بات لبنان أشبه بالمريض الذي استعصت حالته على العلاج ما وضعه أمام خيار "الموت الرحيم"، الطبقة الحاكمة فضلت الخراب عن تشكيل حكومة الفرصة الأخيرة تعيد نفحة الحياة إلى وطن يحتضر وشعب يئن من المعاناة، أوصدت الأبواب أمام الإنقاذ مما دفع رئيس الجمهورية إلى رفع شعار"الرحيل إلى جهنم".
لم ينفع التوضيح أو التبرير من تخفيف حالة الاحتقان من زلة لسان الرئيس عون واستخدام أفظع الكلمات ولو كان من باب توصيف الواقع، في حين ان أصابع الاتهام تشير إلى مسؤولية السلطة، ومن ضمنها عهد عون في إيصال الشعب اللبناني إلى مصير "جهنم " وعليهم الرحيل فورا.
يؤكد متابعون بأن الوقت يشكل عاملا محوريا في مسار الازمة الخانقة. فـ"حزب الله" نجح في قطر حركة "امل" بعد صدور العقوبات الاميركية نحو التصلب في تشكيل الحكومة، خصوصا على مسافة نحو شهر ونصف الشهرمن الانتخابات الاميركية ما قد يقلب المعادلات لصالح محور إيران الإقليمي، والذي يشكل "حزب الله" عاموده الفقري.
حاول "حزب الله" استغلال عامل الوقت وعمل على ترتيب الأوراق وتحسين الشروط. استقدم اسماعيل هنية بهدوء لى عمق الساحة اللبنانية لتثبيت وضع لبنان في قلب المحور الإقليمي من دون انتزاعه صوب الغرب. نجح في أحداث التفاف شيعي كامل حوله مستغلا العقوبات الاميركية على محيط نبيه بري، خفف الأضرار عن حليفه المسيحي عبر حمل راية التشدد بوجه المبادرة الفرنسية.
لعبة الوقت لم تتوقف عند البعد المحلي. فإيران غير مستعدة لتقديم تنازلات في لبنان، وإن إقدمت فهي لن تقدم مساعدة للطرف الفرنسي، بل ستستثمر ذلك بمحاولة تخفيف الضغوط الاقتصادية عنها، ما جعل ماكرون يستعين بأكثر من طرف إقليمي بما في ذلك الروسي أملا بانقاذ حكومة مصطفى أديب.
وقوع الانهيار إو المفاوضات الفورية، المعادلة التي تحكم مصير لبنان حيث لا ادوار تذكر للقوى المحلية سوى تلقي الوصفات الجاهزة من الخارج، و هذا ما رشح في الساعات الأخيرة عبر طرح فرنسي مستجد قوامه تنظيم مؤتمر دولي للبحث بكامل الصيغة اللبنانية.