استقبال المرضى، في ضوء الصرخة التي أطلقها رئيس مجلس إدارة مُستشفى رفيق الحريري الحكومي فراس الأبيض مُشارفة المُستشفى على بلوغ قدرته الاستيعابية القصوى مع استقباله كل المُصابين الذين تستدعي حالاتهم الاستشفاء. وهو ما يدحض مزاعم "جاهزية" المُستشفيات الحكومية في المناطق التي وُعد المقيمون بها منذ آذار الماضي.

ففي 20 آذار الفائت، أعلن رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن 12 مُستشفى حكومياً في المناطق ستكون "جاهزة في غضون أيام" لاستقبال المصابين بالفيروس. آنذاك، كانت اللجنة تدرس تجهيز المُستشفيات الحكومية المتبقية ليُصبح العدد 29 مُستشفى حكومياً، إضافة إلى 10 مُستشفيات خاصة كمرحلة أولى، "مع احتمال فرض الأمر على مُستشفيات أخرى إذا ما دعت الحاجة". ووقتذاك، احتسبت غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث عدد الأسرّة المفترض بـ 1879 سريراً و 336 عناية فائقة و215 سرير طوارئ في المُستشفيات الحكومية، و9523 سريراً و1972 عناية فائقة و878 طوارئ في المُستشفيات الخاصة، فيما قدّر وزير الصحة العامة حمد حسن عدد أجهزة التنفس المخصصة لمرضى كورونا بنحو 700.

أربعة أشهر مرّت على هذه التقديرات، والنتيجة أن لا المُستشفيات الحكومية الـ12 تمّ تجهيزها "خلال أيام"، ولا وصل عدد المُستشفيات الحكومية المفترض تجهيزها إلى 29، فيما المُستشفيات الخاصة التي تترنح بفعل الأزمة الاقتصادية، لا تزال غالبيتها عازفة عن استقبال الحالات غير الطارئة. أما أجهزة التنفس الاصطناعي، فتفيد معلومات "الأخبار" بأن جزءاً كبيراً من المعدات التي تحتاج إليها لا يزال مفقوداً بفعل تطور أزمة استيراد المُستلزمات الطبية. وكانت تقديرات نقابة مستوردي المستلزمات الطبية تشير، في آذار، الى أن 80% من الأجهزة التي كانت متوفرة آنذاك لا تعمل. ومذاك، لم يطرأ أي تغيير على هذا الواقع.

الحكومة تتجه الى الاقفال الجزئي
والواقع أن الصرخات والتحذيرات الطبية حيال خطر بلوغ مرحلة الانهيار الاستشفائي بلغت ذروة غير مسبوقة ووضعت الحكومة أمام حقيقة صعبة للغاية واستحقاق لم يعد ممكناً تأجيل اتخاذ قرارات حاسمة في شأنه وهو الموازنة بين حتمية اتخاذ قرارات جذرية لفرملة الاندفاع نحو كارثة وبائية وصحية واستشفائية تماثل ما عرفته بعض الدول الاوروبية وغيرها في المراحل السابقة من الجائحة، والاستمرار في تأمين الحد الممكن من الحركة الاقتصادية وسط أصعب الظروف التي يواجهها لبنان. واذا كان هذا الاتجاه يبدو غالباً على المواقف السياسية الرسمية ويتجه مجلس الوزراء الى بلورته في جلسته غداً في قصر بعبدا، فإن الأوساط الصحية والطبية المعنية والمشاركة في لجنة الطوارئ التي تمهد بتوصياتها لقرارات مجلس الوزراء بدأت تجمع بدورها على المطالبة الملحة بإعادة اعتماد قرار إقفال البلد اقفالاً شاملاً ولو موقتاً لفترة أسبوعين، الامر الذي تعده الفرصة المتاحة الأخيرة لمنع الكارثة أو على الأقل لفرملة اندفاعاتها، والا فإن المحظور المخيف سيقع اذا استمر الرهان الخاسر على تقيد المواطنين بالاجراءات الملزمة من وضع الكمامات والابتعاد الاجتماعي وتفادي التجمعات.

ولكن بدا من الدعوة التي وجهت أمس الى المجلس الأعلى للدفاع لعقد جلسة قبل ظهر غد تسبق جلسة مجلس الوزراء أن ثمة اتجاها الى اتخاذ اجراءات متشددّة لن تكون أقل من إقفال جزئي لعدد من القطاعات السياحية والاقتصادية من جهة، ومنع التجمعات والحفلات والتشدّد في قمع المخالفات من جهة أخرى. وستتقرّر هذه الخطوات بصورة مبدئية في اجتماع تعقده اليوم اللجنة الوزارية المكلفة متابعة التمدد الوبائي لكورونا برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" انه ستتضح في الساعات المقبلة الاتجاهات التي ستعتمدها الحكومة حيال الاستحقاق الصعب الذي يوجب موازنة الاجراءات والخطوات لمنع مضي العاصفتين من التدحرج، أي العاصفة الوبائية والعاصفة المالية، ذلك أن لبنان يواجه العاصفتين عاريا من القدرات اللازمة ولا بد من توازن دقيق يسمح بانقاذ البلاد من براثن الانهيارين المتزامنين. وفي هذا السياق نفى رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن ان تكون ثمة نية لاقفال المطار واكد ان هذا الامر غير وارد بتاتاً، موضحاً انه "لو كانت الزيادة في اعداد اصابات كورونا سببها الركاب الوافدون من الخارج، لكان اقفال المطار واجباً، لكن الحقيقة ان نسبة الاصابات في الوافدين لا تصل الى نحو نصف في المئة بما يعني أن المشكلة هي في كيفية مراقبة القادمين".

الملف المالي
هذا في الشق الصحي، أما في الشق الاقتصادي، وعلى رغم طغيان العاصفة الوبائية على مجمل الملفات الداخلية، قالت المصادر الوزارية لـ"النهار" ان الملف المالي سيعود الى الطاولة انطلاقا مما بلغته الاجتماعات التي عقدت الاسبوع الماضي وتناولت الارقام المالية في الخطة الحكومية وان المساعي ستتجدد لتوحيد الموقف الرسمي من هذه الارقام تمهيدا لاعادة تحريك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وأشارت المصادر الى ان زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان لبيروت ادت من جملة ما ادت اليه الى تثبيت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كمفتاح اساسي للمعالجات كما ينظر اليها المجتمع الدولي وهو ما يحمل لبنان تبعة اكبر في التعجيل في الاتفاق على الارقام المالية لمعاودة المفاوضات.
في الموازاة، برزت خلال الساعات الأخيرة معطيات تتحدث عن حذر مصرفي في التعاطي مع ملف التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، إذ نقلت مصادر مطلعة على هذه المعطيات لـ"نداء الوطن" هواجس تتملك بعض المعنيين بالقطاع المصرفي حيال هذا الملف لاعتبارات عدة أولها "عدم الثقة بالسلطة السياسية التي يبدو جلياً من أدائها أنها معنية باتخاذ خطوات كيدية ضد حاكم المصرف المركزي والمصارف عموماً أكثر منها خطوات إصلاحية وإنقاذية، وأغلب الظن أنّ التدقيق الجنائي بالحسابات لن يخرج عن هذا الإطار. وبينما يؤكد هؤلاء أنّ عملية التدقيق لا بد منها لإعادة الانتظام إلى الحسابات العامة وتحديد الأرباح والخسائر في الخزينة، غير أنهم لا يرون أنّ التوقيت الراهن هو التوقيت المناسب لهذا الإجراء، لأنه لن يحقق سوى مضاعفة انعدام الثقة بالبلد وبقطاعه المصرفي، في وقت اللبنانيون هم أحوج ما يكون إلى استعادة هذه الثقة داخلياً وخارجياً للخروج من الأزمة".
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك