Advertisement

لبنان

زاسيبكين لـ"لبنان24": الحل بتعديل النظام وتجديد الطبقة السياسية

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
25-08-2020 | 04:00
A-
A+
Doc-P-739003-637339489977204998.jpg
Doc-P-739003-637339489977204998.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
حان وقت الحرية. فبعد نحو 48 عاماً من الخدمة الدبلوماسية شغل خلالها منصب القائم بالأعمال في المملكة العربية السعودية، ومنصب سفير في اليمن فوزير مفوض في دمشق ومن ثم سفير في بيروت، فضلا عن منصبه كمساعد مدير إدارة الشرق الاوسط بين العامين 2006 و2010، يطوي السفير الروسي الكسندر زاسيبكين صفحات مجلده الضخم المليء بمهماته التي اتقنها في ملفات الشرق الاوسط وتسوية النزاع العربي الاسرائيلي، ويدخل "حياة التقاعد".
Advertisement
 
 
بعد عشر سنوات سفيرا في لبنان يغادر زاسيبكين منتصف أيلول المقبل إلى موسكو، بعد أن يسلم مهماته إلى السفير الروسي الجديد في لبنان ألكسندر روداكوف؛ وكان يتمنى أن يغادر والحلول قد نضجت، لكن للاسف المنطقة لا تزال في قلب المعركة والمشهد في لبنان غير واضح، لكنه يشدد على أنه سيستمر بالنضال إلى جانب الاصدقاء ولن يتأخر في زيارة بيروت كلما سنحت له الفرصة للقاء أصدقائه الكثر.
 
كان زاسيبكين يظن أن مهمته الدبلوماسية في بيروت قد تستغرق أربع أو خمس سنوات لكنها امتدت إلى 10 سنوات كانت صاخبة بالأحداث والتطورات على مستوى الشرق الأوسط والتي فرضت نفسها على مهمته وعلى مواقفه الوجدانية في الكثير من القضايا، فزاسيبكين "السفير فوق العادة" يطرح الكثير من الأسئلة، في حديث لـ"لبنان24"، حول مستقبل الدول والشعوب والعلاقات بين القوميات والطوائف ووجهة المنطقة في المستقبل والتي تشكل جزءا من السؤال الاساس المطروح عالمياً حول طبيعة العلاقات الدولية ومستقبل الاقاليم الكبرى الاورواسيوية والشرق الاوسطية والدور العالمي للغرب بقيادة الولايات المتحدة، وهذا كله نتيجة تفكك الاتحاد السوفياتي وبالتالي زوال المعسكر الاشتراكي وانهيار ما يسمى الحركة الوطنية التحررية ولكن مقابل ذلك، نشهد، كما يقول زاسيبكين نمو مراكز القوى الجديدة وتتغير الخريطة السياسية للعالم وتزداد القدرات الاقتصادية في بعض دول آسيا وتتشكل مجموعات دولية جديدة لا تقبل نظام القطب الواحد. 
 
 
كانت موسكو، وفق زاسيبكين، تدرك التداعيات السلبية للأحداث التي حصلت في الشرق الأوسط باسم الربيع العربي، فطموحات الشعوب نحو الديمقراطية والحريات والإمساك بالسلطة لم تتحقق، ونتائج الثورات جاءت معاكسة لتطلعات الشعوب، بدليل ما حصل على سبيل المثال من عدوان الناتو على ليبيا وتفكيك الدولة والهجوم الارهابي في سوريا، فضلا عما يحصل في اليمن والعراق وصولا إلى ما يحدث اليوم في لبنان؛ ومرده استغلال الأطراف الخارجية لمطالب المحتجين للاصلاحات تمهيدا للتدخل المنظم؛ بيد أن روسيا نجحت إلى حد كبير في التصدي للهجوم الارهابي في سوريا بطلب من الدولة السورية، وأيضاً أمام محاولات فرض الإرادة الخارجية على عدد من الدول. 
 
 
في خضم هذه الأحداث والظروف، كان زاسيبكين الملم بالشأن السوري يعمل وينشط في لبنان ويتواصل مع جميع القوى والاحزاب من دون استثناء من منطلق النهج الروسي القائم على ضرورة الاستقرار في الدول وتجنب الفتنة والفوضى لأن لا شيء مضمون، لا سيما وأن الصراع في المنطقة مستمر ومشاريع تفجير الاوضاع في بعض الدول لم تتوقف؛ فما حصل في الشرق الأوسط وأوكرانيا يحصل اليوم في بيلاروسيا، فنحن في مرحلة انتقالية عنوانها النزاعات وخروج الأميركيين من الشرعية الدولية فنهج الدولة العميقة السلبي في ملفات الأمن الاستراتيجي والخروج من المعاهدات وتأجيج النزاعات في الدول وبين بعضها البعض يؤكد المؤكد أن لا بوادر إيجابية للوصول إلى تفاهمات وأن المرحلة الصعبة مستمرة على الصعيد الدولي والاقليمي. فهناك كلام كثير عن احتمال اتفاق أميركا مع الجمهورية الإسلامية بعد الانتخابات، لكن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وتعمدها التشدد في فرض شروطها على إيران لجهة الالتزام بتطبيق الاتفاق وتضييق الحصار عليها لا يوحي بالإيجابية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا، صحيح أننا وحلفاءنا نتقدم نحو الأمام في سوريا بجهودنا على الصعيد العسكري، لكن مشاركة الأوروبيين والخليجيين غير واردة في اعادة الاعمار. وبالتالي فإن الأوضاع صعبة والنتائج غير مضمونة ولا نعرف أي وجهة قد تسلك التطورات. من هنا يتحدث زاسيبكين عن تحالف موسكو المتين مع محور المقاومة ضد الإرهاب مقارنة مع تفاهمات بسيطة مع دول أخرى، علما أنها منفتحة على الجميع؛ وأبعد من ذلك يرى زاسيبكين أن بلاده تاخذ بعين الاعتبار الخلافات بين الدول الاوروبية في بعض الملفات وبين الدول الاوروبية والولايات المتحدة لكنها لا تراهن عليها لان الغرب لا يزال متضامنا في ما بينه ومع الولايات المتحدة ولا يجوز إهمال طابعه التوسعي. 
 
جرياً على عادته، عمل زاسيبكين وفق النهج الروسي. فكان على مسافة واحدة من كل المكونات والاحزاب والقوى السياسية اللبنانية، ولأن الأزمة السورية أرخت بظلالها على لبنان، وكان لموسكو دوراً أساسياً وبارزاً في القضاء على الإرهاب في المناطق السورية إلى جانب الجيش السوري وحلفائه، لم يمل زاسيبكين خلال لقاءاته مع المسؤولين في لبنان من توضيح النهج الروسي وأهميته. وابعد من ذلك لم تتبن موسكو شعار"كلن يعني كلن" الذي أطلق من قبل ثورة 17 تشرين في لبنان وما رافقه من تصريحات ومواقف حول تغيير فئة سياسية معينة، لأن المطروح انذاك، بالنسبة اليه، كان سيقود إلى الفوضى، ومن الغير المضمون في الوقت عينه أن يصل اشخاص جدد افضل حال من الموجودين في السلطة، من هنا يؤكد زاسيبكين أن المطلوب اليوم يتمثل بتعديل النظام وليس الاشخاص والعمل على تجديد الطبقة السياسية عبر انتخابات نيابية وقانون انتخابي جديد، فـ"القانون الحالي لم أفهمه"، ففي روسيا على سبيل المثال، جرى تعديل قانون الانتخاب مرات عدة وفقا للتطورات والمستجدات، فالقانون ليس مقدساً لا يجوز المس به؛ مشيراً إلى أن ما يجري في لبنان على صعيد التفاهمات التي تحصل بين المعنيين على كل الملفات أدى إلى ابطاء العمل، فالديمقراطية التوافقية لها انعكسات سلبية في بعض الأحيان على الكثير من الاستحقاقات فطرح الانتقال إلى الدولة المدنية على سبيل المثال تعطل، علماً أن لبنان لن يشهد أي تطور من دون ولوج هذا المسار وسيبقى في الماضي مع تأكيد زاسيبكين أهمية الحفاظ على خصوصيات الطوائف والعيش المشترك. 
 
ولذلك، يرى زاسيبكين أن الموقف الرسمي الروسي في أي استحقاق لبناني رئاسي حكومي برلماني لا يمكن أن يكون لمصلحة شخص دون الآخر على الإطلاق، صحيح أن نقاشاً قد يحصل مع بعض المستشرقين والمستعربين الذين يعرفون تماما المجتمع اللبناني من أجل اجراء تقييم للشخصيات السياسية لكن لا نتدخل في خصوصية الدول واستحقاقاتها، وبالتالي فإن ما يقال حيال تمسك موسكو بالرئيس سعد الحريري للعودة إلى رئاسة الحكومة ليس دقيقا، لكننا سوف نرحب بتكليفه نظرا لعلاقتنا به وتجربة التعاون معه، وبالتالي من المسلم به، أن لا يحظى شخص لا نعرفه بالكلام نفسه.

وليس بعيداً، يستغرب زاسيبكين المبالغة في كلام البعض عن نفوذ "حزب الله" واستثمار قوته في الداخل، صحيح أن قوته لا تخفى في محاربة الإرهاب وتحقيق التوازن مع اسرائيل لكن الحديث عن تحكمه بالبرلمان والحكومة والقطاع الاقتصادي، يفتقد إلى الدقة فلا علاقة للحزب بالمصارف ولا بالـ"business" الاقتصادي. ومن هنا يشدد الدبلوماسي الروسي على أن الجيش سيبقى الضمانة الاساسية للاستقرار في البلد ويتمنى في الوقت عينه أن تبقى جيدة العلاقة بين الجيش والمقاومة لأنها تعزز الاستقرار، مع إشارته رداً على سؤال، إلى أن تسليم "حزب الله" سلاحه للجيش في مرحلة مقبلة هدف استراتيجي مبدئي، لكنه يحتاج إلى حوار، لأن طرحه من قبل البعض في ظروف حساسة ودقيقة وغير مناسبة سوف يؤدي إلى نتائج معاكسة، خاصة وأن بعض الأهداف قد تشعل النار في البلد.
 
وسط هذا المشهد، لا شك أن انفجار مرفأ بيروت قد سرع من التطورات على المستويات كافة، لكن لا بد من القول، بحسب زاسيبكين، إن الانفجار خلق" فرصة محدودة" للبنان فهو أتاح الفرصة لفرنسا والتحرك الدولي لتقديم المساعدة المستعجلة  للبنان بالإشارة إلى ضرورة تقديم المساعدات الاستراتيجية، لكن لا بد من الانتباه إلى أن هناك سباقاً بين الخطوات الواجب على المعنيين اتخاذها وفق الدستور وبين التدخل الخارجي والثورة، مع تذكيره بأن أميركا والسعودية تقليديا يلعبان دورا اساسيا في عملية تقديم للبنان عبر الدول المانحة وفرنسا ترعى مؤتمر "سيدر"، من هنا لا بد من القول إن لبنان لا يزال في قلب الانهيار، الأمر الذي يستوجب على القوى الاساسية الاسراع في تشكيل الحكومة من دون أية مماطلة، فلا وقت للانتظار لان الانفجار الاجتماعي قد يحصل في أي وقت، قائلاً إن التوقف عند المصالح المختلفة وشكل الحكومة وتركيبتها، وكأن هناك وقتاً للانتظار أمر مؤسف.
 
 
الأكيد ، وسط مل تقدم، ان زاسبيكين الذي  يتطلع الى مصلحة لبنان، اكثر من الكثير من السياسيين، قلق على لبنان ويبدي اهتماما بمصلحة الشعب اللبناني الذي يصفه بالشعب المثقف والمحب، ويقول "الحياة الاجتماعية غنية في لبنان، فالعيش المشترك بين الطوائف ثروة حقيقية، فهذه الحضارة الفريدة من نوعها يجب المحافظة عليها".
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك