Advertisement

لبنان

ماكرون لمبادرة "حياد" لبنان.. والمتصارعون على السلطة "يتناتشون" جثة بيروت!

Lebanon 24
06-08-2020 | 05:00
A-
A+
Doc-P-732224-637323066874691511.PNG
Doc-P-732224-637323066874691511.PNG photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

كتب منير الربيع في "المدن": على الأنقاض، وفوق الدمار والدماء، "يتنتاش" المتصارعون على السلطة في لبنان جثة بيروت. يريدون إحراق ما تبقى منها ومن لبنان، والمتاجرة بالجثث والرماد. لا شيء مجانياً لديهم، ولا مجال للإنسانية.

 

جمهورية الحقد والدم

هو العالم من أقصاه إلى أقصاه هبّ باسم الإنسانية لمساعدة اللبنانيين. أما اللبنانيون فيتقاتلون في ما بينهم، يتناهشون جراح مدنييهم، ويهدمون ما تبقى من هياكل للدولة أو ظلالها.

 

جمهورية الحقد والدم. والتجار كثيرون.

 

وفي لحظة النكبة، وذهول الصدمة، ولملمة الجراح، هناك من يبحث عن تعويم نفسه، أو تحقيق مآربه. الحكومة مسرورة بالانفجار لأنه أخرجها من الاختناق، وحقق لها ثغرة في جدار جليد علاقاتها الدولية. وسوف تستثمر بالمساعدات الإنسانية للانفتاح على بعض الدول التي أغلقت الأبواب في وجهها. وهناك مسؤولون وجدوا في الكارثة ما يمكنهم من الانتقام من خصومهم، والإطاحة بمن لا يوالونهم والإتيان بآخرين. تماماً مثلما حدث مع الوزير ناصيف حتي المستقيل.

 

طوارئ لخنق بيروت

بيروت على الأرض، وغارقة في الدمار.

 

لم تمت. لكن من ينهشها ويتناتشها يريد السطو على ميراثها وهي حيّة. بيروت تضج بأبنائها، تحضنهم وهم يسعفون ويساعدون ويفتحون البيوت للمتضريين والمشردين.

 

لكن هناك غرباناً تفقأ العيون كي لا يبقى من يبصر ويرى. وشعار "الإنسانية" يغلّف حسابات سياسية محلية وخارجية. ينطوي المشهد على تحولات كبرى وجذرية في لبنان. تخسر بيروت مرفأها للمرة الأولى في التاريخ. البرّ مغلق من أمامها، والبحر كذلك. لم يبق إلا الجو الذي يستبيحه الإسرائيلي، لينفذ عمليات وغارات في سوريا.

 

لم يعد من شيء آمن في لبنان. ربما هذا ما استدعى إعلان حال الطوارئ في بيروت، ومنح الجيش الصلاحيات المطلقة فيها. ستكون السلطة للجيش في بيروت، ولغيره في مناطق أخرى. وبذلك سيكتمل مشهد عزل بيروت وفصلها، وليس فقط تجريدها من مرفئها وفصلها عن البحر، وخنقها.

 

آخرون سيبحثون عن مرافئ أخرى. وهناك من يبحث عن ملجأ أو مهجر. إعلان حال الطوارئ في لبنان، ليس بالأمر السهل أو التفصيلي. أهدافه قد تكون متعددة أو متناقضة، أو حتى متطابقة.

 

الجيش والضغط الدولي

قد يكون الهدف من "حال الطوارئ" منع أي مظاهر للتوتر السياسي والأمني على الأرض. والكوارث تستمر في مساعدة الحكومة على تعويم نفسها، وتعزيز وضعها مع الجيش، وإزالة كل الالتباسات التي حصلت منذ ثورة 17 تشرين إلى اليوم.

 

من وجهة مختلفة، قد تكون حال الطوارئ ناجمة عن ضغط دولي. فالدول القوية والمؤثرة لا تثق بغير الجيش، بحكم العلاقة الممتازة معه، فوجدت في ما جرى فرصة لمنحه الصلاحيات الاستثنائية في هذه المرحلة. وهذا سيكون مؤشراً أو مقدمة لمتغيرات في المسار السياسي مستقبلاً، أو في الحدّ الأدنى يؤسس إلى متغيرات كثيرة لا بد من انتظارها.

 

تجار وسماسرة الخراب

ووسط الدمار الهائل كانت الحكومة تعمل على خطّين: الاستثمار في الكارثة لتعويم نفسها دولياً. وإعلان بيروت مدينة منكوبة، على الرغم من حقيقته، أريد له أن يكون باباً لطلب الحصول على المساعدات، ولو كانت إنسانية، علّها تفتح أبواب الدول للحكومة، وتزيل الكثير من العوائق والعقبات، وتمحو الكثير من الخطايا التي ارتكبت.

 

في المقابل، لم تحد الحكومة عن نهجها في توجيه الاتهامات إلى الآخرين. حمّلت المسؤولين السابقين مسؤولية تخزين هذه المواد من العام 2014، وصولاً إلى حدّ إعلان فرض الإقامة الجبرية على هؤلاء المسؤولين، متناسية أن كتابين من جهاز أمني أُرسلا إليها قبل أسابيع حول ضرورة إيجاد حلّ لهذه المواد. وهذا وفق الرواية الرسمية، ولكن الحكومة لم تفعل غير ما فعله من سبقها، وها هي تأتي لتحاسبهم. بينما هي الأجدر بالمحاسبة أيضاً.

 

إجراءات الحكومة أهدافها كثيرة: التعمية على الحدث الحقيقي. الهروب من المسؤولية وتحميلها للآخرين. امتصاص الصدمة وتهدئة الناس، والانطلاق من جديد في مسار تدمير كل شيء، والسيطرة على كل شيء، بإقالة مسؤولين غير طيعين واستبدالهم بموالين.

 

ماكرون - شيراك

فرنسا تثبت مجدداً أنها الأحرص على لبنان واللبنانيين من أنفسهم. صرخة وزير الخارجية جان إيف لودريان قبل زيارته بيروت وفي أثنائها، متوسلاً المسؤولين أن يساعدوا أنفسهم، لم تُنس بعد. تكررت في ذاكرة اللبنانيين مسارعة الرؤساء الفرنسيين في الوصول إلى بيروت.

 

بعد الانفجار وأهواله، سريعاً أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون زيارته لبنان اليوم الخميس. وهكذا تظهر المبادرة الفرنسية الدائمة للحفاظ على لبنان في وجه الأخطار.

 

وزيارة ماكرون السريعة، تشبه إلى حدّ بعيد زيارة جاك شيراك بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وهذا وجه من الثوابت الفرنسية.

 

يأتي الرئيس الفرنسي بدافع إنساني، وحرص على هذا البلد. يأتي محمّلاً بمساعدات ومساع إنسانية وسياسية، لإنقاذ النموذج الفريد، وعدم الإجهاز عليه. ماكرون لا بد من أن يحمل رسالة سياسية دولية، أساسها سؤالان: هل يريد اللبنانيون أن يعودوا إلى الهدوء، وإلى علاقاتهم الطبيعية مع المجتمع الدولي؟ أم أنهم يريدون الاستمرار في مسار التصعيد وصراع المحاور والانحياز؟

 

إذاً، أي مسعى دولي سياسي وخارج مسار المساعدات الانسانية، سيتوقف على الإجابات التي سيتلقاها ماكرون من المسؤولين اللبنانيين.

 

 

Advertisement
المصدر: المدن
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك